1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

موجة العنف: من المتهم هذه المرة؟

٢٧ مايو ٢٠١١

استعراض جيش المهدي دون سلاح في ضاحية الثورة شرق بغداد واغتيال مسؤول هيئة العدالة والمساءلة مؤشران خطيران على أزمة سياسية قادمة قد تؤجج العنف، وأصابع الاتهام هذه المرة ربما تتجه إلى قوى مشاركة في العملية السياسية.

https://p.dw.com/p/11P4H
صورة من: DW-Montage/AP

وهي تردد هتافي "كلا كلا أمريكا" و"كلا كلا إسرائيل" وعلى وقع الأناشيد الحماسية سارت حشود ضخمة من مؤيدي مقتدى الصدر في شارع الفلاح الذي يتوسط ضاحية الثورة شرق العاصمة. المشاركون ساروا في نسق بشكل عرض عسكري دون أسلحة ، و تزامن هذا مع لقاء حصري مع الصدر عرضته قناة بي بي سي العربية ، كل ذلك يبدو كأنه رسالة موجهة إلى الحكومة العراقية والقوات الأميركية والقوى السياسية الأخرى في آن واحد.

تأتي هذه المسيرة في وقت تصاعدت فيه بشكل ملحوظ وتحديدا خلال شهر نيسان/ ابريل الماضي وشهر أيار / مايو الجاري وتيرة الهجمات بالمتفجرات والاغتيالات بكاتم الصوت والعبوات اللاصقة، وقد توّجتها عملية اغتيال علي اللامي المدير التنفيذي لهيئة المساءلة والعدالة الخاصة باجتثاث عناصر حزب البعث مساء الخميس26.05.2011 بأسلحة مزودة بكاتم للصوت عندما كان داخل سيارته في منطقة القناة شرق بغداد.

لمن توجه أصابع الاتهام؟

Irak Parlament Baghdad
الساسة: ابتسامات وتحيات تخفي خلافات قد تصل الى العنفصورة من: picture-alliance/dpa

كل ذلك يأتي وسط تهديدات التيار الصدري بتفجير العنف في حال عدم انسحاب القوات الأمريكية من العراق نهاية هذا العام بالكامل. والعراقيون يتساءلون: هل يصح توجيه أصابع الاتهام بارتكاب العنف إلى دول الجوار هذه المرة؟ فالنظام في سوريا مشغول بقمع الثورة التي تهدد بقاءه و إيران مشغولة بملفها النووي وبمشكلاتها السياسية الداخلية و دول الخليج تنظر إلى رياح التغيير التي هبت على المنطقة العربية ووصلت إلى البحرين ما استدعى أن يرسل مجلس التعاون الخليجي إلى المملكة الصغيرة قوات درع الجزيرة التي أقحمت لأول مرة منذ تأسيسها قبل أكثر من عشرين عاما في مهمة ليست تدريبية ، فيما يتلقى تنظيم القاعدة ضربات تلو الضربات منذ مقتل زعيمه أسامة بن لادن ، وهو بذلك في ضعف متنام.

جواب تساؤلات العراقيين يأتي في فرضية أن يكون العنف ظاهرة تلازم الديمقراطيات الناشئة في المنطقة، خصوصا وان العراق في هذه المرحلة ظهر بأنه الديمقراطية الوحيدة في المنطقة. والعجز السياسي في العراق - كما في لبنان مسبب بلا شك بالأسلحة والميلشيات التي تملكها القوى السياسية إلى جانب القوات المسلحة النظامية التي تمتلكها الدولة.

Irak Gewalt bombenanschlag 08.12.2009 Flash-galerie
تفجيرات ودمار ولا أحد يعرف من المتهمصورة من: AP

المفكر والكاتب غالب الشابندر في حديثه مع مايكروفون برنامج العراق اليوم من دويتشه فيله أيّد الرأي القائل بأن تجدد العنف في العراق هو ظاهرة مرتبطة بالحراك السياسي أكثر من ارتباطها بأجندات خارجية مشيرا إلى "أن الكتل السياسية المشاركة في المعلية السياسية مختلفة في كثير من الأمور ولم يعالج الخلاف عن طريق الحوار فكان البديل هو تبادل العنف، وحتى إذا قيل أن مصدر العنف خارجي فإن هذا التفسير يبقى ناقصا لأنه لا يشير إلى أن الداخل لا يمكن أن يقبل بالعنف المصدر إليه من الخارج إذا لم يكن هناك استعداد في البنية الداخلية للعراق ".

وأعرب الشابندر عن اعتقاده " أن من أسس البنية السياسية الداخلية في العراق هو الاختلاف والتنازع علاوة على التباس العلاقة بين عراق ما قبل وعراق ما بعد التغيير، فهناك كثير من الاختلافات ، يضاف الى ذلك البنية العشائرية التي تسود العراق والبنية التي تنشأ الآن في ظل تجاذبات واتجاهات طائفية وعرقية وحتى شوفينية في بعض الأحيان. هذه البنية إذا لم تمارس العنف بنفسها فهي مستعدة لاستقبال العنف المصدر إليها من الخارج" وعاد الشابندر ليؤكد" أن للخارج دور أكيد في العنف من خلال تسريب السيارات المفخخة مثلا ولكن أي معالجة للعنف القادم من الخارج يجب أن تبدأ من الداخل ".

"السير باتجاه الدولة الأقوى سيخفض من العنف"

وفي سياق المقارنة، يعيش لبنان- الذي يوصف بأنه اعرق الديمقراطيات في المنطقة - في أزمة سياسية منذ اغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري، ويتعقّد المشهد بالضغوط العسكرية التي يسلطها حزب الله على الحكومة والنخب السياسية مستعينا بذراعه العسكري الذي أشعل حربا طاحنة مع إسرائيل في صيف عام 2006.ويرى المراقبون ان تشابه النسيج الاجتماعي المتنوع بين لبنان وبين العراق هو سبب لتشابه الظروف السياسية في البلدين .

Irak Bagdad Demonstration in Sadr City gegen die Regierung
الصدريون يتظاهرون ضد حكومة يشغلون 8 من وزاراتهاصورة من: AP

الكاتب والمحلل السياسي د حيدر سعيد تحدث الى مايكروفون البرنامج في دويتشه فيله نفى أن يكون العنف سمة لديمقراطية مستقلة مشيرا إلى أن تعبير عن أزمة ، " والعنف في لبنان كان يتفجر حين وصول النظام السياسي إلى أزمة ، وهو نظام صمم على أساس جمع هويات ، وحين يفشل النظام في التعبير عن هذه الهويات، تعبر الهويات عن نفسها بالعنف . وهذا الأمر يجري أيضا في العراق ، فالحرب الأهلية عامي 2006 و2007 كانت تعبيرا عن أزمة النظام السياسي، واليوم نحن لا نستطيع أن نتحدث عن دولة مستقرة تمارس العنف الشرعي، فهناك قوى تعمل خارج إطار الدولة وتستفيد من الانقسام السياسي والمجتمعي السائد في المجتمع العراقي لتجد حواضن لنفسها.

وأعرب د سعيد عن اعتقاده "بأن الديناميكية السائدة في العراق اليوم والسائرة باتجاه إيجاد دولة أقوى قادرة على أداء مهماتها ووظائفها ستؤدي بالتأكيد إلى قلة العنف". وفي معرض حديثه عن موجة العنف الأخيرة أشار د سعيد إلى ضرورة دراسة الظاهرة بتأني مؤيدا أنه يرجح تناول العوامل الداخلية المسببة للعنف على محاولة إلقاء التهم على الخارج ، "وحتى حين الحديث عن تنظيم القاعدة لابد من الانتباه أن الحديث يجري عن تنظيم محلي وليس عن تنظيم عابر للحدود:" د. حيدر سعيد لفت الأنظار إلى أن كل ما يجري من عنف في العراق يرتبط بقرب موعد الانسحاب الأمريكي.

" الديمقراطية في العراق ما زالت في مرحلة الأقوال دون الأفعال"

ومن بغداد شارك في الحوار الكاتب علي السوداني متفقا مع ما ذهب إليه د حيدر سعيد والمفكر غالب الشابندر لكنه لفت إلى " ان تصدع الواقع السياسي والعجز عن مواجهة الواقع بفعالية واستمرار لغة الخطاب الرنانة التي تدين الأخر بشكل سافر وبعيد عن أي مرونة والمحملة بالأناوية ، علاوة على التلكؤ في العملية السياسية هي كلها أسباب تقف وراء العنف". وأشار السوداني إلى أن الديمقراطية في العراق ما زالت في مرحلة الأقوال ولم تدخل إلى حيز الفعل الحقيقي.

US-Truppen beginnen Abzug aus Falludscha
الانسحاب الأمريكي قد يؤجج العنفصورة من: AP

وتساءل الصحفي خليل خباز في مداخلة مباشرة من الموصل عن كيفية السماح لمن يمتلك ميلشيات مسلحة بالمشاركة في العملية السياسية، مبديا استغرابه من توصيف بعض الميلشيات بأنها ايجابية وغيرها بالسلبية.

دعوة مقتدى الصدر إلى المقاومة وهو شريك في العملية السياسية ويمتلك وزراء ونواب في المجلس تثير تساؤلات كثيرة ،أيّد المفكر الشابندر هذه التساؤلات مشيرا إلى أن الشريك في العملية السياسية عليه أن يخضع للمساءلة في البرلمان ومؤكدا على تساؤل اكبر مفاده كيف يقاوم التيار الصدري وهو جزء من الحكومة؟ وكيف سيكون موقفه من الحكومة التي هو طرف فيها؟

وأشار الشابندر إلى أن هناك من لا يريد أن يقاوم - كما يطالب التيار الصدري- بل يرغب في بقاء القوات الأمريكية ، فكيف سيتعامل التيار الصدري مع من لا يؤيد مبدأ المقاومة. وطالب الشابندر التيار الصدري بمراجعة مواقفه بشكل جدي لأن أي تصعيد للعنف سيتبعه تصعيد من الأطراف الأخرى.

Haider Saeed
الكاتب والمحلل السياسي د. حيدر سعيدصورة من: Haider Saeed

د. حيدر سعيد اعتبر أنم العراق قد تجاوز مرحلة الحرب الأهلية، والتيار الصدري اليوم يسعى لانتزاع مكاسب سياسية من هذا الاستعراض وهو لا يعني بالضرورة عودة إلى العنف، لكنه لفت الأنظار إلى أن التيار الصدري هو التيار الوحيد الذي دأب على المطالبة بإنهاء الوجود الأمريكي من العراق معربا عن مخاوفه أن تؤسس هذه المطالبة لتيار ينمو داخل العملية السياسية وهو لا يؤمن بعلاقة شراكة طويلة مع الغرب .

عنصر من الصدرين ينفي علاقتهم بالعنف

كاظم ، وهو أحد المشاركين في مسيرة التيار الصدري دخل بشكل مباشر على مايكروفون البرنامج أثناء البث وأشار إلى "أن مقتدى الصدر ليس مع العنف، وأن فصيلا واحدا من جيش المهدي حاليا يتولى عملية المقاومة وهي موجهة إلى القوات الأمريكية حصرا".

ملهم الملائكة

مراجعة: منى صالح