هل "كنز ويلفين" من الكنوز الفنية التي نهبها النازيون؟
١٨ فبراير ٢٠٢٥
قطع فنية بشكل ذراع ويد، وصلبان، ورسومات قديسين - منقوشة بدقة في الذهب والفضة، ومرصَّعة بالصدف والكريستال والعاج: يعد كنز ويلفين من أهم كنوز العصور الوسطى. ويضم 44 تحفة فنية من فن الكنيسة في العصور الوسطى. وأسرة ويلفين من أقدم أسر النبلاء والأمراء في أوروبا وقد جمعت العديد من الكنوز، التي تقدر قيمها بمئات ملايين اليورو. وما يزال بالإمكان مشاهدة هذه التحف الثمينة في معرض لوحات برلين - حتى الآن: وذلك بعدما تجدد طرح السؤال إن كان مالكها الشرعي هو مؤسسة التراث الثقافي البروسي (SPK) أم أنَّها من الأعمال الفنية التي نهبها النازيون.
مع أنَّ هذه القضية كانت تبدو واضحة منذ زمن طويل: فقد تم بيع كنز ويلفين خلال الحقبة النازية إلى الدولة البروسية من قبل اتحاد تجار يهود من مدينة فرانكفورت، كانوا قد اشتروه من الأسرة النبيلة في عام 1929. وبعد الحرب العالمية الثانية، انتقل إلى ملكية مؤسسة التراث الثقافي البروسي. وقبل عشرة أعوام، قررت لجنة "ليمباخ" الاستشارية أنَّ كنز ويلفين ليس من الفن المنهوب. ويبدو أنَّ لجنة الخبراء لم تجد أي دليل يثبت أنَّ عملية البيع كانت بالقوة والإكراه من قبل النازيين. وفي عام 2023، رُفضت الدعوى التي رفعها الأحفاد في المحاكم الأمريكية من أجل تسليمهم كنز ويلفين.
نزاع قانوني حول الكنز
منذ عام 2008 يطالب الورثة اليهود بتعويضات. وبذلك بدأ نزاع قانوني. فقد قدَّرت مؤسسة التراث الثقافي البروسي قيمة الكنز بـ 100 مليون يورو، بينما قدر قيمته الورثة المشتكون بـ 260 مليون يورو. وفي عام 2022 ظهرت في أرشيفات ولاية هيسن وثائق تثير الشك في أنَّ عملية بيع كنز ويلفين لم تكن من دون إكراه، كما كان يفترض حتى ذلك الحين.
بيع بالإكراه؟
وهذه الوثائق تفيد بأنَّ أليس كوخ - وهي امرأة يهودية شريكة في ملكية كنز ويلفين، وكانت تملك ربعه - قد استلمت مليونًا ومائة وخمسة عشر ألف مارك في عام 1935، ولكن هذا المبلغ سُلب منها بعد ذلك مباشرة باعتباره "ضريبة الهروب من الرايخ" الألماني.
"ضريبة الهروب من الرايخ كانت أداة لسلب أملاك المواطنين اليهود، الذين كانوا يريدون مغادرة البلاد"، كما قال محامي الضحايا البرليني يورغ روسباخ لإذاعة روندفونك برلين براندنبورغ (RBB): "من دون دفع ضريبة الهروب من الرايخ لم تكن توجد شهادة براءة ذمة ضريبية، ومن دون شهادة براءة الذمة الضريبية لم يكن يوجد تصريح مغادرة".
وتظهر وثيقة غير معروفة سابقًا أنَّ أليس كوخ قد حصلت على شهادة ضريبية للهروب من الرايخ - مقابل أكثر من مليون مارك. ومن دون هذه الشهادة لم تكن ستتمكن من الهروب من ألمانيا النازية. وبعد أربعة أيام فقط من تلقيها القرار الضريبي، دفعت أليس كوخ هذه الضريبة، وحصلت على شهادة براءة ذمة من مكتب الضرائب، واستطاعت مغادرة ألمانيا النازية.
هل تتم الآن إعادة فتح القضية؟
وبالتالي هل يمكن أن تشكل هذه الوثيقة نقطة تحول في كنز ويلفين؟. ليس تمامًا: لأنَّ لجنة الأعمال الفنية المنهوبة لا يمكنها إعادة فتح القضية إلا إذا وافقت على ذلك مؤسسة التراث الثقافي البروسي أيضًا. وبعد أشهر من التردد، يبدو أنَّها مستعدة لذلك الآن. فقد ذكرت اللمؤسسة في تصريح لها إنَّها "ستوافق على إجراء بحث، إذ تم توضيح المتطلبات وفقًا لقواعد الإجراءات". ويجب عليها من أجل القيام بذلك أن تتصل من جديد باللجنة ومحامي أحفاد أليس كوخ "من أجل توضيح الأسئلة التي ما تزال معلقة".
في حين أنَّ رئيس اللجنة، المحامي هانس يورغن بابير، يريد تسريع القضية، ويقول إنَّ: "مؤسسة التراث الثقافي البرويسي ملزمة (...) بالموافقة على طلب الاستئناف المقدم من اللجنة على الفور. أما فحص قبوله فهو من اختصاص اللجنة وحدها".
وعلى الرغم من عدم وجود قانون لإعادة الممتلكات في ألمانيا حتى الآن، إلا أنَّ ألمانيا ترى نفسها ملتزمة بمبادئ إعلان واشنطن لعام 1998. ويجب بحسب هذا الإعلان إيجاد "حلول عادلة ومنصفة" بخصوص الأعمال الفنية التي نهبها النازيون. وهذه حتى الآن مهمة اللجنة المعروفة باسم لجنة ليمباخ، وقد سُميت على اسم رئيستها الأولى، القاضية الدستورية المتوفاة يوتا ليمباخ. وفي المستقبل ستحكم في القضايا الخلافية هيئات تحكيم، يمكن للخصم أن يلجأ إليها، على العكس مما كان معمولًا به في الماضي.
أعده للعربية: رائد الباش