مؤسسة الإرث الحضاري البروسي: مثال عالمي فريد لحفظ التراث
٢١ أغسطس ٢٠٠٧تعد مؤسسة الإرث الحضاري البروسي Stiftung Preußischer Kulturbesitz من إحدى أهم مؤسسات العالم في مجال حفظ الكنوز الأثرية والأعمال الفنية. ورغم أنها أسست عام 1957 بهدف حفظ تراث الدولة البروسية إلا أن المتاحف التابعة للمؤسسة تضم قطعا أثرية من شتى أنحاء العالم مثل مذبح مدينة بيرغامون اليونانية وتمثال الملكة الفرعونية نفرتيتي وأيضا أعمال الرسام الإيطالي الشهير بيكاسو.
تحف أثرية وفنية فذة
تدير هذه المؤسسة 16 متحفا في ألمانيا من بينها المتحف المصريDas ägyptische Museum في برلين والمتحف الوطني القديم Alte Nationalgalerie والمتحف الوطني الجديد Neue Nationalgalerie الذي يضم أعمال لكبار الفنانين الألمان والأوروبيين أمثال ديرر وتيتسان وروبينس ورمبرانت. ولعل أكبر مجموعة من القطع الأثرية هي تلك التي يضمها متحف البيرغامون Pergamon Musuem في برلين الذي يبلغ عدد القطع الأثرية التي تغني معروضاته حوالي 500 ألف قطعة من أفريقيا وآسيا وأمريكا وأستراليا. كذلك تشمل أملاك المؤسسة مكتبة الدولة Staatsbibleothek في برلين التي تضم نحو 10 ملايين كتابا بالإضافة إلى الإرشيف السري الذي تمتد طول الوثائق فيه إلى ما يقارب 35 كيلومترا.
تاريخ عريق ودور عالمي فريد
وترجع بدايات جمع الإرث البروسي إلى القرن السابع عشر ووصلت إلى أوجها في القرن التاسع عشر. وكانت الدولة البروسية في أوج قوتها خلال القرن الثامن عشر والتاسع عشر حينما سيطرت على أجزاء واسعة من أوروبا. وكانت الأراضي التي أقيمت عليها الدولة الألمانية الحالية هي الأجزاء الأساسية للدولة البروسية التي كانت آخر عاصمة لها مدينة برلين حين انتهى وجودها مع صعود الحركة النازية إلى الحكم في ألمانيا في أوائل الثلاثينيات من القرن المنصرم.
وفي عام 1957 قررت الحكومة الفدرالية الألمانية في غرب ألمانيا تأسيس مؤسسة الإرث البروسي، وهو قرار يصفه رئيس المؤسسة كلاوس-ديتر ليمان بأنه قرار "بعيد النظر" حيث تم وضع المتاحف والمكتبات والسجلات تحت تصرف المؤسسة، وهو "أمر فريد من نوعه في العالم" كما يقول ليمان. وبعد توحيد شطري ألمانيا عام 1990 انضمت المتاحف التي كانت في الجزء الشرقي من برلين إلى مؤسسة الإرث الحضاري البروسي وأصبحت المؤسسة بذلك أكبر مؤسسة من نوعها على مستوى أوروبا، إذ يعمل فيها 2000 موظف وتبلغ ميزانيتها 250 مليون يورو في السنة.
مشاريع ترميم ضخمة
وتقف المؤسسة اليوم على أعتاب مرحلة مهمة حيث أنها ستبدأ بترميم "جزيرة المتاحف" في برلين والتي تخضع لإدارة المؤسسة. وكانت هذه الجزيرة قد وضعت عام 1999 على لائحة اليونسكو للتراث الإنساني. وستكلف عملية الترميم هذه مبلغا ضخما يربو عن المليار يورو. ومن بين المشاريع الأخرى المهمة التي ترغب المؤسسة في إنجازها إعادة بناء قصر هوهين تسولرن الذي يقع في قلب مدينة برلين، حيث ستُعرض فيه مجموعات أثرية غير أوروبية في حلة جديدة. ويأمل القائمون على الشروع أن تجديد هذه المتاحف وإعادة ترميمها في استقطاب عدد كبير من الزوار ليتحول على إثرها القصر إلى معلمة سياحية جديدة ضمن قائمة المعالم الثقافية والسياحية التي تزخر بها مدينة برلين.