1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

الشوكولاتة.. معشوقة الملايين السمراء في متحف كولونيا

١٨ ديسمبر ٢٠١٠

عندما قرأت أن "متحف الشوكولاتة" هو أحد أبرز المعالم السياحية في مدينة كولونيا، الواقعة غرب ألمانيا، لم أهتم كثيرا، وتركته في ذيل قائمة الزيارات. تصورت أنه لن يعدو كونه متحفا لتماثيل مصنوعة من الشوكولاتة، ولكم كنت مخطئة.

https://p.dw.com/p/QY1a
الشوكولاتة بلونيها.. معشوقة الجنسين
الشوكولاتة بلونيها.. معشوقة الجنسينصورة من: Illuscope

قارب زجاجي قابع على أحد موانئ نهر الراين في قلب كولونيا. إليه يدلف عشاق الشوكولاتة لمدينة أحلامهم. تستقبلك رائحة الكاكاو وأنت على باب المتحف، ولكن لمزيد من التشويق، لا تراها أو تتذوقها طوال النصف الأول من الجولة، إذ تجد نفسك في البداية مشدوها بقصة زراعة حبة كاكاو، في جولة مصورة يتعلم منها الكبير قبل الصغير. المتحف هو في الواقع مصنع يمارس فيه العمال مهامهم أمام الزوار وبينهم. يتفاعلون مع الأطفال أثناء انهماكهم في تعبئة الشوكولاتة وتغليفها. ويعد هذا المصنع وحدة إنتاج مصغرة للمصنع الفعلي الواقع خارج مدينة كولونيا.

كان ذلك هو أول ما يثير الإعجاب في المتحف، الذي حولته فكرة مبدعة من مجرد مصنع إلى مزار سياحي شيق لجميع الأعمار، فضلا عما يدره من عائد مادي من قيمة التذكرة، التي تتكلف 7.5 يورو للبالغين، و 7 يورو للفرد في مجموعة مكونة من 15 شخصا، و4.5 يورو للفرد إذا ما كان ضمن مجموعة مكونة من أكثر من 15 شخصا. أما الأسر، فيمكنها الدخول بتذكرة قيمتها 21 يورو للأب والأم وأي عدد من الأطفال. ورغم غلاء قيمة التذكرة، وخلافا لمتاحف خاصة أخرى غير تابعة للدولة، فإن الخبر السار للصحفيين هو أن المتحف يسمح لزواره من الصحفيين بالدخول مجانا، إذا كانوا حاملين لبطاقة الصحفي الدولي.

الراين من الخارج ونافورة الشوكولاتة بالداخل
معشوقة الملايين في ألوان وأشكال مختلفة...حلاوة الشكل والمذاق مضمونة في متحف الشوكولاتة في كولونيا الألمانية.صورة من: AP

من أكثر عشرة متاحف ارتيادا في ألمانيا

المثير للإعجاب أيضا هو إبداع القائمين على المتحف في فن وعلم صناعة المتاحف، وإدراكهم لأهميتها كوسيلة تثقيفية وترفيهية في آن. ربما لهذا السبب يعد مصنع الشوكولاتة في كولونيا واحدا من أكثر عشرة متاحف يرتادها السياح في ألمانيا. ولعل ذلك يفسر أيضا ضرورة وجود عائد ربحي عالي لإدارة المتحف، بما يتيح تحديثه، ومن هنا كانت رسوم الدخول مرتفعة نسبيا. وعلقت دوري آندريا، منسقة شؤون المعارض في المتحف، على ذلك قائلة لـ "دويتشه فيله" : "متحفنا خاص ولا نتلقى أي أموال من الدولة، لذلك علينا أن نوفر مصدر دخل، وهو ما يوفره جزئيا بيع التذاكر. هناك نفقات كثيرة على قطاعي الإنتاج والطاقة، كما نقوم بتطوير معرضنا كل 3 أو 4 أعوام، حتى نكون مواكبين لأحدث ما يطرأ على صناعة الشوكولاتة".

يستهل الزوار رحلتهم بقاعة الصور والمعلومات، يسبحون خلالها في بحور الشوكولاتة، التي يعود تاريخها إلى 3000 عاما. ويروي لك المتحف بالصور قصة تلك المعشوقة السمراء وهي لم تزل بعد حبة كاكاو استوائية قبل أن تعيد الثورة الصناعية اكتشافها لتحولها من مجرد مشروب بديل للبيرة لا يستطيع تحمله سوى المقتدرين، إلى مادة غذائية يمكن تصنيعها في قوالب متباينة الأنواع والأحجام، بحيث تسنى للطبقة المتوسطة شراؤها.

بعد تلك الجرعة المعلوماتية، يمر الزوار عبر صوبة زراعية مغلقة، بها شجرة كاكاو ضخمة، وقد تم تكييفها بدرجة حرارة المناطق الاستوائية، التي تنبت فيها تلك الحبة، وكأنك في غابات الأمازون، بما في ذلك من جو رطب خانق، وعليك أن تتحمل الحرارة والدوار إذا كنت فعلا من عشاق الشوكولاتة. لكنهم يتركون لك خيارا آخر، إذا كانت صحتك لا تتحمل الرطوبة، إذ يمكنك المرور بجوار الصوبة ومشاهدة الشجرة عبر زجاج فاصل.

متحف تجسيدا لحلم عاشق متيم

الراحل إيمهوف.. مؤسس المتحف.. عاش عمره مع الشوكولاتة ومن أجلها
الراحل إيمهوف.. مؤسس المتحف.. عاش عمره مع الشوكولاتة ومن أجلهاصورة من: picture-alliance/ dpa

وعند انتهاء مرحلة استخراج الشوكولاتة، يدخل الزوار مرحلة صناعتها وتقطيعها بأشكالها المختلفة ثم تغليفها، لذا يجوب السياح في طرقات آمنة مخصصة لهم بين عمال المصنع لمشاهدتهم وهم يمارسون عملهم اليومي بشكل طبيعي، سواء عبر زجاج فاصل إذا ما كانت هناك ماكينات ومعدات قد تؤذي رواد المتحف، أو عبر الاحتكاك المباشر مع العاملين الذين يحرصون على تقديم قطع البسكويت المحلى بالشوكولاتة الساخنة لعشاقها.

وكان المتحف قد افتتح رسميا في (31 ديسمبر - كانون الأول) عام 1993، تجسيدا لحلم صاحبه "هانز إيمهوف"، عاشق الشوكولاتة، الذي ولد عام 1922 في مدينة كولونيا، حيث عاش منذ صغره متيما برائحة الكاكاو، التي كانت تفوح من مصنع "شتولفيرك" المجاور لمسكن أسرته. وتقول "آندريا" إن "إيمهوف"، الذي تحل الذكرى الثالثة لوفاته يوم 21 ديسمبر الجاري، حقق حلمه تدريجيا بشراء مصنع "شتولفيرك". وأضافت أنه "بدأ أول معرض له عام 1989.. وحقق فيه نجاحا كبيرا. من هنا بدأت فكرة إقامة متحف لتاريخ الشوكولاتة ولتعريف الزوار بكيفية صناعتها".

وبينما باع "إيمهوف" مصنع "شتولفيرك" لمالك جديد، احتفظ بالمتحف الذي انتقل لملكية ورثته بعد وفاته عام 2007. ويدين المتحف بالكثير من مكوناته إلى "كنز" عثر عليه "إيمهوف" من مخلفات المصنع عند شرائه، إذ قام أصحابه القدامى بإلقاء ماكينات شوكولاتة قديمة وعلب معدنية ومغلفات، رأى فيها عاشق الشوكولاتة رأسمال كاف لإقامة متحفه. ولم يكتف "إيمهوف" بذلك بل طلب من متخصصين دراسة هذه الماكينات وتأريخ كل منها ليضيف معلومات ذات مصداقية لمحتويات متحفه.

الترفيه للجميع ...من الكبار والصغار

متحف الشوكولاتة على ضفاف الراين في كولونيا
متحف الشوكولاتة على ضفاف الراين في كولونياصورة من: Schokoladenmuseum Köln

ومن الأمور اللافتة في متحف الشوكولاتة هي عنايتهم بتوفير مرشد سياحي للصم والبكم، وعنايتهم الخاصة بتخصيص وسائل تعليمية وترفيهية للأطفال، من خلال لعب تناسب كافة الأعمار، منها إبداع أعمال فنية باستخدام الشوكولاتة نفسها، وذلك لمساعدتهم على قضاء وقتهم في أعمال مسلية ومفيدة، إذا ما انشغل آباؤهم بالجانب المعلوماتي المتعلق بتاريخ وثقافة تناول الشوكولاتة.

بقي أن ننبه إلى أنه قبل تناول تلك الجرعة "الحلوة"، التي تختتم في كافتيريا المتحف بكاكاو دافئ يكسو الكيك المحشوة بحبات الشوكولاتة، ينبغي عليك زيارة مصنع ومتحف "المستردة"، المواجه لبوابة خروج متحف الشوكولاتة، لتحظى بوجبة شهية من شاطر ومشطور بينهما شارع.

أميرة محمد

مراجعة: شمس العياري

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد