1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

واشنطن رفعت يدها وإيران تفقد نفوذها ـ خطر حرب أهلية بالعراق

٣ أغسطس ٢٠٢٢

يشكل الصراع على السلطة في العراق بين رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر وخصومه المتحالفين مع إيران اختبارا لقدرة طهران على درء نزاع قد يضر بمصالحها ويزعزع استقرار المشهد السياسي العراقي برمته.

https://p.dw.com/p/4F3Tq
مظاهرة لأنصار الإطار التنسيقي المنافس للصدر في بغداد (1/8/2022)
تفاقم الأزمة السياسية في العراق قد يقود إلى انزلاق الوضعصورة من: Ahmad Al-Rubaye/AFP

مع اعتصام أنصار الصدر في البرلمان واحتجاج معارضيه في الشوارع، أدى الخلاف حول تشكيل حكومة جديدة إلى فرض مزيد من الضغوط على نظام سياسي عراقي تعصف به الأزمات منذ أن أطاحت قوات تقودها الولايات المتحدة بصدام حسين قبل عقدين. وتُفاقم الأزمة من القلاقل في حزام يضم دولا عربية هشة الأوضاع بين إيران والبحر المتوسط، وهي العراقوسوريا ولبنان، وكلها تقع في دائرة نفوذ إيران وعانت من ويلات صراعات أو أزمات كبرى على مدى العقد الماضي، من بينها معركة دامية مع تنظيم "الدولة الإسلامية" في العراق.

وبالنسبة للعراق الذي مالت فيه كفة ميزان القوى لصالح إيران بعد الغزو الأمريكي عام 2003، زاد الصراع من الانقسامات في بلد له تاريخ حافل أيضا من التنافس بين الجماعات العربية السنية والجماعات الكردية التي تسيطر على الشمال.

وحتى الآن، لا يبدو أن أيا من الجانبين مستعد للتراجع قيد أنملة في المواجهة المستمرة منذ عشرة أشهر والتي بدأت عندما خرج الصدر منتصرا في انتخابات أكتوبر تشرين الأول وسعى بعدها لتشكيل حكومة وفقا لشروطه، بيد أن خصومه عرقلوا مساعيه.

قلق إيراني

وفي الوقت الحالي، يبدو أن الطرفين المدججين بالسلاح يعملان على تجنب العنف انطلاقا من إدراكهما تأثير ذلك على البلاد وعلى الأغلبية الشيعية التي صعدت إلى السلطة في إطار نظام سياسي أسسته الولايات المتحدة بعد الإطاحة بصدام السني. لكن في ظل الأحداث الدرامية التي تشهدها بغداد مع اجتياح أنصار الصدر المنطقة الخضراء شديدة التحصين والتي تضم العديد من مقرات الدولة والسفارات مطلع هذا الأسبوع، يشعر العديد من العراقيين بالقلق انزلاق الوضع.

 

وقال دبلوماسي غربي إن أحد كبار القادة العسكريين الإيرانيين، وهو البريغادير جنرال إسماعيل قاآني، زار بغداد في الأيام الأخيرة في محاولة للحيلولة دون تصعيد التوتر، في مؤشر على شعور إيران بالقلق. وأكد الزيارة مسؤول عراقي في الإطار التنسيقي، وهو تكتل للفصائل المتحالفة مع إيران، لكنه قال إنها لم تُكلل بالنجاح فيما يبدو، دون الخوض في تفاصيل.

وواجه قاآني، الذي يرأس ذراع الحرس الثوري المسؤول عن الفصائل المتحالفة مع إيران في الخارج، صعوبات في ممارسة نفس النفوذ الذي كان يتمتع به سلفه قاسم سليماني والذي قُتل في هجوم أمريكي في عام 2020.

تراجع النفوذ الإيراني؟

وقال ريناد منصور من مؤسسة تشاتام هاوس للأبحاث "النفوذ الإيراني شهد تقلبات عديدة وهو آخذ في التراجع إلى حد ما". وأضاف "الانتخابات وعملية تشكيل الحكومة كشفت عن حجم الانقسام... بين الأحزاب السياسية مما يجعل الأمر معقدا جدا بالنسبة لإيران". وتأتي الأزمة أيضا في لحظة صعبة بالنسبة لإيران في دولة أخرى حيث خسرت جماعة حزب الله المسلحة وحلفاؤها الأغلبية البرلمانية في لبنان في مايو أيار رغم أنهم ما زالوا يتمتعون بنفوذ كبير.

والصدرسليل عائلة رجال دين بارزين حارب القوات الأمريكية بعد الغزو، وقد عارض النفوذ الخارجي في بلاده طويلا. وزادت المخاطر في يونيو/ حزيران عندما وجّه النواب من كتلته النيابية إلى الانسحاب من البرلمان متنازلين بذلك عن عشرات المقاعد لتيارات متحالفة مع إيران. والخطوات التي اتخذتها تلك التيارات لاحقا صوب تشكيل حكومة دون الصدر هي ما دفعت أنصاره إلى اقتحام البرلمان.

ودعوة الصدر الأخيرة إلى إدخال تعديلات غير محددة على الدستور قد تشير إلى أنه يريد قلب النظام القائم بأكمله رأسا على عقب. لكن بعض المحللين يشككون في رغبته الحقيقية في تغيير نظام أتى ليخدمه جيدا إذ يهيمن الصدر وأتباعه على أغلب مفاصل الدولة.

قواعد لعبة جديدة

تحتفظ الولايات المتحدة بنحو ألفي جندي في العراق لمحاربة فلول تنظيم "الدولة الإسلامية"، وهو عدد أقل بكثير من ذلك الذي تم نشره هناك في ذروة الاحتلال وهو 170 ألف جندي. وبحسب مسؤولين عراقيين، فإن المسؤولين الأمريكيين الذين كانوا يشاركون في اتفاقات سرية متعلقة بتشكيل الحكومة في السابق، لم يتدخلوا إلى حد كبير في تلك الأمور في السنوات الأخيرة.

وقال فالي نصر، الخبير في شؤون الشرق الأوسط بجامعة جونز هوبكنز للدراسات الدولية المتقدمة في واشنطن، إن العراق لا يبدو أولوية كبيرة للولايات المتحدة. وأضاف "لم يتم التعامل مع (العراق) على أنه عامل يغير قواعد اللعبة بالنسبة للمنطقة، وقد ينتهي به الأمر عند هذه الحال إذا فقد قدر الاستقرار الضئيل الذي يتمتع به".

ومضى قائلا "من السابق لأوانه اعتبار ذلك خسارة لإيران، فقد ينتهي الأمر بخسارة للجميع، وبعد ذلك يصبح السؤال: من الذي سيعيد الأمور إلى نصابها بعد ذلك". وحثت السفارة الأمريكية في بغداد إلى التحلي بالهدوء ودعت الأحزاب العراقية إلى تجنب العنف والعمل سلميا لحل خلافاتها. وأشار حمدي مالك من معهد واشنطن للأبحاث إلى بوادر من الجانبين تدلل على ضبط النفس، لكنه قال إن الصراع يحمل مخاطرة.

وتابع قائلا "أي حرب أهلية بين الجماعات الشيعية سيكون لها تأثير عميق ليس فقط على... شعب العراق، ولكن على المنطقة الأوسع بل وعلى أجزاء أخرى من العالم، لأسباب ليس أقلها الانقطاع المحتمل في إمدادات النفط، إذ أن معظم ثروة العراق النفطية تقع في مناطق يغلب عليها الشيعة في البلاد".

ح.ز/ ع.ج.م (رويترز)