أوكرانيا تحشد استعدادا لغزو روسي محتمل وبوتين يتمسك بشروطه
٢٣ فبراير ٢٠٢٢
قال وزير الأمن والدفاع الوطني الأوكراني أوليكسي دانيلوف بعد اجتماع مجلس الأمن الأوكراني إنه "ينبغي للبرلمان الأوكراني أن يصادق على هذا القرار في غضون 48 ساعة". وإذا أقرّت، ستطبق حالة الطوارئ على كل أنحاء أوكرانيا باستثناء المنطقتين الانفصاليتين الشرقيتين المدعومتين من روسيا حيث اندلع تمرد دام أودى بحياة أكثر من 14 الف شخص منذ العام 2014.
وأوضح دانيلوف أن كل منطقة من مناطق أوكرانيا ستكون قادرة على اختيار الإجراءات التي سيتم تطبيقها "اعتمادا على ضرورتها". وتابع "ماذا يمكن أن تكون؟ قد تكون تعزيزا للنظام العام". ولفت إلى أن الإجراءات "قد تشمل تعليق أنواع معينة من وسائل النقل وزيادة عمليات تفتيش المركبات ومطالبة الناس بإبراز أوراق ثبوتية" واصفا ذلك بأنه إجراء "وقائي".
وفي خطوة موازية تمّ الإعلان عن تعبئة جنود الاحتياط وقالت القوات البرية الأوكرانية في رسالة على فيسبوك "سيتم استدعاء جنود الاحتياط الذين تتراوح أعمارهم ما بين 18 و60 عاما... الدعوات ستبدأ اليوم. والحد الأقصى لفترة الخدمة هو عام واحد".
إلى ذلك، صوّت البرلمان الأوكراني لصالح الموافقة في القراءة الأولى على مشروع قانون يعطي الأوكرانيين الحق في حمل السلاح والتصرف دفاعا عن أنفسهم. وعزا البرلمان القرار إلى "التهديدات والمخاطر القائمة على مواطني أوكرانيا". كما دعت وزارة الخارجية الأوكرانية مواطنيها إلى مغادرة روسيا في أقرب وقت ممكن خوفا من تصعيد عسكري من موسكو.
"بداية غزو" روسي لأوكرانيا
يأتي ذلك بعدما وصف الرئيس الأمريكي جو بايدن، الضوء الأخضر الذي أعطاه البرلمان الروسي الثلاثاء لدخول القوات الروسية إلى دونباس الأوكرانية، حيث تقع منطقتا لوهانسك ودونيتسك الانفصاليتين، بأنه"بداية غزو" للبلاد، فيما جددت بريطانيا تحذيراتها من أن احتمالية هجوم روسي على أوكرانيا "كبير جدا". وهو ما ذهب إليه أيضا الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ في أحدث تصريحاته مشددا على إنّ "كلّ الدلائل تشير إلى أن روسيا تواصل التخطيط لهجوم واسع النطاق على أوكرانيا".
وعمدت الدول الغربية على الفور على إقرار دفعة أولى من العقوبات ردّاً على الاعتراف بالمنطقتين الانفصاليتين. وعلى المستوى الأوروبي سيبدأ سريان العقوبات بمجرد نشرها في الجريدة الرسمية للاتحاد، وهي خطوة متوقعة في وقت لاحق اليوم الأربعاء.
وتركز العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وبريطانيا وأستراليا وكندا واليابان على البنوك والنخبة الروسية. لكن واشنطن أوضحت أن العقوبات التي تمّت الموافقة عليها أو تلك التي قد تفرض لاحقا لن تستهدف تدفقات النفط والغاز.
ومقارنة بتلك التي توعّد بها الغرب في حال غزت موسكو كييف، تبقى العقوبات المعلن عنها متواضعة، بينما اعتبرها أندريه ميلنيك، سفير أوكرانيا في ألمانيا في تصريحات لمحطة "دويتشلاند فونك" الإذاعية الألمانية الأربعاء، بأنها "قد تكون متأخرة"، موضحا أنها كانت ستكون أكثر فاعلية لو فرضت بعد ضم روسيا لجزيرة القرم 2014، لان ذلك من شأنه أن يحد من خطط بوتين "التي تهدد العالم بأسره" وليس فقط أوكرانيا، على حد قوله.
من جانبها قالت وزارة الخارجية الروسية في بيان "يجب ألا يكون هناك شك في أنه سيكون هناك رد قوي على العقوبات، ليس بالضرورة متناسبا، لكنه محسوب جيدا ومؤلم للجانب الأمريكي".
ألمانيا يمكنها الاستغناء على الغاز الروسي
ومن أبرز التدابير المتخذة ضد روسيا، إعلان ألمانيا تعليق خط أنابيب الغاز نورد ستريم 2 لنقل الغاز الروسي إلى أوروبا، في خطوة قال عنها وزير الدولة الفرنسي للشؤون الأوروبية كليمان بون "أن يتّخذ الألمان قرارا مماثلا في موضوع مهم مثل توريد الغاز (...) هو إشارة وبادرة قوية جدا".
وبهذا الصدد صرح وزير الاقتصاد الألماني والمناخ روبرت هابيك غداة اتخاذ برلين لهذا القرار، أن بلاده ستكون قادرة على الاستغناء عن الغاز الروسي على المدى الطويل إذا لزم الأمر والذي ما زالت تعتمد عليه بشكل كبير للحصول على طاقتها. وقال هابيك إنه إذا كان على برلين التخلي عن الغاز الروسي تماما يوما ما، سيتسبب ذلك في البداية بـ "فجوة كبيرة" يجب سدها في سوق الطاقة مع ما يترتب على ذلك من "ارتفاع في سعر الغاز". مضيفا أنه وفي النهاية، فإن غاز غازبروم يمكن "تعويضه" من موردين ومصادر طاقة أخرى، وفق الوزير.
وكان يفترض أن يزيد خط أنابيب الغاز الذي اكتمل إنشاؤه لكن لم يدخل قيد التشغيل، من اعتماد ألمانيا على موسكو لتزويدها بـ70 % من إجمالي شحنات الغاز.
أمن روسيا "غير قابل للتفاوض"
في المقابل، أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الأربعاء أن مصالح بلاده وأمنها "غير قابلة للتفاوض". وجاء ذلك في كلمة متلفزة بمناسبة يوم المدافع عن الوطن، متعهدا مواصلة تعزيز قدرات الجيش الروسي.
في ذات الوقت جدد بوتين "انفتاحه"على "حوار مباشر وصريح" مع الغرب "لإيجاد حلول دبلوماسية لأكثر المشاكل تعقيدا". واعتبر الرئيس الروسي أن مخاوف بلاده لا تزال "من دون أجوبة".
وتطالب روسيا المتهمة بحشد 150 ألف جندي على الحدود الأوكرانية لغزو جارتها الموالية للغرب، بتعهد بعدم قبول عضوية أوكرانيا في حلف شمال الأطلسي أبدا، كما دعت مساء الثلاثاء إلى "أوكرانيا منزوعة السلاح" بالإضافة إلى تنازلات إقليمية للانفصاليين الموالين لروسيا.
وترك بوتين الجدول الزمني لإرسال القوات إلى شرق أوكرانيا غير معروف. ويبقي بوتين الذي يضبط منذ بداية الأزمة إيقاعها، غامضا ولا يكشف عن نواياه. وهناك احتمالات عدة بين أن تغزو روسيا أوكرانيا كاملة أو توسّع منطقة سيطرة الانفصاليين أو تستغل الوضع الجديد في عملية التفاوض وهي تعلم أن وجودها في الداخل الأوكراني غير مرغوب فيه وينظر إليه كقوة احتلال.
الصين: "واشنطن تصب ازيت على النار"
من جهتها، اتهمت الصين الولايات المتحدة بتصعيد الأزمة. وقالت هويا تشونيينغ، ناطقة باسم وزارة الخارجية الصينية أمام الصحافيين إن "الولايات المتحدة تواصل بيع أسلحة لأوكرانيا ما يزيد التوترات ويثير هلعا كما أنها تعبث بجدول حرب". واعتبرت المتحدثة أن الدور الذي قامت به الولايات المتحدة في هذه الأزمة هو "صبّ الزيت على النار واتّهام الآخرين، هو تصرّف غير أخلاقي وغير مسؤول"، تقول الأخيرة.
و.ب/ع.ج.م (أ ف ب، د ب أ، رويترز)