1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

ماذا يعني فرض حالة الطوارئ في إيطاليا بسبب تدفق المهاجرين؟

١٤ أبريل ٢٠٢٣

بعد ارتفاع أعداد المهاجرين الواصلين عبر البحر، أعلنت الحكومة اليمينية في إيطاليا فرض حالة الطوارئ لمدة ستة أشهر. ويحذر خبراء من أن الإجراء قد تكون له عواقب وخيمة على المهاجرين.

https://p.dw.com/p/4Q4ne
مهاجرون إلى إيطاليا
مخاوف من استغلال فرض حالة الطوارئ لتعطيل حصول طالبي اللجوء على إجراءات قانونية منصفةصورة من: Darrin Zammit Lupi/REUTERS

أعلنت الحكومة اليمينية في إيطاليا، بقيادة جورجيا ميلوني، فرض حالة الطوارئ في عموم أنحاء البلاد لمدة ستة أشهر، بهدف مساعدتها على التعامل مع زيادة أعداد المهاجرين الواصلين إلى الشواطئ الجنوبية لإيطاليا. وسيتم تعيين مفوض خاص لذلك، وتخصيص تمويل أولي بقيمة 5 ملايين يورو، كجزء من الإجراء الذي يقوده وزير الداخلية الإيطالي، ماتيو بيانتيدوسي.

هل تشهد إيطاليا تدفقا كبيرا لوافدين جدد؟

بينما تركز الحكومة الحالية جهودها لتنفيذ وعدها بقمع الهجرة عبر البحر وعدم إنزال المهاجرين، الذين يتم إنقاذهم في الموانئ الإيطالية، فإن العكس يتحقق. حيث وصل أكثر من 31 ألف مهاجر هذا العام إلى إيطاليا، إما أنقذتهم قوارب خفر السواحل الإيطالية أو سفن تابعة لمنظمات تطوعية، أو وصلوا إلى إيطاليا دون مساعدة، وفق أرقام وزارة الداخلية. وخلال نفس الفترة من العامين الماضيين، كان عدد الواصلين حوالي 8000.

ورغم  ارتفاع عدد المهاجرين الواصلين، مقارنة بالسنوات السابقة، وامتلاء مراكز الاستقبال مثل تلك الموجودة في لامبيدوزا، إلا أن فاليريا كارليني، المتحدثة باسم "المجلس الإيطالي للاجئين" (وهو منظمة غير حكومية)، ترى أن الوضع مع ذلك لا يشبه ما حدث في منتصف العقد الماضي، بعد تدفق اللاجئين القادمين بسبب الحرب في سوريا. حينها، ورغم تدفقات الهجرة القوية، لم يتم إعلان حالة الطوارئ.

وترى كارليني، في حديث مع DW، أن فرض حالة الطوارئ هو "أمر غير معتاد، ويعتبر مؤشر ضعف في إدارة ما أصبح الآن ظاهرة هيكلية مثل الهجرة".

التعامل مع الهجرة كحالة طوارئ يتوافق مع نهج الحكومة الحالي بشأن الهجرة، الساعي إلى تجريم عمل المنظمات غير الحكومية التي  تساعد المهاجرين في البحر،   كما تقول كارمين كونتي، خبيرة السياسة القانونية في مجموعة سياسات الهجرة، ومقرها بروكسل.

حالة طوارئ عامة في إيطاليا بسبب الهجرة.. ماذا تعني؟

وتشير كونتي إلى أن الاستقطاب الذي تدفع به الحكومة الإيطالية في الجدل حول الهجرة، يكشف عدم وجود استراتيجية شاملة طويلة الأمد لإدارة الهجرة بشكل يحمي حقوق الإنسان ويضمن إمكانية الوصول الآمن إلى أوروبا.

وترى كارليني أن هذه الاستجابة قصيرة النظر، مشيرة إلى الجهود الملحة التي يجب بذلها لمواجهة التغير الديمغرافي في سوق العمل. حيث تزداد أعداد المسنين الذين سيخرجون إلى التقاعد في إيطاليا. وهنا يمكن أن يُستفاد اجتماعيا واقتصاديا من اندماج المهاجرين.

يذكر أنه كانت هناك مرة وحيدة جرى فيها تفعيل حالة الطوارئ في إيطاليا بسبب الهجرة، كان ذلك في عام 2011 في ظل حكومة برلسكوني، عقب بدء ثورات الربيع العربي.

تبعات حالة الطوارئ

تسمح حالة الطوارئ للحكومة الإيطالية بتجاوز البرلمان في إصدار القوانين، حتى في حالة تجاوز القوانين السابقة (أي أنها تقوم عمليا بتغيير القانون). والأساس المنطقي لهذا الإجراء هو إعطاء السلطة التنفيذية صلاحيات غير عادية وسرعة اتخاذ القرار في مواجهة الكوارث البشرية والطبيعية غير المتوقعة مثل الزلازل.

أستاذ القانون الدستوري في جامعة لويس، البروفيسور رافاييل بيفولكو، يعترف أن استخدام حالة الطوارئ هو دائما "تطور مثير للقلق" في الأنظمة الديمقراطية، ولكنه إجراء قد يكون ضروريا في بعض الأحيان، كملاذ أخير.

من جانبها لم تصمت المعارضة الإيطالية، واتهمت رئيسة الوزراء ميلوني بالنفاق. لأن ميلوني، عندما كانت في المعارضة حينها، عارضت إجراءات مكافحة جائحة كورونا، ووصفتها بأنها "تبيد الحرية". 

رئيسة الوزراء الإيطالية جيورجيا ميلوني
المعارضة الإيطالية اتهمت رئيسة الوزراء ميلوني بالنفاق بعد فرضها حالة الطوارئصورة من: Andreas Solaro/AFP

عواقب ذلك بالنسبة للمهاجرين؟

وأكدت رئيسة الوزراء جيورجيا ميلوني أن هذا الإجراء سيسمح للحكومة بتحرير الأموال والتحرك بسهولة أكبر لإنشاء مراكز استقبال جديدة، وكذلك مراكز ترحيل إضافية للمرفوضة طلبات لجوئهم. وبالتالي إدارة ملف الهجرة بشكل أسرع وأكثر فعالية، وتسريع إجراءات إعادة المهاجرين إلى بلدانهم.

وهذا يتطلب بناء مركز استقبال واحد على الأقل لكل منطقة، مقابل تسعة مراكز موجودة حاليا في عموم البلاد.

كثير من التفاصيل لم تتضح حتى الآن، ولكن أجراس الإنذار بدأت تُقرع بالفعل. فقد يكون بناء المزيد من مراكز الاستقبال أمرا خطيرا ومضراً بسمعة البلاد، نظرا للظروف السيئة وانتهاكات حقوق الإنسان التي تحدث فيها.

وتنتقد فاليريا كارليني من "المجلس الإيطالي للاجئين" الخطة، معتبرة أن مبلغ 5 ملايين يورو قليل جدا ولا يكفي لما تصفه الحكومة الآن بأنه "حالة طوارئ"، وبالتالي ستؤدي حالة الطوارئ إلى تطبيق معايير بمستوى أقل، وتتيح فرص أقل لاندماج المهاجرين.

ولا يمكن النظر إلى فرض حالة الطوارئ بمعزل عن التشريع الأخير، الذي أقرته الحكومة الإيطالية، والذي يقيد بشدة أنشطة البحث والإنقاذ التي تقوم بها سفن المنظمات غير الحكومية، ويجرّمها أحيانا. وأيضا هناك مشروع قانون قيد المناقشة في البرلمان، الهدف منه تقييد استخدام الحماية الخاصة بشدة.

وتحذر الباحثة في السياسة القانونية، كونتي، من أن تسريع إجراءات الإعادة إلى الوطن، استنادا إلى البت بطلبات اللجوء بشكل غير ملائم، بالإضافة إلى تقلص الحماية الخاصة قد يؤديان إلى محاولات الوصول بشكل غير قانوني عبر البحر،  وبالتالي زيادة عدد الوفيات، مما ينتج عنه تأثير مشابه لمرسوم سالفيني في عام 2018 .

وبشكل عام اتفقت المصادر التي تحدثت معها DW على أنه ستكون لهذا الإجراء عواقب وخيمة على المهاجرين وما يتعلق بحماية حقوق الإنسان.

إيطاليا تضغط على أوروبا لاتخاذ إجراءات بشأن الهجرة

طالبت ميلوني، كحال الحكومات الإيطالية التي سبقتها، بمزيد من التضامن والتنسيق بين دول الاتحاد الأوروبي لمعالجة الأعداد المتزايدة للمهاجرين.

"لنكن واضحين، هذا لا يحل المشكلة. الحل يرتبط  بالتدخل الواعي والمسؤول من جانب الاتحاد الأوروبي"،  كما صرح وزير الحماية المدنية والسياسات البحرية، نيلو موسوميسي، لوكالة الأنباء الإيطالية.

ولكن المصادر التي تحدثت إليها DW لا تتوقع أن تستفيد ميلوني من إعلان إيطاليا لحالة الطوارئ، كي تدفع دول الاتحاد الأوروبي الأخرى لتقديم مزيد من الدعم لها. فهناك إجماع حول حقيقة أن هذه الخطوة الأخيرة (فرض حالة الطوارئ) تتماشى مع نهج الحكومة، لجعل وصول المهاجرين بأمان إلى أوروبا أمرا أكثر صعوبة.

مارتا سيلفيا فيغانو/ف.ي