1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

لبنان: الدولة الضعيفة.. تحولت إلى رهينة !

٢٩ سبتمبر ٢٠٢٤

الحكومة اللبنانية لا يوجد لها عمليًا أي تأثير على النزاع الدائر حاليًا فوق أراضيها. وكذلك يعكس دور جيشها حالة الضعف المزمن الذي تعانيه الدولة اللبنانية. كيف آلت أوضاع الدولة إلى هذا الحال؟

https://p.dw.com/p/4lCHl
تصاعد الدخان بعد غارة جوية في بلدة جزين في جنوب لبنان
تصاعد الدخان بعد غارة جوية في بلدة جزين في جنوب لبنانصورة من: Rabih Daher/REUTERS

أعلن رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي في كلمته خلال الجلسة الطارئة لمجلس الأمن الدولي في نيويورك منتصف الأسبوع أنَّ إسرائيل تشن "حربًا قذرة" ضد لبنان. وأضاف ميقاتي أنَّ إسرائيل مسؤولة عن تصعيد غير مسبوق في لبنان وعن قتل مئات المدنيين "شبابًا ونساءً وأطفالًا" خلال أيام قليلة. ولهذا السبب فهو يعوِّل على فرنسا والولايات المتحدة الأمريكية "من أجل إصدار بيان مشترك مدعوم دوليًا من أجل وضع نهاية لهذه الحرب القذرة". ولكن إسرائيل ترفض التهدئة وتواصل التصعيد.

وكلمته تظهر أنَّ الحكومة اللبنانية عاجزة إلى أبعد حد إزاء الصراع بين إسرائيل وحزب الله. ولا يوجد لديها أي تأثير يستحق الذكر سواء على ما تفعله إسرائيل أو حزب الله؛ الذي تمكن الجيش الإسرائيلي من  اغتيال أمينه العام حسن نصر الله. وفي هذه الأيام يتجلى مرة أخرى وبشكل دراماتيكي للغاية الضعف المزمن الذي تعانيه الحكومة اللبنانية والدولة اللبنانية.

تاريخ طويل

وهذا الضعف له تاريخ طويل. "لقد تأسس لبنان في مطلع القرن العشرين كدولة للموارنة المسيحيين بالتحالف مع +ولة الحماية الفرنسية"، كما يقول ماركوس شنايدر، رئيس المشروع الإقليمي للسلام والأمن في الشرق الأوسط التابع لمؤسسة فريدريش إيبرت الألمانية في بيروت: "وُلد لبنان بعيب خلقي يكمن في أنَّه كان يشمل منذ البداية مناطق واسعة سكانها من غير الموارنة. ولذلك فقد كانت الطائفية في نهاية المطاف حلًا وسطًا من أجل دمج مجموعات السكان الأخرى. ولكنها أعاقت بعد ذلك تكوين دولة وطنية قوية".

لقد تعزَّزت هذه البنية الطائفية من خلال الحرب الأهلية اللبنانية التي اندلعت في عام 1975، وتصارعت فيها الطوائف الثلاث الكبرى في لبنان: الشيعة والسنة والمسيحيون الموارنة. وبعد انتهاء الحرب في عام 1990، راهن اللبنانيون على نظام طائفي متوازن هدفه تحقيق التوازن بين مصالح المجموعات السكانية بمفردها.

رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي (على اليمين) على هامش جلسة الجمعية العامة للأمم المتحدة أثناء حديثه مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، 25 أيلول/سبتمبر 2024
رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي (على اليمين) على هامش جلسة الجمعية العامة للأمم المتحدة أثناء حديثه مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرونصورة من: Ludovic Marin/AFP/Getty Images

وحول ذلك يقول ماركوس شنايدر: "لكن هذا النظام أدَّى إلى محاولة هذه المجموعات باستمرار فرض مصالحها الخاصة على حساب المجموعات الأخرى. وهذا يؤدِّي إلى استمرار إضعاف الدولة. وهو يظهر مثلًا في حقيقة أنَّ لبنان لم يتمكن من الاتفاق على رئيس منذ عام 2022". ويرتبط مع هذا الانقسام الفسادُ المستشري في لبنان. "عندما لا توجد دولة قوية تعمل ضد القوى الناtذة في بلدها ومؤسساتها، فمن السهل أن ينشأ نظام أوليغارشي يتابع فيه كلّ طرف مصالحه بنفسه"، كما يقول ماركوس شنايدر.

استهتار حزب الله

ولبنان يعاني بالإضافة إلى ذلك من حزب الله الشيعي، المصنَّف في الولايات المتحدة الأمريكية وألمانيا والعديد من الدول العربية السنية كتنظيم إرهابي. نشأ حزب الله في عام 1982 خلال الحرب الأهلية اللبنانية، وقد تلقى منذ البداية دعمًا كبيرًا من إيران، التي تدعمه أيضًا وبشكل خاص دعمًا عسكريًا. لقد وصف في عام 2022 مركز ويلسون في واشنطن الجناحَ المسلح لحزب الله بأنَّه "أقوى قوة عسكرية غير حكومية في الشرق الأوسط - وربما حتى في كل العالم".

حزب الله وإسرائيل ... استعداد لتوغل بري إسرائيلي بجنوب لبنان

وحزب الله أيضًا هو الذي قصف إسرائيل بعد بداية الحرب على غزة في الخريف الماضي ـ من دون أي تنسيق مع بقية اللبنانيين. "في الواقع لقد  أخذ حزب الله السياسة اللبنانية رهينةً"، كما تقول خبيرة شؤون الشرق الأوسط كيلي بيتيلو من المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية واصفةً النهج الأساسي الذي تتبعه ميليشيا حزب الله الشيعية.

جيش ضعيف في لبنان

وكذلك يظهر ضعف الدولة اللبنانية في سلبية جيشها. فالجيش اللبناني في وضع لا يحسد عليه خاصة في جنوب لبنان. حيث يعمل هناك على أساس قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1701 بالتعاون مع قوة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة. وكل قوة من كلا القوتين تتكون من 15 ألف جندي.

الجيش اللبناني مرآة تعكس واقع لبنان. مشهد من بيروت، مارس/آذار 2024
الجيش اللبناني مرآة تعكس واقع لبنان.صورة من: Elisa Gestri/Sipa USA/picture alliance

ويرتبط وجود هذه القوات في جنوب لبنان بحرب عام 2006: في ذلك الوقت احتلت إسرائيل مواقع في جنوب لبنان. وتقرَّر: عندما تنسحب القوات الإسرائلية يجب على القوتين المسلحتين العمل معًا لضمان عدم اقتراب أي ميليشيات لبنانية مسلحة إلى هذه المواقع. ويجب ألا تتواجد هناك سوى القوات التي أذنت لها بذلك الحكومة اللبنانية. ولكن حزب الله تجاهل حتى الآن هذا الاتفاق: وما يزال موجودًا في المنطقة.

والجيش اللبناني من الناحية العسكرية عاجز نسبيًا: ففي تصنيف مؤشر القوة النارية العالمية - الذي يقارن قوة الجيوش الوطنية في جميع أنحاء العالم - احتل الجيش اللبناني المرتبة 118 من بين 145 جيشًا. وهو لن يستطيع الصمود بجدية أمام الجيش الإسرائيلي الذي احتل المرتبة 17 في هذا المؤشر. وهو لن يستطيع أيضًا السيطرة عسكريًا على حزب الله. وحول ذلك يقول ماركوس شنايدر: "على الأرجح أن يجر ذلك لبنان إلى حرب أهلية".

غير أنَّ مشكلة الجيش اللبناني الكبرى تعتبر وتبقى مشكلة سياسية. والجيش يعتبر بشكل عام أحد المؤسسات غير الطائفية القليلة في لبنان لأنَّه ليس في قبضة مجموعة دينية واحدة، كما يقول ماركوس شنايدر. ويضيف: "الجيش بطبيعة الحال صار أضعف أيضًا بسبب الأزمة الحكومية والاقتصادية. ولهذا السبب فهو يحصل على دعم مالي، مثلًا من أجل الرواتب. وذلك بسبب الخوف من احتمال انهيار الدولة اللبنانية نفسها في حال انهيار الجيش. ولكن الجيش لا يستطيع طبعًا حل مشكلات الدولة".

أعده للعربية: رائد الباش

DW Kommentarbild | Autor Kersten Knipp
كيرستن كنيب محرر سياسي يركز على شؤون منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا