أنبوب غاز شرق المتوسط - مشروع ضخم بمزالق ومطبات
٤ يناير ٢٠٢٠تهدف اليونان وقبرص وإسرائيل للتوصل إلى قرار نهائي بشأن تفاصيل الاستثمار في المشروع وإكماله بحلول 2025. واتفقت حكومات أوروبية مع إسرائيل العام الماضي على المضي قدما في المشروع المعروف باسم "إيست-ميد" أو مشروع شرق المتوسط الذي تبلغ تكلفته نحو ستة مليارات دولار، ومن المتوقع أن تبلغ طاقته المبدئية عشرة مليارات متر مكعب من الغاز سنويا. وسيمتد الخط من إسرائيل عبر المياه الإقليمية القبرصية مرورا بجزيرة كريت اليونانية إلى البر اليوناني الرئيسي وصولا لشبكة أنابيب الغاز الأوروبية عبر إيطاليا. ووقع وزراء الطاقة من الدول الثلاث على الاتفاق في مراسم أقيمت في أثينا الخميس. وحضر التوقيع رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس ونظيره الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس القبرصي نيكوس أناستاسيادس.
ومن المتوقع أن تستفيد دول في جنوب شرق أوروبا من إمدادات الغاز. وتفيد تقارير أن أنبوب الغاز "سيكون أطول أنبوب في العالم تحت الماء". ووصفت صحيفة يونانية المشروع بأنه "اتفاق تاريخي" ستتقوى من خلاله دبلوماسية الطاقة في المنطقة: ففي نهاية الأسبوع سيتشاور وزراء خارجية مصر واليونان وقبرص في القاهرة حول إمكانيات تعاون إضافية. وفي الـ 7 يناير سيصل وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو إلى قبرص. وبهذا تلمح الجهات المشاركة إلى حصول حركة في الجانب الشرقي للبحر المتوسط. لكن ماذا بالتحديد؟
في التلفزة الحكومية اليونانية يتم وصف مشروع "إيست ـ ميد" باستمرار على أنه "حصن ضد استفزازات تركيا". وبهذا يظهر جليا أن أنبوب الغاز المرتقب يُعد من وجهة نظر يونانية ردا على التقارب الأخير الحاصل بين تركيا والحكومة المعترف بها دوليا في ليبيا.
وللتذكير نفيد بأن اليونان وقبرص وتركيا تتصارع منذ سنوات على احتياطات غاز في شرق البحر المتوسط. وفي نهاية 2019 وقعت ليبيا وتركيا على اتفاقية تحدد المجال الاقتصادي المشترك وتقسم جزء كبيرا من شرق بحر إيجه بين البلدين. وترى الاتفاقية أن المنطقة البحرية شرقي كريتا تقع تحت السيطرة التركية. لكن بالتحديد عبر هذه المنطقة يراد مد أنبوب "إيست ـ ميد". فهل يظهر نزاع مباشر بين اليونان وتركيا في الأفق؟ وفي مقابلة مع التلفزة الحكومية اليونانية يظهر وزير الطاقة، كوستيس هاتسيداكيس متحفظا:" اردوغان له وجهات نظره ونحن لنا مواقفنا. ونحن نعتمد في ذلك على القانون الدولي ومقتنعون من أن الدول التي لها كلمتها في المنطقة تقف إلى جانبنا"، كما أعلن السياسي المحافظ.
اللغز حول ايطاليا
غير أن انتكاسة صغيرة يعاني منها مشروع "إيست ـ ميد" بسبب غياب ايطاليا عن مراسم التوقيع في أثينا. فحسب وسائل إعلام يونانية يوجد داخل الحكومة الايطالية خلافات في وجهات النظر تجاه مشروع أنبوب الغاز. ويدل على ذلك قول نائب المتحدث باسم حكومة قبرص، بناغيوتيس سينتوناس مؤخرا في مقابلة أن ايطاليا "لأسباب فنية" لن تشارك في التوقيع على الاتفاقية في أثينا. لكن "ممثلا" لروما بدون ذكر اسم سيحضر المراسم. ويبدو أن وزير الطاقة الايطالي ستيفانو باتوانيلي أعلن في رسالة الثلاثاء لنظيره اليوناني أن روما تدعم بناء أنبوب إيست ـ ميد وأنها ستدافع عن المشروع داخل الاتحاد الأوروبي. ومن أجل الوفاء بدورها المتوقع كزبون رئيسي، يتوجب على ايطاليا بناء أنبوب إضافي تحت الأرض يربط البلاد مع ميناء إيغومنيتسا شمال غرب اليونان.
شكوك في جدوى الأنبوب
وأنبوب إيست ـ ميد له بالأساس بُعد جيوسياسي هام، كما يقول أليكس لاغاكوس، نائب مدير "منتدى الطاقة اليوناني" في حديث مع دويتشه فيله. وفيما يخص مردودية الأنبوب يثير هذا الخبير بعض الشكوك. ففي المقام الأول تبقى التكاليف عالية: على الأقل عشرة مليارات يورو. وحقيقة أن توافق اليونان واسرائيل وقبرص على المشروع لا يعني أنها تملك رأس المال الضروري لتنفيذه. ومن غير المتوقع الحصول على مساعدات أوروبية، لأن أوروبا انسحبت من موارد الطاقة الأحفورية وتراهن على مشاريع طاقة خضراء. فهناك أجندة جديدة في بروكسيل والخلاصة هي أنه "يجب تمويل أنبوب إيست ـ ميد من جهات خاصة وهذا سيكون صعبا".
وهل سيكون أنبوب الغاز في شرق البحر المتوسط جذابا لمستثمرين من القطاع الخاص؟ فأمام العرض الكبير اليوم للغاز في السوق العالمية يظهر الخبير متشككا. كما أن "عددا متزايدا من الزبائن يركز على استيراد الغاز السائل عبر الموانئ البحرية. فلماذا سيرتبط مشتري بإمدادات أنبوب على المدى الطويل، إذا كان بإمكانه الحصول بمرونة في كل لحظة على الغاز السائل بأسعار معقولة؟
كما لا يوجد نقص في أنابيب جديدة، ففي 8 يناير يعتزم رئيسا روسيا وتركيا إطلاق تشغيل أنبوب الغاز الممتد عبر البحر الأسود. ويقوم هذا الأنبوب بنقل الغاز الطبيعي الروسي إلى أوروبا عبر الأراضي التركية.
يانيس باباديميتريو/ م.أ.م