مناظرات المرشحين للمستشارية.. تقليد يحسم الفوز أم عروض إعلامية؟
في أول مناظرة بينهم، يطرح المحافظ لاشيت نفسه كـ"وريث شرعي" لخلافة المستشارة ميركل، فيما يقدم الاشتراكي شولتس نفسه كـ"شبيه ميركل" واستمرارية لعملها، أما مرشحة الخضر الشابة بيربوك فتحاول إثبات وجودها في "سباق الكبار".
مناظرة ثلاثية
تواجه المرشّحون الثلاثة لخلافة أنغيلا ميركل مساء الأحد (29 أغسطس/أب 2021) في أوّل مناظرة تلفزيونيّة بينهم ضمن ثلاث مناظرات تنظم قبل الانتخابات التشريعية. وجمعت المناظرة لأول مرة ثلاثة مرشحين بدلا من إثنين، وضمت كلاً من مرشّح حزب ميركل الاتحاد المسيحي المحافظ أرمين لاشيت، ومرشّح الحزب الاشتراكي الديمقراطي أولاف شولتس ومرشّحة حزب الخضر أنالينا بيربوك.
نقاش مفتوح على مدار ساعتين
احتدم النقاش المفتوح بين المرشحين، مع التركيز على الموضوعات المالية مثل الضرائب والمعاشات التقاعدية، بالإضافة إلى موضوع حماية البيئة والتحالفات المستقبلية المتوقعة بعد الانتخابات والسياسة الخارجية الألمانية بما فيها الوضع في أفغانستان.
أرمين لاشيت .. الوريث الشرعي لميركل؟
سعى المرشح المحافظ أرمين لاشيت لإحياء حملته الانتخابية خلال مناظرة ساخنة مع منافسيه الرئيسيين بعد أن أظهرت استطلاعات الرأي تخلف حزبه عن الحزب الاشتراكي الديمقراطي. لاشيت يطرح نفسه وريثا شرعيا للمستشارة ميركل، فعمد إلى تبديل مواقفه وارتكب هفوات بعثت شكوكا في مؤهلاته لإدارة الأزمات، سواء في ظل تفشي وباء كوفيد-19 أو خلال الفيضانات.
ضحكة كلفته كثيرا!
باتت صدقية لاشيت (60 عاماً) في أدنى مستوياتها بعدما صُوّرَ ضاحكاً خلال مراسم أقيمت تكريما للمنكوبين جراء الفيضانات، وضبِط مرتكبا سرقة أدبية في كتاب أصدره. وشنّ لاشيت هجوماً خلال المناظرة، في محاولة منه لقلب نتيجة استطلاعات الرأي التي تتوقّع خسارته في الانتخابات التي تُجرى في 26 أيلول/ سبتمبر.
أنالينا بيربوك.. المرشحة الشابة
تبادل أرمين لاشيت الهجمات مع مرشحة حزب الخضر أنالينا بيربوك (40 عاما)، التي اتهمت الاتحاد الديمقراطي المسيحي والحزب الاشتراكي الديمقراطي بعدم القيام بأي شيء يذكر للتصدي لتغير المناخ خاصة في ظل الفيضانات المدمرة التي شهدتها ألمانيا هذا الصيف.
تراجع شعبية الخضر!
يمر دعاة حماية البيئة بحالة ركود منذ بداية الصيف بعيدا عن الحماسة وزيادة شعبيتهم عقب إعلان ترشيح أنالينا بيربوك في نيسان/أبريل. فالعديد من الأخطاء مثل تأييدهم زيادة سعر البنزين التي لا تحظى بشعبية في بلد تشغل فيه السيارة مكانة بارزة، أو فرض قيود على الرحلات الجوية الرخيصة، بالإضافة إلى اتهام بيربوك بـ"السرقة الأدبية"، أدى كل ذلك إلى تراجع شعبيتهم وفق استطلاعات الرأي الأخيرة.
أولاف شولتس .. شبيه ميركل؟
عزز أولاف شولتس (63 عاما) حظوظه في المناظرة مراهناً على كفاءته وخبرته، وهو وزير المالية ونائب المستشارة في الحكومة الائتلافية الحالية. في حين أن منافسيه لم يشغلا حتى الآن أي منصب في الحكومة الاتحادية. وما يدعم شولتس أنه لم يرتكب أخطاء خلال حملته الانتخابية حتى الآن، في حين أن خصميه ارتكبا الكثير من الأخطاء. ورأت مجلة دير شبيغل أن "أولاف شولتس بات يشبه ميركل".
الاشتراكيون يتقدمون في استطلاعات الرأي
كشف استطلاع جديد للرأي نشرته صحيفة "بيلد" يوم الأحد قبيل المناظرة، أن الحزب الاشتراكي الديموقراطي تمكن من تعزيز تقدمه حاصدا 24 بالمائة من نوايا التصويت، مقابل 21 بالمائة فقط للمحافظين، بعدما كانوا يحظون بنسبة 34 بالمائة قبل ستة أشهر. وتخطى الاشتراكيون الديموقراطيون المحافظين لأول مرة منذ 15 عاما. أما الخضر، فلا تتخطى نسبة التأييد لهم 17 بالمائة.
شولتس يفوز في المناظرة
أظهر استطلاع أجراه مركز معهد فورزا لاستطلاعات الرأي مباشرة بعد المناظرة، أن أولاف شولتس خرج منها فائزا على منافسيه لاشيت وبيربوك. وأظهر الاستطلاع المبكر أن 36 في المائة من الناخبين الذين شملهم الاستطلاع يعتقدون أن شولتس فاز متقدما على مرشحة حزب الخضر أنالينا بربوك التي حصلت على 30 في المائة وعلى أرمين لاشيت الذي حصل على 25 في المائة.
ميركل تدعم رئيس حزبها وتبتعد عن السياسة
أبدت المستشارة ميركل دعماً قوياً لرئيس حزبها لاشيت وأعربت عن "قناعة تامة" في ترشحه لخلافتها على رأس المستشارية. وأثنت ميركل على الصفات الإنسانية للاشيت، ودافعت عن قرارها النأي بنفسها عن الحملة الانتخابية، وقالت إنّ المسؤولين السياسيين "الذين يضعون حداً لعملهم السياسي، ينبغي عليهم تجنب" التدخل في الحملات.
نهاية حقبة ميركل
تشهد ألمانيا انتخابات في 26 سبتمبر/أيلول ولينتهي عهد المستشارة ميركل بعد 16 عاما في المنصب وأربعة انتصارات متتالية في الانتخابات العامة. وأدى رحيل ميركل الوشيك إلى إضعاف الدعم لتحالفها المحافظ. ولو ترشيحت ميركل (67 عاما) لولاية خامسة، يعتقد المراقبون أنها كانت ستنجح حيث ما زالت شعبيتها كبيرة جدا وتحظى بتقدير وتأييد قوي لدى الناخبين.
مناظرات كبرى بين المرشحين الأوفر حظاً
المناظرات التلفزيونية بين المرشحين لمنصب المستشار حديثة العهد في ألمانيا. وبدأت عام 2002 مع مشرح الاشتراكيين المستشار السابق غيرهارد شرودر ومنافسه مرشح المحافظين ورئيس وزراء ولاية بافاريا آنذاك إدموند شتويبر ضمن برنامج "ريبرو أ ر د" التلفزيوني.
الخلاف السياسي لا يفسد في الود قضية
لكن يبدو أن هذه المناظرة التي حسمت الانتخابات لصالح شرودر لم تفسد في الود قضية، فبعد أن أنهيا المشوار السياسي بات الاثنان يلتقيان عائليا خلال المناسبات، ومنها حفل افتتاح مهرجان ريتشارد فاغنر الموسيقي عام 2019.
تقليد مستمر في مختلف الانتخابات
وأصبحت المناظرات بين المرشحين تقليدا في الانتخابات العامة وفي الانتخابات المحلية في ألمانيا، ويتابعه الملايين من الناخبين. في الصورة المناظرة الكبرى بين المستشار شرودر ومنافسته أنغيلا ميركل عام 2005، والتي فازت لاحقا بمنصب المستشار.
التركيز على المواضيع السياسية
على عكس الولايات المتحدة، لا يتم النظر إلى المناظرات الكبرى في ألمانيا كـ"عرض كبير" للمرشحين، حيث يتم التركيز على المواضيع السياسية الداخلية وليس على شخصية المرشح أو أموره العائلية. في الصورة المناظرة الكبرى التي جمعت المستشارة ميركل ومنافسها مرشح الاشتراكيين فرانك فالتر شتاينماير عام 2009.