شتاينماير يبدى قلقه على المشروع الأوروبي قبيل لقائه ببوتين

مع اقتراب موعد تسلم ألمانيا الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي مطلع العام القادم وكذلك رئاسة مجموعة الدول الثماني الصناعية الكبرى تنشط الدبلوماسية الألمانية من أجل تهيئة الأجواء لاستلام هذه المهام وعرض وجهات نظرها على الأطراف الدولية المختلفة. وفي هذا السياق تأتي زيارة وزير الخارجية الألماني، فرانك فالتر شتاينماير، إلى روسيا، حيث يلتقي مع كبار المسؤولين الروس وعلى رأسهم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. ويحمل الوزير الألماني في زيارته هذه إلى موسكو عددا من الملفات العالقة. وتأتي المحاور التي تنوي ألمانيا أن تركز عليها أثناء فترة رئاستها للاتحاد الأوروبي وانعكاسات ذلك على العلاقات الروسية الأوروبية في صلب المحادثات التي سيجريها الوزير الالماني في الكرملين. ومن المنتظر أن يحتل كل من البرنامج النووي الإيراني المثير للجدل والأوضاع في الشرق الأوسط جانبا مهما من هذه المباحثات. وتتزامن هذه الزيارة أيضا مع اعتراض روسيا على مشروع قرار أوروبي يقضي بفرض عقوبات على طهران بسب برنامجها النووي.

وعلى هامش الزيارة يلتقي الوزير الألماني أيضا بعدد من زعماء المعارضة في روسيا وقادة المنظمات الحقوقية الروسية بالإضافة إلى عدد من رجالات المجتمع المدني. وسيحتل القانون الروسي الذي تم إقراره مؤخرا حول تحديد عمل المنظمات غير الحكومية وتفعيل الرقابة على مواردها المالية حيزا كبيرا من هذا اللقاء.

علاقات الاتحاد الأوروبي مع روسيا

تحكم الاتحاد الأوروبي وروسيا علاقات متشابكة ومتداخلة، تلتقي أحيانا وتتقاطع في أحيان أخرى. وفي هذا الإطار، وفي معرض جوابه على سؤال في مقابلة مطولة أجرتها معه صحيفة "زود دويتشه" الألمانية الواسعة الانتشار حول إشكالية العلاقة بين روسيا والاتحاد الأوروبي، أوضح الوزير الألماني بأن هناك "العديد من القضايا التي يجب أن توضح وخاصة فيما يتعلق بعمليات الاغتيال الأخيرة." ولكنه أشار في الوقت ذاته إلى "ضرورة أن تسعى أوروبا إلى تعزيز روح الديموقراطية وحقوق الإنسان في روسيا وذلك من خلال التعاون مع هذا البلد." وفي مسألة الطاقة قال وزير الخارجية الألماني إن "هذه المسألة تحتل جانبا مهما من علاقاتنا مع روسيا ونحن حريصون على الحصول على إمدادات الطاقة الروسية بطريقة اقتصادية وآمنة ومستمرة."

قلق ألماني على مستقبل الاتحاد الأوروبي

في ظل التحديات التي تعترض الاتحاد الأوروبي سواء من حيث آليات توسعه أو المشكلات الاقتصادية أو مشكلة الدستور الأوروبي الموحد وإلى غيره من السياسات الدفاعية والخارجية التي يغيب عنها الخطاب الموحد والمشترك، أعرب وزير الخارجية الألماني عن "قلقه" على المشروع الأوروبي وذلك في معرض مقابلته مع الصحيفة الألمانية. وأضاف قائلا: "على الرغم من الإنجاز العظيم الذي حققته أوروبا، إلا أن تحديات كبيرة ومشكلات حقيقية تواجه مستقبل المشروع الأوروبي الكبير." وفي رد على سؤال حول المهام التي تنوي ألمانيا الاضطلاع بها أثناء الرئاسة الدورية للاتحاد قال الوزير الألماني: "علينا التعامل مع العديد من القضايا الصعبة التي تمتد من الشرق حتى البلقان وكذلك نريد أن نعزز من علاقاتنا مع الدول الشرقية وأن ندفع قدما بمشروع الدستور الأوروبي الموحد." وفي الوقت ذاته أعرب الوزير عن ضرورة "التعاطي بواقعية" مع ما يمكن أن تقوم به ألمانيا في هذا الصدد، كما دعا إلى عدم "رفع سقف الأماني والتوقعات" إلى ما هو أبعد من الممكن. وفي الوقت ذاته رفض الوزير في هذه المقابلة الصحفية القول بأن قوة الاتحاد الأوروبي الآن نابعة من "ضعف" الولايات المتحدة الأمريكية بسبب انشغالها بالحرب على الإرهاب وتورطها في المستنقعين العراقي والأفغاني.

ملف الشرق الأوسط

نشطت الدبلوماسية الألمانية في الفترة الأخيرة من أجل دفع عملية السلام في الشرق الأوسط نحو الأمام من خلال الزيارات المكوكية التي قام بها وزير الخارجية إلى الشرق الأوسط ومباحثاته مع زعماء المنطقة، بالإضافة إلى استقبال برلين في الفترة القليلة الماضية عددا من قيادات منطقة الشرق الأوسط. كما أطلقت المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، عددا من التصريحات أوضحت فيها بأنها تريد أن تحيي عمل اللجنة الرباعية في الشرق الأوسط خلال رئاستها الدورية للاتحاد الأوروبي. وقال شتاينماير في مقابلته مع الصحفية الألمانية المذكورة: "لقد وصلتنا العديد من الإشارات الإيجابية من الشرق الأوسط ونحن سنعمل مطلع العام القادم على عقد اجتماع وزاري أوروبي من أجل إعادة الحياة لعمل اللجنة الرباعية وعملية السلام في الشرق الأوسط."

وفي ضوء هذه المعطيات فإن الدبلوماسية الألمانية تنتظرها مهام صعاب وتحديات دولية وإقليمية كبيرة تحتم عليها أن تتخذ مواقف وقرارات صعبة. فمن روسيا إلى الشرق الأوسط إلى قضايا الاتحاد الأوروبي الداخلية والعلاقات مع الولايات المتحدة، فكلها قضايا إشكالية.