الطاقة والمنتجات الغذائية محورا قمة الاتحاد الأوروبي وروسيا

استمرارا لتطوير العلاقات الاستراتيجية بين الاتحاد الاوروبي وروسيا يلتقي اليوم قادة الاتحاد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في هلسنكي للبحث في العديد من الموضوعات ذات الاهتمام المشترك. ومن المنتظر أن تتصدر جدول أعمال هذه القمة مسألتا الطاقة والمنتجات الغذائية والزراعية.

وفي قمة اليوم ستحاول أوروبا أن تظهر كجبهة موحدة أمام موسكو بعد أن اعترضت بولندا على بدء محادثات الشراكة الاستراتيجية الأوروبية-الروسية، إثر حظر روسي على استيراد لحومها. وجدير بالذكر أن بوتين سيلتقي مع زعماء الاتحاد الاوروبي في مبنى سابق للبرلمان يرجع إلى القرن التاسع عشر قرب ساحل هيلسنكي المطل على بحر البلطيق.

اللحوم والطاقة

خلافا للملفات الدولية الشائكة التي كان من الممكن أن تتمركز حولها القمة مثل البرنامج النووي الإيراني والوضع في العراق والشرق الأوسط وجورجيا، فإن موضوعي الطاقة واللحوم سيكونان في صلب المناقشات. إذ يعلق الأوروبيون أهمية كبيرة على اتفاق الشراكة مع روسيا، خاصة ذلك الجزء المتعلق بالطاقة. وفي هذا السياق، يأمل الأوروبيون بأن يسمعوا تطمينات روسية واضحة حول الإمدادات الروسية من الغاز والنفط لهم والتي تزداد تبعيتهم لها يوما بعد يوم.

وفي معرض حديثه عن أهمية الشراكة بين أوروبا وروسيا ، قال رئيس المفوضية الأوروبية خوسيه مانويل باروسو: "إن مصالحنا متصلة بشكل وثيق وأن تعاونا عميقا يقوم على مبادىء شفافة سيفيد الطرفين". وفي الإطار ذاته، قال رئيس الوزراء الفلندي، فانهانن: "أنا مقتنع بوجود توافق بين الأوروبيين على المسائل التي ناقشناها في قمة الاتحاد الاوروبي في لاهتي، ولاسيما المتعلقة بالطاقة وحاجاتنا منها".

الفيتو البولندي

قد يشكل الموقف البولندي الرافض للشراكة الاستراتيجية مع روسيا في ضوء استمرار موسكو فرض حظر على استيراد اللحوم والمنتجات الزراعية البولندية إحراجا لجهود الاتحاد الاوروبي، لاسيما وأنها بلد حديث العهد نسبيا في انضمامها للاتحاد الأوروبي، في الوقت الذي يحاول فيه الاتحاد العمل على تجاوز الخلافات مع روسيا بشأن إمدادات الطاقة. ولطمأنة بولندا اقترحت فنلندا أن تصادق البلدان الـ 25 في الاتحاد الاوروبي على إعلانين، تطلب في الأول منهما من روسيا رفع هذا الحظر في أسرع وقت ممكن وتذكر في الثاني بأن المفاوضات حول الشراكة يمكن وقفها في أي وقت بعد بدئها وهو أمر رفضته بولندا. ويبدو أن التعنت البولندي مدعوم بمواقف دول شرقية أخرى، فقد أكد وزير الخارجية الروماني في زيارة له إلى بولندا للتحضير للقمة: "سنعزز جبهة الرفض لورقة الطاقة الروسية وسنحارب معا ضد المواقف الروسية." وبدوره قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في تحذير مبطن لبولندا ودول شرق أوروبا بأنها "تغامر بإحداث انقسامات جديدة في أوروبا بالتعامل مع روسيا كعدو بدلا من التعامل معها كشريك استراتيجي." كما قال بوتين في انتقاد له لرومانيا وبلغاريا بسبب مواقفهم المتشددة من روسيا وقرب انضمامهم للاتحاد الأوروبي: "إنه أمر مؤسف أن تقوم رومانيا وبلغاريا بمثل هذه الخطوة دون أن تجري مشاورات مسبقة معنا بهذا الخصوص."

وقي السياق ذاته، كتب الرئيس الروسي في مقالة نشرها في صحيفة فاينانشال تايمز البريطانية بأن بعض الدول في أوروبا تحاول إدخال العلاقات الأوروبية الروسية في"قالب عفا عليه الزمن هو قالب الصديق والعدو، لكن ما من شيء يخيف في الاعتماد النامي المتبادل بين الجانبين." وتجدر الإشارة هنا إلى أن روسيا منعت الواردات البولندية من اللحوم وأغذية أخرى قبل عام بعد اكتشاف شهادات بيطرية مزورة. وأما بولندا فتقول بأن بلادها أوفت بكل الشروط المطلوبة للتصدير للسوق الروسية. وفي هذا الصدد، طالب رئيس وفد المفوضية الأوروبية، مارك فرانكو، في مباحثات سابقة أجراها مع المسؤولين في موسكو روسيا بضرورة "رفع الحظر المفروض على استيراد اللحوم البولندية."

تفاؤل حذر

عبر المنسق الأعلى للسياسة الخارجية والأمن في الاتحاد الأوروبي، خافيير سولانا، عن "تفائله الحذر" بنجاح هذه القمة، نظرا لوجود بعض الخلافات القائمة حول اتفاق الشراكة مع روسيا، معتبرا في الوقت ذاته بأن "هذه الخلافات يمكن تجاوزها." وفي الإطار ذاته، اعتبرت مفوضة الشؤون الخارجية في الاتحاد الاوروبي بينيتا فيريرو-فاندلر بأن "العلاقات بين روسيا والاتحاد الأوروبي رغم الفيتو البولندي لن تفسد." كما أضافت قائلة: "هناك العديد من القضايا ذات الاهتمام المشترك التي يمكن مناقشتها والاتفاق عليها."

مسألة الجاسوس الروسي

يتوقع المراقبون أن تلقي وفاة الجاسوس الروسي السابق الكسندر لتفينينكو في لندن إثر تعرضه للتسمم، فيما وصف على أنه مؤامرة نسقها الكرملين، بظلالها على قمة اليوم. وكان هذا الجاسوس الروسي المعارض للرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد توفي في احدى مستشفيات لندن، حيث كان يعالج إثر تعرضه للتسمم. ومن جهته صرح اندري نيكراسوف صديق عميل الاستخبارات السابق بأن ليتفينينكو قال له إنه "يتمنى ان ينجو ليتمكن من تأديبهم"، في إشارة منه الى الكرملين. وتابع نيكراسوف أن صديقه همس في أذنه الثلاثاء قائلا: "الأوغاد تمكنوا من ضربي، لكنهم لن يتمكنوا من الجميع".

ويذكر أن الانتقادات الأوروبية أخذت تتعالى ضد روسيا بسبب تراجع العملية الديموقراطية وتكميم أفواه الأصوات المعارضة وتقييد حرية الصحافة وقتل الصحفيين. ولكن على الرغم من عظم هذه القضايا إلا أن الغاز الروسي وتعطش أوروبا إليه قد يكونان كفارة للخطايا الروسية. وكذلك انقسام المواقف بين دول الاتحاد الأوروبي وعدم الاتفاق على رؤية واضحة ومحددة من شأنه أن يشكل تربة خصبة لجعل المناورات الروسية وتكتيكاتها تؤتي ثمارها من خلال الحصول على مكاسب تجارية واقتصادية، بعيدا عن فتح ملفات حقوق الإنسان والعملية الديموقراطية والحريات العامة.