منظمات المرأة في مصر من القاعات المكيفة إلى "العمل الجاد"
٣٠ مارس ٢٠١١ربما يتصور البعض أن المرأة المصرية عاشت أزهي عصورها في الأعوام الأخيرة، في ظل النشاط الكبير الذي أولته قرينة الرئيس السابق للجمعيات النسائية، وفي ظل صنبور الدعم المالي الذي كانت تتلقاه كبريات المنظمات المعنية بحقوق المرأة. لكن واقعة التحرش اللفظي والجسدي الجماعية التي تعرضت لها متظاهرات يوم 8 مارس الماضي أكدت أن المشكلة متجذرة ومازالت كامنة في ثقافة "مجتمع ذكوري" وأن أيا من هذه الجمعيات لم تنجح طوال السنوات الماضية في مخاطبتها أو حلها عمليا.
هذا ما عبرت عنه صفاء عبد البديع، المحامية في النقض والإدارية العليا، ورئيس المؤسسة العربية لمكافحة العنف ضد المرأة، التي قالت لـ "دويتشه فيله" : "هناك شريحة كبيرة لاسيما بين الطبقة المتوسطة ثقافة تستكثر على المرأة ما وصلت إليه. هؤلاء كان يجب أن توجه لهم رسائل خاصة. لدينا في مصر جمعيات نسائية كثيرة تعمل في مجال حقوق المرأة والإنسان. عليها أن تتعلم كيف توجه خطابها. يجب تغيير ثقافة المجتمع تجاه المرأة".
واتفقت الناشطة الحقوقية مع الانتقادات التي كانت توجه لبعض الجمعيات النسائية كونها كانت شكلية تضم سيدات المجتمع والصفوة ولم تهتم في حقيقة الأمر بمعاناة المرأة الفقيرة والكادحة. وأضافت: "لا أنكر هذا الكلام، لكني لا أعممه في الوقت نفسه. لا أستطيع أن أقول أن كافة الجمعيات العاملة في مجال المرأة هي جمعيات شكلية ولصفوة المجتمع الراقي، بل هناك جمعيات جادة، أنا شخصيا احتككت بها فعليا، هناك جمعيات أهلية ساعدت المرأة المعيلة لأسرتها. وهناك أخرى تفتقر إلى الدعم المالي في وقت كان فيه دعم الدول أو المنظمات الدولية يصل للجمعيات الكبيرة التي لا تحتاج فعليا إليه".
على منظمات المرأة "البدء" في العمل الجاد
وأضافت "أنا أعمل في مجال حقوق الإنسان منذ فترة ولم ألمس أن الجمعيات الكبيرة تعمل لصالح الناس على أرض الواقع. كل ما كانت تفعله مؤتمرات في حجرات مغلقة وفنادق ضخمة وهذا لا يفيد المجتمع في شيء. الجمعيات الأهلية الجادة هي التي تنزل للشارع وتكفل الأسر الفقيرة وتقيم مشاريع صغيرة، وهي المستحقة للدعم".
وعن الدور الذي يمكن للمرأة أن تلعبه على الأرض، قالت الناشطة الحقوقية إن "الدور السياسي والاجتماعي للمرأة مهم ومؤثر جدا. إذا قامت كل سيدة بتوجيه من حولها، من أبناء وأحفاد وزوج وجيران، سيكون هذا دور عظيم، عليها تشجيع أولادها على نبذ السلبية والمطالبة بحقوقهم".
وعبرت عبد البديع عن أملها في أن "تبدأ المنظمات العمل الجاد". وأشارت إلى أن "هناك مطالب فئوية تعطل عمل الدولة. يجب أن تقوم الجمعيات النسائية بتوعية هذه الفئات بالتمهل لحين وضع الدستور، وإرساء القواعد، التي تضع البلاد على بداية الطريق السليم. يجب على الجمعيات توعية المواطنين وتشجيع الحكومة على القيام بدورها الأساسي".
ويتزايد الحديث في الآونة الأخيرة على ضرورة إعادة النظر في شكل ودور المرأة. لذلك، فرضت المادة 75 من الدستور، التي تتناول الشروط اللازم توافرها في المرشح لرئاسة الجمهورية، نفسها بقوة، في ظل مطالبة بعض الناشطات بتعديلها لتكون أكثر وضوحا في سماحها للمرأة بالترشح. فلأي مدى يمكن أن تؤثر تلك المادة عمليا، بصيغتها الحالية، على تقويض حق المرأة في الترشح للانتخابات الرئاسية المنتظرة؟
لا قلق من المادة 75 من الدستور على ترشح المرأة للرئاسة
قالت الناشطة الحقوقية : "نحن معتادون في النصوص القانونية والدستورية على حد سواء أن تكون الصياغة عامة بصيغة المذكر، التي تشمل الذكر والأنثى". وأوضحت أن المادة 75 تنص على أنه يجب أن يكون الشخص المرشح لرئاسة الجمهورية "مصري الجنسية ومن أبوين مصريين، وألا يكون هو أو أحد والديه حاصلا على جنسية أجنبية، وألا يكون متزوجا من أجنبية".
وأضافت عبد البديع أن النقطة الأخيرة فقط هي مثار شك وجدل بين بعض الناس. عندما بدأت الفقرة بذكر كلمة "شخص"، كانت من الناحية القانونية تتحدث عن المرأة والرجل. لكن كون العبارة الأخيرة من المادة المذكورة استخدمت كلمة "أجنبية" فهي تعني بالضرورة أن المرشح رجلا وليس امرأة.
لكن المحامية أكدت أن "الصياغة العامة للمادة لا تمنع الترشح، وبالتالي الباب مفتوح للجميع... وإذا ترشحت امرأة متزوجة من أجنبي، فبالقياس لن يجوز لها، لأنه عندما يكون اللفظ قاصرا نستخدم القياس". وأكدت "نص المادة من وجهة نظري لا يوجد به أي مصدر للقلق، أو مثار للجدل".
وفي المقابل، اعتبرت عبد البديع أن السيدات محقات في مأخذهن على تشكيل لجنة تعديل الدستور، التي لم يتم فيها الاستعانة بأي سيدة، "رغم أن لدينا شخصيات بارزة مثل المستشارة تهاني الجبالي، نائب رئيس المحكمة الدستورية".
أميرة محمد
مراجعة: يوسف بوفيجلين