وفد برلماني ألماني يبحث في الجزائر الطاقة والديمقراطية

استمرت زيارة الوفد البرلماني الألماني إلى الجزائر ثلاثة أيام، تميزت باجتماعات برلمانية مغلقة، لكن الحوار كان صريحا بين الطرفين حسب السيد غلوزر، الذي قال للدويتشه فيله: " لقد كنا في قمة الصراحة مع الطرف الجزائري، عندما تحدثنا عن مشروع ديزيرتك للطاقة، فقد قلنا لهم إن من حق الجزائر أن تدافع عن مصالحها الجيواستراتيجية و من حقها أيضا أن تطالب بتحويل التكنولوجيا وبالعمل لأبناءها لأننا لا نريد استعمارا طاقويا جديدا".

و اضاف غلوزر:" إن السماء في ألمانيا تمطر ماء بشكل دائم، لكن الجزائر تمطر طاقة شمسية خلال أغلب أوقات السنة، ونحن في حاجة إلى طاقتكم، و الحديث قد انصب مع الطرف الجزائري حول مسألتين هامتين أخريين هما سعر الطاقة و كيفية نقلها".

و يعتبر مشروع ديزيرتك الذي أعطى الرئيس عبد العزيز بوتفليقة موافقته عليه، من أهم مشاريع الطاقة بين الجزائر و ألمانيا، إذ يقضي بنقل التكنولوجيا الألمانية المتعلقة بالطاقة الشمسية إلى الجزائر و استعمال ما يقارب عشرة في المائة من مساحة الصحراء الشمالية لإنتاج طاقة كهربائية تكفي احتياجات خمسة عشر في المائة من أوروبا الغربية.

و قال غونتر غلوزر للدويتشه فيله:" نريد أن تكون نسبة خمسة و تسعين في المائة من اليد العاملة في المشروع جزائرية و الباقي ألمانية، و لا نريد أن نرتكب خطأ المؤسسات الصينية التي جاءت بتكنولوجيتها وعمالها أيضا، الأمر الذي كان أثره معدوما على المجتمع الجزائري الشاب".

و في سؤال لدويتشه فيله حيال معارضة اللوبي الفرنسي لمشروع ديزيرتك، لأنه يقوي موقع الجزائر في أوروبا، قال جونتر غلوزر: " أتفهم مثل هذه السياسات، لكن التحدي الطاقوي الذي تواجهه أوروبا بشكل عام وألمانيا بشكل عام، يحتم علينا التفكير الجدي في حلول طاقوية للأجيال القادمة، المسألة اقتصادية ولا يجب تحميلها أكثر مما تحتمل".

من ناحية أخرى، ناقش الوفد البرلماني الألماني مسألة التغيير الديموقراطي في الجزائر، بعد الأحداث الأخيرة في كل من تونس و مصر و ليبيا، و قد علق غونتر غلوزر على تلك الأحداث قائلا للدويتشه فيله: " لقد رأينا تغييرا تاريخيا في كل من تونس و مصر، و لا نعرف ما الذي سيحدث في ليبيا، لكنني أشدد على أن دمقرطة كل من مصر و تونس في أسرع وقت ممكن، أمر بعيد المنال، فلا زال هناك عمل كبير ينبغي القيام به، و لا ينبغي التهليل بأن التغيير الديموقراطي قد نجح في كلا البلدين".

أما عن الجزائر فقد قال غلوزر: " توجد صحافة حرة في الجزائر و النقد مستمر للحكومة الجزائرية، و لا ينبغي التقليل من أهمية الحرية الديمقراطية في بلدكم، إنها هامة جدا، و بما أن المجتمع الجزائري مكون في غالبيته من الشباب فإن المستقبل واعد جدا".

و قد بدا غونتر غلوزر، و كأنه لا يريد إزعاج الحكومة الجزائرية بتصريحاته، فقد كان دبلوماسيا جدا عندما تحدث عن الديمقراطية في الجزائر، لدرجة أن زميلا من جريدة لوسوار دالجيري الجزائرية سأل جونتر غلوزر: " ألم تقرأ في الصحافة الجزائرية أخبارا كثيرة، تدعوك للقول عندما ترجع إلى ألمانيا ان الجزائر بلد رائع؟"

فضحك الحضور، لكن البرلماني الألماني لم يجب عن السؤال، و يبدو أن الحوار المتزن والسياسي، مع الطرف الجزائري قد أجبر الوفد الألماني، كما يعتقد البعض على التحفظ مع الصحافة، إلا أن أجواء التغيير التي تهب على البلدان العربية لم تغب فيما يبدو في حديث الطرفين، و لابد من انتظار الأيام القادمة لتقييم التعاون البرلماني الجزائري الألماني، هل هدفه اقتصادي بالدرجة الأولى، و المواضيع السياسية ما هي إلا مسألة شكلية، أم أن المسألتين تتسمان بنفس الأهمية لدى الطرفين؟.

الجزائر ـ هيثم رباني

مراجعة: سيد منعم