1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

أفريقيا ومجموعة العشرين ـ تكثيف الاستثمارات مصلحة مشتركة

٢٢ نوفمبر ٢٠٢٣

استغل الزعماء الأفارقة قمة مجموعة العشرين مع أفريقيا في برلين للدعوة إلى ضخ استثمارات هائلة في القارة السمراء وأيضا الاستفادة من "المنافسة الإيجابية" بين أوروبا والصين. فما حجم وطبيعة استثمارات المجموعة في أفريقيا؟

https://p.dw.com/p/4ZJ94
برلين احتضنت قمة مجموعة العشرين حول أفريقيا المعروفة باسم "الاتفاق مع أفريقيا"
برلين احتضنت قمة مجموعة العشرين حول أفريقيا المعروفة باسم "الاتفاق مع أفريقيا"صورة من: Kay Nietfeld/picture alliance

 أكد غزالي عثماني، رئيس جزر القمر والرئيس الحالي للاتحاد الأفريقي، على الحاجة إلى ضخ استثمارات "هائلة" في الدول الإفريقية وذلك خلال كلمته أمام قمة مجموعة العشرين مع أفريقيا المعروفة باسم "الاتفاق مع أفريقيا" التي عقدت في برلين  في العشرين من الشهر الجاري.

وأضاف أنه رغم من أن معدل استثمار  بلدان مجموعة العشرين  في الدول الأفريقية يتخطى في الوقت الراهن مستويات ما قبل جائحة كورونا، إلا أن المعدل مازال "أقل بكثير" مقارنة بما تحقق خلال 2017-2018 حيث بلغ حجم الاستثمار معدلا قياسيا تجاوز عتبة 53 مليار دولار.

وترمي مبادرة "الاتفاق مع أفريقيا" إلى تشجيع المزيد من الاستثمارات الخاصة في أفريقيا حيث تضم المبادرة 13 دولة أفريقية مع ممثلين عن الاقتصادات الرئيسية في مجموعة العشرين والبنك الدولي وصندوق النقد الدولي وبنك التنمية الأفريقي.

وكشفت كلمات الزعماء الأفارقة الذين شاركوا في القمة عن رغبة بلدان القارة السمراء  في تنويع علاقاتها وشركاتها التجارية مع مختلف دول العالم بما في ذلك ألمانيا.

واستغل عثماني القمة للدفاع عن رغبة أفريقيا في جذب استثمارات من الصين حيث دعا إلى انخراط أوروبا في "منافسة إيجابية" مع الصين في القارة السمراء، مؤكدا "لا احتكار في أي مكان.. لكل شخص مكانه".

بدوره، سلط موسى فكي محمد، رئيس مفوضية الاتحاد الافريقي، الضوء على "الإمكانات الهائلة" التي تزخر بها أفريقيا، مضيفا أن المستثمرين  سوف يستفيدون من العنصر الشبابي في أفريقيا والموارد الطبيعية الكبيرة التي تتمتع بها القارة السمراء.

أهمية القمة؟

وشارك في القمة 18 زعيما ومسؤولا أفريقيا من بينهم الرئيس النيجيري بولا تينوبو ورئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد والرئيس السنغالي ماكي سال بالإضافة إلى حضور حوالي 800 شركة.

وفي مسعى لتأكيد الأهمية التي توليها أوروبا للقارة الافريقية، شارك الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين وعدد من وزراء بلدان الاتحاد الأوروبي في القمة التي استضافها المستشار الألماني أولاف شولتس.

وفي تعليقه، قال روبرت كابيل، الخبير في الاقتصاديات الأفريقية، إن هذا الحضور الكبير في القمة من زعماء وممثلي شركات "يظهر قدرا معينا من التقدم وسط آمال أن يمثل ذلك بداية جديدة لعلاقات قوية مع أفريقيا".

وفي مقابلة مع DW، أضاف "علينا أن نرى الآن ما إذا كان ستحدث تدفقات استثمارية من بلدان مجموعة العشرين ومن ألمانيا، وما إذا كان سيتم الوفاء بالتعهدات. مازال يساورني بعض الشكوك حول ما إذا كان هذا سيحدث بالفعل بهذه السرعة وما إذا كان ستحقق انفراجه بالفعل!"

أفريقيا تمثل "أولوية" لألمانيا

الجدير بالذكر أن الدول الأفريقية الأعضاء في المبادرة، التي تم تدشينها في 2017 خلال رئاسة ألمانيا لمجموعة العشرين، هي المغرب وتونس ومصر والسنغال وغينيا وساحل العاج وغانا وتوغو وبنين وبوركينا فاسو ورواندا وجمهورية الكونغو الديمقراطية وإثيوبيا.

أطلقت ألمانيا مبادرة "الاتفاق مع أفريقيا" عام 2017 خلال رئاستها ألمانيا مجموعة العشرين
أطلقت ألمانيا مبادرة "الاتفاق مع أفريقيا" عام 2017 خلال رئاستها ألمانيا مجموعة العشرينصورة من: Markus Schreiber/Pool AP/dpa/picture alliance

من جانبه، شدد أليكس فاينز، رئيس برنامج أفريقيا  في مركز أبحاث "تشاتام هاوس" في لندن، على أن النتائج مازالت محل نقاش قوي، مضيفا أنه من غير الواضح ما إذا كان الدول المنضوية تحت لواء المبادرة ترصد تحقيق المزيد من النمو.

ويقول خبراء إن الدول الأفريقية دائما ما تشتكي من أن الحديث الأوروبي  عن الاستثمار لا يرافقه ضخ الكثير من الأموال في القارة السمراء من قبل الشركات الأوروبية رغم قيام العديد من البلدان الأفريقية مثل غانا والسنغال ورواندا بتحسين ظروف العمل والاستثمار داخلها بشكل كبير خلال السنوات العديدة الماضية.

وفي ذلك، تظهر التقديرات أن ألمانيا، أكبر اقتصاد في أوروبا، تتخلف عن الركب عندما يتعلق الأمر بحجم الاستثمار في أفريقيا إذ بلغت الاستثمارات الأجنبية المباشرة من ألمانيا إلى أفريقيا بين عامي 2016 و2020 قرابة 9.7 مليار يورو.

وفي تعليقه، قال فاينز في مقابلة مع DW إن هذا المعدل يعد "صغيرا مقارنة بالدول الأوروبية الأخرى"، مضيفا أن ألمانيا تستثمر في أفريقيا بمعدل يبلغ نصف ما تنفقه فرنسا فقط وثلاثة أخماس ما تنفقه المملكة المتحدة.

وتشير البيانات إلى أن القارة السمراء حصلت على 1٪ فقط من 163.7 مليار يورو استثمرتها الشركات الألمانية في البلدان الأجنبية العام الماضي فيما نالت جنوب أفريقيا على نصيب الأسد من حجم الاستثمارات الألمانية حيث تعمل في هذا البلد حوالي 400 شركة ألمانية فيما تعمل 30 شركة ألمانية فقط في نيجيريا التي تشكل أكبر اقتصاد في أفريقيا.

ويرى الخبير الاقتصادي كابيل أن "الشركات الألمانية خلقت 30 ألف فرصة عمل جديدة فقط في السنوات العشر الأخيرة في أفريقيا. وهذا يعني 3000 فرصة عمل سنويا.. هذا يمثل رقما قليلا للغاية".

ويعتقد أن أفريقيا توفر إمكانيات استثمارية كبيرة  للشركات الأوروبية تتجاوز الموارد الطبيعية التي تزخر بها خاصة في قطاعات الصناعة والغذاء والزراعة والسياحة وصناعة الخدمات.

ألمانيا تستثمر في الطاقة الخضراء في أفريقيا

وخلال مشاركته في القمة، تعهد المستشار الألماني شولتس باستثمار 4 مليارات يورو (4.4 مليار دولار) في مشاريع الطاقة الخضراء في أفريقيا بحلول عام 2030، مضيفا أن ألمانيا ستحصل على "نسبة كبيرة" من احتياجاتها من الهيدروجين الأخضر من أفريقيا.

وشدد على أن أفريقيا يمكنها الاعتماد على ألمانيا في الاستثمار في مجال الهيدروجين الأخضر، مضيفا "يتطلب إنتاج الهيدروجين استثمارا كبيرا في البداية، لذا يجب أن يكون هناك إشارات لتعاون طويل الأمد ودائم. ويهدف مؤتمر الاتفاق مع أفريقيا إلى إرسال رسالة مفادها ‘يمكنكم الاعتماد على ألمانيا كشريك".

بدوره، قال الخبير في الشؤون الجيوسياسية أوفيغوي إيغويغو إن المستشار الألماني يعد "ملتزما للغاية" ببناء علاقة عمل أفضل مع أفريقيا وهو ما تجلى في قيامه بثلاث جولات في أفريقيا منذ توليه منصبه قبل عامين تقريبا.

وفي مقابلة مع DW، أضاف أن "شولتس حاضر بالفعل وينخرط مباشرة في حراك دبلوماسي رفيع المستوى"، فيما ترغب الدول الأفريقية من جانبها في جذب المزيد من مشاريع القيمة المضافة، لكن ألمانيا والدول الأوروبية الأخرى لا تمنح أفريقيا الأولوية.

وقال إيغويغو إن "النموذج القديم في الاستثمارات (الأوروبية في أفريقيا) مازال قائما بمعنى ضخ بضعة مليارات يورو في الصناعات الاستخراجية. لكن أولوية القارة في الوقت الراهن قد تغيرت وتجاوز ذلك. يتعين أن تركز مبادرة (الاتفاق مع أفريقيا) على أولويات أفريقيا وليس فقط على أولويات أحادية الجانب".

كيت هيرسين / م. ع