1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

هل تنهي القوافل البحرية الحصار على صادرات الحبوب الأوكرانية؟

٢٩ مايو ٢٠٢٢

بعد دعوة أوكرانيا المجتمع الدولي لمساعدتها لتتمكن من تصدير ملايين الأطنان من الحبوب العالقة بالبلاد، اقترحت ليتوانيا إنشاء تحالف بحري للدول الراغبة في إنهاء الحصار الروسي على صادرات الحبوب الأوكرانية. فهل هو مقترح عملي؟

https://p.dw.com/p/4ByJC
ميناء مدينة أوديسا الأوكرانية (3 مارس/ آذار 2022)
اقترح وزير خارجية ليتوانيا غابريليوس لاندسبيرغيس إنشاء تحالف بحري بهدف رفع الحصار الروسي وحماية السفن الأوكرانية من أي قصف روسي لتمكين كييف من تصدير صادراتها من الحبوب عبر البحر الأسود. صورة من: Wang Qing/Xinhua News Agency/picture alliance

فرضت روسيا حصارا خانقا على الموانئ الأوكرانية المطلة على البحر الأسود مع دخول الحرب الروسية في أوكرانيا شهرها الرابع، ما أثار مخاوف من حدوث أزمة غذاء عالمية.

ونظرا لأن أوكرانيا تعد خامس أكبر مصدر للقمح في العالم، فقد حذر المدير التنفيذي لبرنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة ديفيد بيسلي من أن الملايين حول العالم يواجهون خطر الموت جوعا بسبب إغلاق الموانئ الأوكرانية.

حصار بحري

وجدير بالذكر أن البحر الأسود يحد أوكرانيا من الجنوب ويحد كلا من روسيا وجورجيا من الغرب وتركيا من الشمال وبلغاريا ورومانيا من الشرق.

ورغم أن أوكرانيا قد حققت بعض النجاحات في المجال البحري، منذ بدء الغزو الروسي في 24 فبراير / شباط، إلا أن الكرملين لا يزال يمتلك القوة والنفوذ الأكبر على الموانئ الأوكرانية المطلة على البحر الأسود.

 وقد نقلت وكالة رويترز للأنباء عن نائب وزير الخارجية الروسي أندريه رودينكو قوله، خلال مفاوضات بين تركيا وأوكرانيا وروسيا الأربعاء الماضي، إن موسكو مستعدة لتوفير ممرات لعبور الصادرات الأوكرانية من الحبوب والمواد الغذائية عن طريق البحر، لكن شريطة رفع بعض العقوبات الغربية.

وفي ظل مساعي دول العالم لرفع الحصار الروسي على الموانئ الأوكرانية المطلة على البحر الأسود، خرج وزير خارجية ليتوانيا غابريليوس لاندسبيرغيس ليقترح إنشاء تحالف بحري "للدول الراغبة" بهدف رفع الحصار الروسي وحماية السفن الأوكرانية من أي قصف روسي بما يفضي في نهاية المطاف إلى تمكين كييف من تصدير صادراتها من الحبوب عبر البحر الأسود. 

هكذا انقطعت إمدادات القمح الأوكراني عن العالم العربي

وفي مقابلة مع صحيفة "الغارديان"، كشف لاندسبيرغيس الكثير من التفاصيل بشأن مقترح بلاده. وقال "سيتم استخدام سفن أو طائرات عسكرية أو كليهما لضمان مغادرة السفن المحملة بالحبوب ميناء أوديسا بأمان ووصولها مضيق البوسفور دون أي تدخل روسي. سنحتاج إلى تحالف من الدول الراغبة التي تتمتع بقوة بحرية كبيرة لحماية ممرات الشحن وأيضا من الدول المتضررة من (الحصار على الموانئ الأوكرانية)". وأضاف: "هذه المهمة ستكون ذات طابع إنساني وليست ذات طابع عسكري ولا تحمل أي تشابه قد يمكن تفسيره بأنه فرض لمنطقة حظر طيران".

وقد قوبل اقتراح ليتوانيا بترحيب حذر من بريطانيا؛ حيث شددت وزيرة خارجيتها ليز تروس على أن بلادها سترسل قوافل بحرية للانضمام إلى المهمة البحرية المقترحة إذا جرى الانتهاء من إشكالية تطهير الألغام من ميناء أوديسا.

وقالت الوزيرة البريطانية "يتعين علينا القيام بخطوات للتعامل مع قضية الأمن الغذائي العالمي. وفي هذا الصدد، تعمل المملكة المتحدة على إيجاد حل عاجل لإخراج صادرات أوكرانيا من الحبوب".

هاري نيديلكو، مدير السياسات في شركة "راسموسن العالمية" والمتخصص في الشؤون الأوكرانية، وصف الاقتراح الليتواني بالجيد في إطار مساعي كسر الحصار في البحر الأسود. وقال نيديلكو في مقابلة مع DW: "عندما ننظر إلى البحر الأسود والسفن الروسية التي ترسوا هناك، فإننا نتحدث عن عشرات السفن بما في ذلك غواصات. لذا فهناك ثمة لخيار آخر لرفع الحصار يتمثل في تزويد الدول كييف بأسلحة حديثة متطورة لإغراق السفن الروسية. وفي هذه الحالة، لن يكون هناك أي حصار؛ ما يمهد الطريق أمام إبحار السفن الأوكرانية المحملة بالحبوب".

يشار إلى أن شركة "راسموسن العالمية" متخصصة في تقديم الاستشارات السياسية وأسسها الأمين العام السابق لحلف الناتو أندرس فوغ راسموسن.

حقول القمح في منطقة أوديسا الأوكرانية (22/5/2022)
يطلق على أوكرانيا اسم "سلة الخبز" في العالم. وأدى الحصار المفروض على موانئها في البحر الأسود إلى توقف تصدير الحبوب اللازمة لإطعام الملايين من البشر في أنحاء العالم.صورة من: Genya Savilov/AFP/Getty Images

هل ينخرط الناتو في الأمر؟

وفي ظل استمرار انتقاد الكرملين خطط حلف شمال الأطلسي (الناتو) للتوسع شرقا، شدد وزير خارجية ليتوانيا على أن الحلف لن يكون جزءا من مقترح بلاده لإنشاء مهمة بحرية في البحر الأسود.

بدوره، أشار إيان أنتوني، مدير برنامج الأمن الأوروبي في معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام "سيبري"، إلى وقائع سابقة شهدت قيام دول الناتو بمهام بحرية مشتركة، لكن خارج إطار الحلف.

وفي مقابلة مع DW، أضاف "كانت هناك مهمة دولية لحماية السفن التجارية من عمليات القرصنة في المحيط الهندي والبحر الأحمر وجنوب شرق آسيا. كما كانت هناك مهمة للاتحاد الأوروبي لحماية السفن من عمليات القرصنة في غرب أفريقيا وفي المحيط الهندي". وتابع أنتوني: "يأتي في هذا الإطار، إنشاء مهمة بحرية في البحر الأسود لحماية السفن الأوكرانية دون مشاركة الناتو".

الدور التركي

واللافت في اقتراح ليتوانيا أنه تضمن دعوة الدول المتضررة من توقف تصدير أوكرانيا، لاسيما القمح، مثل مصر لكي تنخرط في هذه المهمة البحرية عبر إرسالها سفن لمرافقة السفن الأوكرانية المحملة بالحبوب.

وقد أشار أنتوني في تقرير لمعهد "سيبري" نُشر مطلع مايو / آيار إلى أن الأمم المتحدة يمكنها تنظيم أسطول دولي يضم دولا عديدة مثل الصين والهند لمساعدة السفن في رفع الحصار الروسي على الموانئ الأوكرانية المطلة على البحر الأسود.

وأضاف في مقابلته مع DW "يفضل أن تتضمن القوافل البحرية سفنا من دول عديدة بما في ذلك الدول الأكثر عرضة لتداعيات توقف صادرات أوكرانيا من الحبوب على الأمن الغذائي. وستلعب هذه السفن دورا في حماية السفن التي تحمل الحبوب الأوكرانية أثناء عبورها البحر الأسود".

المدمرة الأمريكية "يو اس اس توماس هادنر" تعبر مضيق البوسفور في طريقها إلى البحر الأسود وتظهر في الصورة أشهر معالم إسطنبول (20/3/2021)
المدمرة الأمريكية "يو اس اس توماس هادنر" تعبر مضيق البوسفور في طريقها إلى البحر الأسود وتظهر في الصورة أشهر معالم إسطنبول (20/3/2021)صورة من: Murad Sezer/REUTERS

ورغم أن دولا مثل الصين والهند امتنعتا عن إدانة الغزو الروسي لأوكرانيا داخل أروقة الأمم المتحدة، إلا أن أنتوني يرى أن هذه الدول قد تبدي بعض المرونة فيما يتعلق بمقترح إنشاء مهمة بحرية دولية على أساس أنها ستكون مهمة إنسانية للحد من تزايد انعدام الأمن الغذائي.

وشددت على أهمية الدور التركي في إتمام نجاح هذه المهمة؛ إذ إن أنقرة تشترك في حدود على البحر الأسود مع روسيا وأوكرانيا كما أنها تقوم بحراسة مدخل البحر الأسود.

وقال إنه بموجب اتفاقية مونترو فإن على عاتق تركيا "التزامات قانونية بشأن كيفية التصرف في أوقات الحروب. وفي إطار إقرار أنقرة باندلاع حرب في أوكرانيا، فإن تركيا ملزمة بموجب اتفاقية مونترو بإغلاق المضائق أمام السفن العسكرية. وهذا ما فعلته تركيا بالفعل".

يشار إلى أنه جرى التوقيع على اتفاقية مونترو عام 1936 في قصر مونترو بسويسرا وتمنح تركيا السيطرة على مضيقي البوسفور والدردنيل وتنظم عبور السفن وحركة المرور البحري في البحر الأسود. وفي هذا السياق، أوضح أنتوني أنه حتى أثناء الحرب، هناك حالات معينة لا تضطر فيها تركيا إلى إغلاق المضائق أمام السفن الحربية.

 

وأشار إلى أن قضية إغلاق المضائق تستند على أمرين: الأول هو أن تكون تركيا في حالة حرب، ومن الواضح أن هذا لن يحدث. والثاني هو إعلان تركيا أنها تواجه خطرا مباشرا، مضيفا أن "تركيا تعد من الدول التي تعتمد على الصادرات من الخارج لتلبية احتياجاتها من الغذاء، لذا فإن أزمة الأمن الغذائي تلقي بظلالها على الداخل التركي ويمكن أن يؤدي إلى اضطرابات مجتمعية".

وقال أنتوني "إنطلاقا من هذه الفرضية يمكن أن تقول تركيا إنها تعتبر الوضع الراهن (في أوكرانيا) بمثابة خطر وشيك على الأمن القومي التركي"، مشيرا إلى أن هذا الأمر "قد يمهد الطريق أمام سماح تركيا بمرور السفن الحربية عبر مضيق البوسفور بموجب اتفاقية مونترو". وأضاف "سوف تلعب تركيا في هذه الحالة دورا في تمكين هذه المهمة البحرية من رفع الحصار".

من جانبه، قال هاري نيديلكو، مدير السياسات في شركة "راسموسن العالمية"، إنه من الصعب التكهن في الوقت الحالي بالدول التي قد تشارك في هذه المهمة البحرية المقترحة من ليتوانيا، لكنه شدد على أن طرح مثل هذه الفكرة يحمل في طياته رسالة إلى روسيا مفادها بأن حربها الحالية لا تؤثر على جارتها أوكرانيا فقط وإنما على العالم بأسره.

بريانكا شانكار/ م ع