مخاوف من أزمة جديدة في المغرب بسبب تراجع محصول القمح
١١ سبتمبر ٢٠١٢يواجه المغرب أسوأ أزمة قمح منذ 30 عاما، الأمر الذي يستدعي استيراد كميات كبيرة منه. وكانت الحكومة المغربية قد أعلنت أنها لن تلجأ إلى السوق العالمية لشراء القمح الليّن قبل بيع معظم المحصول المحلي. ويرجع النقص الكبير في محاصيل الحبوب إلى الجفاف الذي ساد خلال الموسم المنصرم بشكل أدى إلى تراجع هذه المحاصيل من 8.4 مليون طن العام الماضي إلى 5.1 مليون هذه السنة، منها 2.74 مليون من القمح اللين و 1.13 مليون من القمح الصلد و 1.2 مليون طن من الشعير.
ومما تعنيه هذه الأرقام أن المغرب في حاجة إلى ملايين الأطنان لسد احتياجات 34 مليون نسمة. وهذا ما دفع الحكومة إلى طرح مناقصتين في إطار اتفاقيات تجارة حرّة مع الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة. لكن المناقصتين لم تحظيا بالإقبال. وحسب وزارة الفلاحة فإن ذلك يعود إلى الأسعار المنخفضة التي عُرضت لمحصول القمح المحلي.
سياسات الاعتماد على السوق الدولية
وفي الوقت الذي تتكرر فيه أزمة النقص في الحبوب يرى المحللون بأن عوامل عدة تقف وراء ذلك لعل من أهمها حسب المحلل الاقتصادي المغربي نجيب أقصبي "سياسة الحكومات المتعاقبة التي كانت مبنية على استيراد القمح من السوق الدولية". وخلال السنين الماضية كان البنك الدولي دائما يشجع الدول التي لا تحقق الاكتفاء الذاتي للتوجه نحو هذه السوق من أجل سد احتياجاتها". على صعيد آخر يخضع الموسم الزراعي المغربي لتقلبات سقوط الأمطار. ويشرح أقصبي ذلك بالقول: "عندما تكون السنة ممطرة لا تكون هناك مشاكل من هذا النوع، لكن المشكلة تكون خلال المواسم الجافة التي تؤدي إلى نقص في الإنتاج الزراعي لاسيما في محاصيل الحبوب التي تعتمد على الأمطار".
أزمة مفتعلة من وجهة النظر الرسمية
غير أن نجيب بوليف، الوزير المكلف بالشؤون العامة والحكامة المغربي ينفي وجود أزمة كهذه. وحسب وجهة نظره فإن "السماسرة يسوقون لأزمة من خلال حملة إعلامية لبيع ما لديهم من الحبوب بأسعار عالية". وقال بوليف في تصريح خص به DW عربية: "المحصول الذي يتوفر عليه المغرب الآن يكفي لأربعة أشهر وليس هناك أية أزمة تلوح في الأفق". لكن المحلل الاقتصادي نجيب أقصبي يشكك في صحة التصريحات الرسمية لاسيما وأن المحصول المتوفر حاليا أقل بنسبة 40 بالمائة عن محصول السنة الماضية". ومن سوء الحظ فإن لجوء المغرب إلى السوق الدولية سيعني المزيد من العبء على الميزان التجاري بسبب الارتفاع العالمي في أسعار القمح. وفي هذا السياق تفيد مصادر المجلس الدولي للحبوب / IGC إن الجفاف في روسيا والولايات المتحدة الأمريكية قد يرفع الأسعار إلى مستويات قياسية.
الحكومة لن ترفع سعر الخبز
يعتبر الخبز مادة غذائية أساسية حيوية للمغاربة، وارتفاع أسعار القمح يعني ارتفاع ثمن الرغيف، وهذا الأمر سيشكل تحديا أمام حكومة عبد الإله بن كيران. والسؤال المطروح الآن هو كيف ستتعامل هذه الأخيرة مع الأزمة؟ في هذا الصدد يقول الخبير أقصبي: " لن تتجرأ الحكومة المغربية على رفع سعر الخبز الذي تدعمه الدولة عبر صندوق خاص، لاسيما وأنها رفعت مؤخرا سعر المشتقات النفطية". وبدوره ينفي الوزير بوليف أن يكون هناك أي ارتفاع في أسعار الخبز.
ضرورة البحث عن حلول
يبدو واضحا أن على المغرب البحث عن حلول وقائية وإيجاد البدائل، لأن مشكلة النقص في الحبوب تتكرر منذ سنوات. في هذا السياق يقول أقصبي إن " السياسة التي ينتهجها المغرب، أي سياسة استيراد القمح من الخارج خطأ فادح، وأنه آن الأوان لتغييرها من خلال العمل على تحقيق الاكتفاء الذاتي من إنتاج الحبوب". ويعتقد المحلل أقصبي أن أمام المغرب إمكانية للخروج من الأزمة من خلال اعتماد سياسة تهدف لدعم الإنتاج القروي عن طريق تشجيع صغار الفلاحين بهدف ضمان الحد الأدنى من لاكتفاء الغذائي الذاتي".