1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

معلومات مغلوطة في خطابات مرشحين للرئاسة الفرنسية حول الهجرة

٩ أبريل ٢٠٢٢

أيام قليلة تفصل الفرنسيين عن توجههم لصناديق الاقتراع لتنتهي الحملات الانتخابية وتصريحات السياسيين الذين يحاولون جذب الأصوات لهم عبر تقديم وعود بتحسين مستوى معيشة الشعب الفرنسي. ومن ضمن تلك القضايا، برز ملف الهجرة.

https://p.dw.com/p/49g8q
التنافس ساخن بين مرشحي الانتخابات الرئاسية الفرنسية
التنافس ساخن بين مرشحي الانتخابات الرئاسية الفرنسيةصورة من: Julien Mattia/Le Pictorium/MAXPPP/dpa/picture alliance

يبدأ الفرنسيون الأحد (عاشر أبريل نيسان) التصويت في الانتخابات الرئاسية 2022 ، بعد حملات انتخابية للمرشحين الاثني عشر برز فيها موضوع الهجرة في خطاباتهم الموجهة للناخبين الفرنسيين. معلومات خاطئة وأرقام تفتقد إلى الدقة تخللت خطاب بعض المرشحين، فيما يتعلق بموضوع الهجرة.

أرقام مُبالغة وخاطئة

تحدثت فاليري بيكريس مرشحة حزب "الجمهوريين" اليميني للانتخابات الرئاسية في لقاء تلفزيوني عن أعداد هائلة من المهاجرين غير الشرعيين الذين يدخلون إلى الاتحاد الأوروبي سنويا، مؤكدة أن عدد الوافدين "دون مراقبة" العام الماضي بلغ 40 مليون شخص.

لكن بيكريس تسرّعت في إعطاء هذا الرقم الخاطئ تماما، واعتمدته بناء على تصريح لمسؤولة أوروبية حول قائمة أخرى، لا تمت للهجرة بصلة، بل متعلقة بمعلومات عن الأشخاص المفقودين أو المطلوبين لجرائم مختلفة.

أما الرقم الحقيقي وفقا للأرقام الرسمية فهو لا يتجاوز الـ200 ألف خلال العام 2021، وفقا لتقديرات وكالة "فرونتكس" المسؤولة عن حماية الحدود الأوروبية الخارجية.

المبالغة بالأرقام، هي أيضا من خصائص خطاب إريك زمور مرشح حزب "الاسترداد" اليميني المتطرف، فهو يشير في تصريحاته إلى أن المهاجرين يحصلون على مساعدات مالية كبيرة على حساب الفرنسيين، وأنهم يكلفون الدولة الفرنسية "ثروة" هائلة.

آن إيدالغو، مرشحة منصب الرئاسة عن الحزب الاشتراكي الفرنسي
آن إيدالغو، مرشحة منصب الرئاسة عن الحزب الاشتراكي الفرنسيصورة من: Pascal Lachendad/AFP/Getty Images

لكن المبلغ المخصص للهجرة واللجوء (1.3 مليار يورو)، استخدمه زمور خارج سياقه، فهو لا يمثل في الواقع سوى 4.8% فقط من إجمالي ميزانية وزارة الداخلية، التي تمثل 3.3% فقط من إجمالي ميزانية الدولة، التي تصل إلى 634 مليار يورو. وبذلك، نتوصل إلى إن المبلغ الذي أشار إليه إريك زمور لا يمثل سوى 0.2% من إجمالي ميزانية الدولة.

معلومات مغلوطة

ومن أجل تعزيز خطابه المعادي للمهاجرين، يشير إريك زمور إلى أن المهاجرين يأخذون الأموال أيضا من جيوب الفرنسيين. وكانت محكمة جنايات باريس أدانته في كانون الثاني/يناير الماضي، بتهمة التحريض على الكراهية بسبب وصفه القصر الأجانب غير المصحوبين بذويهم بـ "لصوص" و"قتلة" و"مغتصبين" خلال مناظرة في برنامج "Face à l'info" على شبكة CNews في العام 2020.

وقال إريك زمور في ملتقى انتخابي في مدينة ليل شمال فرنسا 5 شباط / فبراير الماضي "هل تعلمون أنه بالإضافة للسكن المجاني والعلاج المجاني، يحصل كل طالب الجوء على بطاقة بنكية يتم شحنها بـمبلغ قدره 430 يورو كل شهر، كل هذا ليستطيع الأخير هدر أموالكم المجموعة عبر الضرائب؟".

لكن مبلغ الـ430 يورو غير دقيق لأنه لا يحق للجميع ويختلف مقدار المساعدة المالية (ADA) وفقا للوضع العائلي للشخص. حيث يحصل طالب اللجوء على ما يعادل 206 يورو ​​شهريا، في حال كانت الدولة وفرت له السكن المجاني. أما الذي لم يتمكن من الحصول على سكن مجاني، وبالتالي يتكفل بنفسه بتكاليف السكن، من الممكن أن يحصل على مساعدة مادية لا تتجاوز 431 يورو شهريا.

كما يتحدث مرشحو اليمين واليمين المتطرف عن نظرية "الاستبدال الكبير"، القائمة على فكرة أن شعوبا مهاجرة، لا سيما من الأفارقة والمسلمين، ستحل محل الفرنسيين، وأن النخبة في العالم ستنظم ”الاستبدال الكبير" لدعم الاستعمار الأفريقي في أوروبا وإضعاف الهوية الوطنية.

بحسب المعهد الوطني للإحصاء والدراسات الاقتصادية (Insee) بلغ عدد المهاجرين الذين يعيشون في فرنسا عام 2020 نحو 6,8 مليون مهاجر، أي 10,2% من التعداد السكاني. 46% من تلك النسبة يتحدرون من القارة الأفريقية، في حين تشكل الأصول الأوروبية والآسيوية والأمريكية والقادمون من أوقيانوسيا النسبة الأكبر. لذا فـ”الاستبدال الكبير" المرتبط بالسكان الأفارقة غير صحيح.

ويفسر المدافعون عن النظرية موضوع ”استبدال" السكان البيض بالمهاجرين، بارتفاع عدد المواليد بين الآباء الأجانب. وأشار البروفيسور فرنسوا هيران (François Héran)، الباحث في ملف المهاجرين والمجتمع لمهاجر نيوز، إلى أن نساء الجيل الثاني من المهاجرين، ينجبن عدد الأطفال نفسه مقارنة بالفرنسيات. وتواكب نساء الجيل الثاني من المهاجرين سلوك الخصوبة نفسه عند الفرنسيات. ويأسف هيران قائلا ”المدافعون عن النظرية لا يأخذون هذا التقارب في الحسبان، ما يجعل استنتاجاتهم متحيزة تماما".

إيمانويل ماكرون الرئيس الفرنسي المرشح لرئاسة ثانية وسط جمع من المواطنين خلال الحملة الانتخابية
إيمانويل ماكرون الرئيس الفرنسي المرشح لرئاسة ثانية وسط جمع من المواطنين خلال الحملة الانتخابيةصورة من: Stephane Mahe/REUTERS

اقتراحات غير قابلة للتحقيق

ترحيل المهاجرين الذين ليست لديهم أوراق إقامة إلى خارج فرنسا، موضوع لطالما تناوله مرشحو الأحزاب اليمينية المتطرفة، لا سيما مارين لوبين مرشحة حزب "التجمع الوطني"، التي تنادي بالطرد المنهجي لـ "المجرمين المنحرفين وغير القانونيين والمجرمين الأجانب". وذهب إريك زمور إلى أبعد من ذلك في وعوده الانتخابية وأعلن نيته إنشاء وزارة "لإعادة الهجرة"، تعمل على ترحيل كافة المهاجرين المقيمين بشكل غير شرعي على الأراضي الفرنسية إلى بلدانهم الأم.

لكن في الواقع، ليس الأمر بهذه السهولة وعمليات الترحيل مشروطة بقوانين واتفاقيات دولية لا يمكن تجاوزها.

إذ يحظر القانون الأوروبي إعادة أي شخص إلى بلد قد تكون حياته أو سلامته الجسدية فيه في خطر. كما أنه لا يمكن ترحيل شخص إلى بلده الأم دون موافقة الأخير على استقباله، والكثير من المهاجرين حين يصلون إلى فرنسا لا تكون بحوزتهم أوراق رسمية تثبت جنيستهم الأصلية، وبالتالي يكون ترحليهم مليئا بالتحديات والإجراءات الإدارية المعقدة.

كما أن عمليات الترحيل تكلفتها مرتفعة، لا سيما بسبب الإجراءات القانونية المتعددة من اعتقال الأشخاص ووضعهم في مراكز الاحتجاز وتوفير الحقوق الأساسية لهم، تصل تكلفة ترحيل الشخص الواحد إلى 14 ألف يورو. وفي عام 2018، كلفت سياسة الطرد الفرنسية الدولة الفرنسية 468.78 مليون يورو، وفقا لتقرير في مجلس النواب.

أما مرشحة حزب "التجمع الوطني" مارين لوبين تريد جعل "تقديم طلبات اللجوء ومعالجتها في الخارج، من خلال القنصليات والسفارات الفرنسية". وبالتالي، "لن يتمكن من القدوم إلى فرنسا إلا الأشخاص الذين حصلوا على صفة لاجئ". كما ظهر المقترح نفسه خلال الحملة الانتخابية الرئاسية لفاليري بيكريس مرشحة حزب الجمهوريين اليميني.

في المبدأ، يمكن التقدم بطلب للحصول على تأشيرة لجوء من السفارات والقنصليات الفرنسية في الخارج. لكن هذه التأشيرة الخاصة تسمح لحاملها فقط بدخول فرنسا، وعليه لاحقا "الذهاب إلى مقر المحافظة التي تتبع لها المدينة التي يسكن بها للحصول على استمارة طلب اللجوء"، وفقا لتعليمات المكتب الفرنسي لحماية اللاجئين وعديمي الجنسية (Ofpra)، المسؤول عن منح وضع اللاجئ.

لذلك ليس من الممكن تقديم طلب لجوء مباشرة من خارج البلاد، يجب أن يصل الشخص المعني إلى الأراضي الفرنسية للقيام بذلك، وهذا ما يريد مرشحو اليمين واليمين المتطرف تغييره. لكن طلب اللجوء حصريا خارج حدود فرنسا مخالف للقانون الدولي، لأن البلد المضيف ملزم بتزويد طالبي اللجوء على أراضيه " "بإمكانية الوصول إلى إجراءات لجوء عادلة وفعالة"، وفقا لمفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.

دانا البوز  مهاجر نيوز 2022

 

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد