1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

البابا بندكتس السادس عشر: "على الجميع تعبئة القوى من أجل السلام" (3)

دويتشه فيله١٤ أغسطس ٢٠٠٦

في أول مقابلة صحافية خص بها البابا بنيديكت السادس عشردويتشه فيله وأربع قنوات تلفزيونية أخرى شدد الحبر الأعظم على أهمية الإيمان في عصر العولمة ودعا إلى العمل على إحلال السلام في الشرق الأوسط.

https://p.dw.com/p/8xk1
البابا: من يؤمن فهو ليس وحيداصورة من: picture-alliance/ dpa

أيها الأب الأقدس، النساء ناشطات في مهام مختلفة داخل الكنيسة الكاثوليكية. ألا تعتقدون أن إسهامهن يجب أن يكون أكثر بروزا حتى في مناصب المسؤولية في الكنيسة؟

البابا بنيديكت السادس عشر: يجري التعمق في هذا الموضوع. كما تعلم إن إيماننا ودستور شركة الرسل يجبراننا ولا يسمحان لنا بمنح النساء السيامة الكهنوتية. ولكن لا يظنن أحد أن المسؤوليات كلها داخل الكنيسة محصورة بالكهنة فقط. تاريخ الكنيسة حافل بالمهام والمناصب. بدءا من أخوات آباء الكنيسة وصولا إلى القرون الوسطى حيث نساء عظيمات لعبن دورا رئيسيا وحتى عصرنا الحديث. يكفي التفكير بـِ إيلديغارد دي بينغين التي كانت تحتج بقوة ضد الأساقفة والبابا؛ و كاترينا السيانية و بريجيدا من السويد. على النساء في العصر الحديث أن تبحثن ـ ونحن معهن ـ عن دورهن الصحيح. النساء حاضرات اليوم في دوائر الكرسي الرسولي. ولكن هناك مسألة قضائية: وهي مسألة الصلاحيات أي أن سلطة اتخاذ القرارات حسب القانون الكنسي مرتبطة بالسيامة المقدسة. من وجهة النظر هذه هناك حدود، لكني أعتقد أن النساء، بقوتهن واندفاعهن، وبتفوقهن، وبما أسميه "قوتهن الروحية"، قادرات على إيجاد مكانهن. علينا أن ننصت إلى كلمة الله كي لا نكون نحن عائقا لا بل نفرح حين يحتل العنصر النسائي في الكنيسة مكانة فاعلة بدءا من والدة الله ومن مريم المجدلية.

أيها الأب الأقدس، يحكى مؤخرا عن سحر جديد للكثلكة. ما هي حيوية وقدرة هذه المؤسسة، العريقة في القدم، في المستقبل؟

البابا بنيديكت السادس عشر: إن حبرية البابا يوحنا بولس الثاني استقطبت اهتمام البشر وجمعت بينهم. وإن ما حصل لمناسبة وفاته يبقى أمرا فريدا من نوعه في التاريخ: مئات الآلاف من الأشخاص هرعوا إلى ساحة القديس بطرس وبقوا على أقدامهم ساعات وساعات تحركهم قوة داخلية. ثم لاحظنا هذا خلال بداية حبريتي ثم في كولونيا. من الجميل في الوقت نفسه أن تصبح خبرة الجماعة خبرة إيمان، وأن نعيش خبرة الجماعة ليس فقط في أي مكان إنما أن تصبح هذه الخبرة أكثر حيوية وتعطي للكثلكة قوتها المشعة في أماكن الإيمان. ويجب أن يحصل هذا في الحياة اليومية. على الأمرين أن يسيرا معا. من جهة أولى اللحظات الكبيرة حيث نختبر جمال وجودنا ووجود الرب لنشكل جماعة كبيرة متصالحة بغض النظر عن كل الحدود. ثم علينا أن نستمد الانطلاقة لنتحمل خلال حياتنا اليومية الأعباء والمشقات ونعيش استنادا إلى هذه الإشعاعات النيرة ونتعلم أن ندعو الآخرين للانخراط في المسيرة الجماعية. أريد أن أقول: أشعر بالارتباك أمام الاستعداد والتحضير لزيارتي وأمام ما يفعله الجميع. لقد أُعيد ترتيب بيتي وقامت مدرسة مهنية بتصليح السور. وساهم أستاذ تعليم ديني إنجيلي في تصليح السور. إنها أمور صغيرة لكنها علامة تدل على أشياء كثيرة. أرى أنها أمور رائعة وعلامة إرادة في الانتماء إلى هذه الجماعة في الإيمان وفي الخدمة المتبادلة. التعبير عن هذا التضامن والاتكال على الله: أمر يثير فيَّ مشاعر عميقة ولهذا أريد أن أوجه شكري من صميم قلبي.

أيها الأب الأقدس. تحدثتم عن خبرة الجماعة. ستزورون ألمانيا للمرة الثانية بعد انتخابكم حبرا أعظم، لمناسبة اليوم العالمي للشبيبة وبمعنى آخر لمناسبة بطولة العالم لكرة القدم، لقد تبدلت الأجواء بمعنى ما. ويبدو أن الألمان أضحوا أكثر انفتاحا على العالم وأكثر تسامحا وأكثر بهجة. ماذا تنتظرون من الألمان؟

البابا بنيديكت السادس عشر: مع نهاية الحرب العالية الثانية بدأت مرحلة تبدل داخلي للمجتمع الألماني وكذلك أيضا للعقلية الألمانية التي تقوت بفعل توحيد شطري ألمانيا. لقد انخرطنا بعمق في المجتمع العالمي وكان من البديهي أن نتحول بفعل عقلية هذا المجتمع. ما أدى إلى بروز نواح للميزات الألمانية لم تكن معروفة من قبل. ربما وصفنا البعض بأننا نظاميون بشكل مفرط ومتحفظون، وهذا أمر صحيح بمعنى ما. أما ما نراه اليوم فهو جميل للغاية: أي أن الألمان ليسوا فقط نظاميين ومتحفظين إنما أيضا عفويين، فرحين ومضيافين. وهذا أمر جميل. وآمل أن تنمو هذه الفضائل وتستمد اندفاعها من الإيمان المسيحي.

أيها الأب الأقدس. لقد أعلن سلفكم عددا كبيرا من المسيحيين طوباويين وقديسين. ويفكر البعض وربما كثيرون، وهذا هو سؤالي: تطويب وإعلان قداسة المسيحيين يحمل جديدا للكنيسة إذا ما كان هؤلاء الأشخاص نموذجا حقا. ألمانيا تعطي طوباويين وقديسين قلائل مقارنة بالبلدان الأخرى. هل بالإمكان تنمية هذا البعد الرعوي كي تعطي الحاجة لتطويب وإعلان قداسة المسيحيين ثمارا رعوية حقيقية؟

البابا بنيديكت السادس عشر: بداية كان لدي إحساس بضخامة هذا العدد الكبير من الطوباويين وبضرورة اختيار أشخاص يسهل على ضمائرنا استيعابهم. ولهذا قمت بوضع لامركزية للتطويب بهدف إبراز هذه الشخصيات على الصعيد المحلي. ربما قديس من غواتيمالا قد لا يحظى باهتمام كبير في ألمانيا أو العكس قديس من ألتوتينغ لا يستقطب الاهتمام في لوس أنجلوس، أليس هذا صحيحا؟ أعتقد أن هذه الخطوة جاءت بموافقة الأساقفة والهيئات الكنسية، وكانت متلائمة مع الواقع المحلي للبلدان الأفراد بمعنى أن لكل بلد شخصيات تحظى بتقدير خاص. ولاحظت أيضا أن هذه الشخصيات تستقطب في أوطانها مشاعر كثيرين. وسمعت الناس يقولون: "وأخيرا، واحد منا!" ويتجهون صوبه فيكون لهم مصدر وحي. الطوباوي هو لهم. ونحن سعداء بوجود عدد كبير من الطوباويين. وإذا استطعنا نحن أيضا وبشكل تدريجي، مع نمو المجتمع العالمي، التعرف عليهم فهذا حسن. لا بد من وجود التعددية حتى في هذا المضمار وبالتالي من الأهمية بمكان أن نتعلم نحن أيضا في ألمانيا التعرف على شخصياتنا البارزة لنفرح بها. إلى جانب الطوباويين هناك تقديس شخصيات عظيمة وهامة بالنسبة للكنيسة جمعاء. أقول إن على المجالس الأسقفية الأفراد أن تختار ما يلائم الكنيسة وتبرز هذه الشخصيات ـ بدون أن تكون كثيرة ـ التي تترك انطباعا عميقا. وبإمكانها أن تقوم بهذا عن طريق التعليم الديني والكرازة وربما عن طريق فيلم. بإمكاني أن أتصور أفلاما جميلة. شخصيا أعرف جيدا آباء الكنيسة: فيلم عن القديس أغسطينوس وآخر عن غريغوريوس النزينزي وتهربه المستمر من المسؤوليات الكبيرة التي كانت تلقى على عاتقه. يجب أن نتعمق أكثر فأكثر إذ ليس هناك دائما حالات سيئة فقط حيث تصور أفلام كثيرة إنما هناك شخصيات تاريخية رائعة لا تثير الملل وهي ذات طابع حالي. بكلمة لا بد من تحاشي الضغط على الناس بشكل مفرط، لا بل يجب العمل على تبيان عظمة هذه الشخصيات الحالية الطابع والتي تشكل مصدر وحي لنا.

قصص تحتوي على نوع من الفكاهة؟ في عام 1989 في موناكو مُنحتم، أيها الأب الأقدس، ميدالية كارل فالنتين أوردين. ما هو دور الفكاهة في حياة حبر أعظم؟

البابا بنيديكت السادس عشر: (يضحك) لست رجلا تخطر على باله فورا نكات. ولكن لا بد من رؤية الناحية المسلية من الحياة وبُعدها الفَرِح وبالتالي تحاشي المواقف المأسوية. وهذا أمر هام برأي وضروري لخدمتي. قال أحد الأدباء إن الملائكة قادرون على التحليق طالما أننا لا نأخذهم على محمل الجد. وربما بإمكاننا نحن أيضا أن نحلق أكثر فأكثر لو تخلينا عن إعطاء ذواتنا أهمية كبيرة.

أيها الأب الأقدس، بحكم أهمية منصبكم، فإن الاهتمام منصب عليكم. يتحدث عنكم الآخرون. ولقد اندهشت بعد أن قرأت أن البابا بنيديكت السادس عشر شخصية تختلف عن الكردينال راتسينغير. كيف ترون نفسكم، يا صاحب القداسة، إنْ صح السؤال؟

البابا بنيديكت السادس عشر: لقد تم تشريحي مرات كثيرة. البروفسور في الفترة الأولى وتلك المتوسطة، وفي الفترة الأولى كردينالا ثم في الفترة اللاحقة. والآن هناك تشريح جديد. ما من شك أن الظروف والأوضاع والبشر أيضا أمور لها تأثيرها بسبب المسؤوليات المختلفة. ولكن لنقل إن شخصيتي الأساسية نمت ومعها أيضا رؤيتي الأساسية لكن النواحي الرئيسية لم تتبدل. وأنا سعيد اليوم عندما تبرز اليوم بعض النواحي في شخصيتي لم ينتبه إليها أحد في الماضي.

بإمكاننا أن نقول إن مهمتكم تعجبكم ولا تشكل عبئا عليكم؟

البابا بنيديكت السادس عشر: هذا أمر فيه شيء من المبالغة، لأن مهمتي في الواقع فيها شيء من العناء. مع ذلك أحاول البحث عن الفرح في أداء مهامي.

خاتمة: أشكركم يا صاحب القداسة باسم زملائي أيضا على هذه المقابلة "غير المسبوقة". نحن سعداء لزيارتكم القادمة إلى ألمانيا، إلى بافيرا، إلى اللقاء.

* الترجمة كما وردت من دوائر الفاتيكان دون أي تغيير عليها.

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد