1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

اقتصاد يترنح.. صراع حزب الله وإسرائيل يعمق الأزمة الاقتصادية

٥ أكتوبر ٢٠٢٤

تكبد الاقتصاد اللبناني خسائر فادحة عقب التصعيد الأخير بين حزب الله وإسرائيل خاصة بعد مقتل أمين عام الحزب حسن نصر الله. ولم يكن الاقتصاد اللبناني في أحسن حال قبل الحرب. فكيف ينظر الناس إلى ذلك وكيف يؤثر على حياتهم؟

https://p.dw.com/p/4lEKR
دمار خلفته غارة إسرائيلية في بيروت
قال الخبير الاقتصادي روي بدارو: "تدفع ضواحي جنوب بيروت، حيث تتركز أغلب الضربات الإسرائيلية، الثمن الباهظ للحرب".صورة من: Louisa Gouliamaki/REUTERS

قابعا داخل متجره الصغير لتبديل العملات، لم يجد العجوز اللبناني فاروق خوري (86 عاما)، مفرا من متابعة نشرات القنوات الإخبارية واحدة تلو الأخرى لمعرفة أحدث مستجدات الصراع بين حزب الله و إسرائيل عقب مقتل أمين عام الحزب حسن نصر الله.

وباتت مشاهدة النشرات الاخبارية الشيء الوحيد الذي يقوم به فاروق؛ إذ لم يستقطب متجره زبائن خلال الأيام الماضية.

وفي مقابلة مع DW، قال فاروق "اليوم لدي بعض الأموال لأقوم بصرفها، لكن غدا، لا أعلم". وبينما كان يتابع نشرات الأخبار، حدقت النظر في لافتة معلقة داخل المتجر كُتب عليها "عام 1975" في إشارة إلى تاريخ اندلاع الحرب الأهلية في لبنان. وبنبرة يعتصرها الآسي، قال فاروق "ربما سأغلق متجري غدا، لا أعلم شيئا".

وتوقع البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية يوم الخميس (26 سبتمبر/ أيلول) تراجعالاقتصاد اللبناني بشكل إضافي في العام 2024 بسبب الظروف الجيوسياسية، لا سيّما التصعيد الراهن بين إسرائيل وحزب الله.

وقال المصرف إن الاقتصاد اللبناني سوف ينكمش بنسبة واحد بالمئة خلال السنة الجارية في تبدّل جذري عن تقديراته في أيار/ مايو حين رجّح تحقيق لبنان نموا طفيفا في عام 2024.

وحتى قبل مقتل نصر الله، دعت العديد من الدول رعاياها المقيمين في لبنان إلى مغادرته على الفور بالتزامن مع إلغاء شركات الطيران الدولية رحلاتها من وإلى لبنان. وفي ذلك، قال فاروق "كُنت افتح متجري قبل التصعيد خمسة أيام في الأسبوع، فقد كان هناك سياح من فرنسا ودول أخرى يأتون لتبديل العملة لكن الآن لا أحد يأتي".

ويبدو أن مشهد مغادرة الأجانب لم يثقل كاهل فاروق وحده. ففي داخل المقهى الصغير الذي تعمل فيه الشابة بيرلا تاتروس (19 عاما)، إنها لم تر زبائن أجانب خلال الأيام الماضية. وأضافت "ليس الزبائن الأجانب فقط، لكن لم يأت إلى المقهى زبائن لبنانيون أيضا. ليس هذا بسبب الحرب فقط وإنما أيضا بسبب الأزمة الاقتصادية قبل الحرب".

الصراع بين إسرائيل وحزب اللـه - المدنيون في مرمى النيران المتبادلة

لبنان.. تفاقم الوضع الاقتصادي بعد الحرب

ويبدو أن حديث تاتروس يتوافق مع معطيات الواقع الاقتصادي المرير في لبنان الذي يئن تحت وطأة أزمات متفاقمة على مدى السنوات الخمس الماضية.

وفي مقابلة مع DW، قال سامي نادر، الخبير الاقتصادي اللبناني ومؤسس "مركز المشرق للشؤون الاستراتيجية"، إن الوضع في لبنان عام 2024 يختلف كليا عن الوضع عام 2006 إبان الحرب الثانية بين حزب الله وإسرائيل.

وأضاف "في عام 2006، كانت الأموال تتدفق من اللبنانيين في الخارج ومن دول أجنبية، لكن اليوم يفتقر لبنان إلى الموارد لإعادة بناء اقتصاده".

وأشار إلى أن لبنان "واجه أزمات متتالية متعددة بداية من الانهيار المالي عام 2019 الذي أدى إلى خسارة الكثير من اللبنانيين مدخراتهم وانخفاض قيمة الليرة اللبنانية بنسبة 98 بالمئة، مما دفع 80 بالمئة من السكان إلى الفقر. ثم كان وباء كورونا الذي ألحق المزيد من الضرر بالاقتصاد وبعد ذلك جاء انفجار مرفأ بيروت عام 2020".

وقال "من الناحية السياسية، يعد حزب الله الطرف المهيمن في ضوء عدم وجود حكومة وحدة، وهذا يؤدي إلى تعميق الانقسامات الطائفية. يُضاف إلى ذلك الضغوط الاقتصادية والاجتماعية الناجمة عن أزمة اللاجئين السوريين والآن النزوح الداخلي. كل ذلك يؤدي إلى انتشار اليأس بين الناس".

وكانت المفوضية الأوروبية قد قررت تخصيص مساعدات إنسانية إضافية بقيمة 10 ملايين يورو للسكان في لبنان. وفي بيان، قالت المفوضية يوم الاثنين (30 سبتمبر/ أيلول) إن "التمويل الطارئ يهدف إلى تلبية الحاجات الأكثر إلحاحا على غرار الحماية والمساعدات الغذائية والمأوى والرعاية الصحية".

الخوف على مستقبل لبنان

ومع التحذير من تزايد حدة التوتر بعد مقتل حسن نصر الله، بات القلق حيال مستقبل لبنان هاجسا يوميا يقض مضجع الصيدلانية نجمة نصور.

وفي حديث مع DW، قالت "شرع الزبائن في تخزين الأدوية أكثر من ذي قبل بمعدل خمسة أو ستة صناديق، خاصة أدوية الأمراض المزمنة. لحسن الحظ، لا يزال مخزوننا موجودًا".

وفي تعليقه، قال جوزيف غريب، رئيس نقابة مستوردي الأدوية وأصحاب المستودعات، إن المخزون الحالي من الأدوية يكفي لمدة خمسة أشهر. وفي تصريح نقلته الوكالة الوطنية للإعلام، أضاف غريب "لا تزال الشركات المستوردة قادرة على تلبية حاجة السوق، طالما أن المرافئ الوطنية لا تواجه حصارا، كما ان الشركات المستوردة تعمل على زيادة حجم المخزون بشكل مستمر".

ورغم ذلك، يبدو أن السؤال الملح الذي يطرح نفسه في الوقت الراهن مفاده: كيف تؤثر الحرب بشكل أكبر على اقتصاد لبنان المصاب بالشلل؟

في محاولته الإجابة على هذا التساؤل، قال الخبير الاقتصادي اللبناني روي بدارو: قبل التصعيد الأخير، كانت شريحة صغيرة من السكان تتعافى ببطء من الأزمة، لكن الآن ربما ستتفاقم الظروف بشكل كبير.

وأضاف في مقابلة مع DW، "تدفع ضواحي جنوب بيروت، حيث تتركز أغلب الضربات الإسرائيلية، الثمن الباهظ للحرب. حتى لو لوح الناس بعلامات النصر، فإن هذا لا يعكس بالضرورة مشاعرهم الحقيقية في الداخل. خسر سكان جنوب لبنان منازلهم وباتت أراضيهم الزراعية مدمرة. باتت ثقتهم معدومة فيمن يدير شؤون البلاد. فكيف يمكن تخيل وجود اقتصاد في ظل هذه العوامل؟!".

نازحون من بلدة عين عيطة لجأوا إلى مدرسة في جنوب لينان 11.10.2023
لبنان: سكان المناطق الحدودية الجنوبية يبحثون عن الأمان داخل مدارس في جنوب لبنانصورة من: Rola Farhat/DW

التصعيد.. كارثة زراعية

الجدير بالذكر أن قطاع الزراعة قد تأثر بشكل كبير جراء المعارك والقصف، حيث تلوثت التربة فضلا عن نزوح المزارعين وتعطل سلاسل التوريد وتضرر البنية التحتية.

يُشار إلى أن رئيس حكومة تصريف الأعمال، نجيب ميقاتي أفاد في أبريل/ نيسان الماضي بتدمير 800 هكتار من الأراضي ونفوق 34 ألف رأس من الماشية وخسارة 75 بالمئة من المزارعين سبل عيشهم، مما أدى إلى كارثة زراعية في جنوب لبنان.

من جانبه، قال الخبير الاقتصادي سامي نادر إن "زيادة عدد النازحين تنشر المزيد من اليأس بين اللبنانيين وتفاقم الظروف الاجتماعية والاقتصادية في البلاد".

وفي ذلك، قال بدارو إن "الاقتصاد يتألف من مستويات مختلفة من المرونة. فبعض الناس لديهم دخل خارجي أو أرباح مفهرسة داخل لبنان، لكن من يعتمدون على رواتب ثابتة أو باتوا بلا دخل، سوف يعانون كثيرا. هذا من شأنه أن يؤدي إلى زيادة البؤس في لبنان."

وأضاف "من المؤكد أن السياحة ستتأثر في ضوء نزوح العديد من الموظفين في القطاعين العام والخاص. من لا يستطيع تحمل تكاليف استئجار أماكن جديدة، سوف يضطر إلى العيش مع عائلاته أو الانتقال إلى سوريا. قطاع السياحة ميت بالفعل، فمعظم النوادي والمطاعم مغلقة تقريبا مع انخفاض النشاط السياحي بنسبة 50 بالمئة على الأقل، وربما يصل إلى 60 بالمئة إلى 70 بالمئة في مقبل الأيام".

أعده للعربية: محمد فرحان

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد

المزيد من الموضوعات