1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

ليلة برفقة طاقم "أبيل نورماندي" الفرنسية لإنقاذ المهاجرين

٧ يوليو ٢٠٢٤

تعبر سفينة "أبيل نورماندي" التي استأجرتها البحرية الفرنسية، بحر المانش بحثا عن قوارب المهاجرين. لكن كيف ينقذ الطاقم المهاجرين؟ قضى فريق مهاجرنيوز ليلة على متن السفينة لفهم ما يحدث بشكل أفضل.

https://p.dw.com/p/4hm5A
مجموعة من المهاجرين تعود إلى البر بعدما أنقذتهم سفينة "أبيل نورماندي"
مجموعة من المهاجرين تعود إلى البر بعدما أنقذتهم سفينة "أبيل نورماندي"صورة من: Gareth Fuller/PA/dpa/picture alliance

يتردد صدى صوت القبطان نينو فيرلي عبر مكبرات الصوت، "الجميع على متن السفينة"، فتبداً محركاتها بالدوران، فيما يشرع البحارة بفك الحبال الكبيرة التي تربط السفينة برصيف الميناء، لتنطلق في بحر المانش كما هو مقرر، في تمام الساعة التاسعة مساء.

تغادر سفينة "أبيل نورماندي" ميناء "بولوني سور مير"، في منطقة "با دو كاليه"، فمنذ حزيران/يونيو 2022، تقوم هذه السفينة المستأجرة من قبل البحرية الفرنسية بمراقبة وإنقاذ قوارب  المهاجرين  في المانش.

ومنذ 1 كانون الثاني/يناير 2024، عبر المانش أكثر من 12 ألف مهاجر على متن قوارب مطاطية، ووصلوا إلى المملكة المتحدة، على الرغم من التدابير العديدة المتخذة على جانبي الحدود لمنع عمليات العبور هذه. توضح فيرونيك ماجنين، المتحدثة باسم المحافظة البحرية للقناة وبحر الشمال (بريمار)، "لقد انتقلنا من حوالي 500 مهاجر تمكنوا من العبور في عام 2018، إلى ما يقرب من 30 ألف شخص في عام 2021. لذا لا يمكننا ترك المنطقة الفرنسية  من دون رقابة".

وبالإضافة إلى أفراد الشرطة المنتشرين على الشواطئ، تبحر يوميا فرق من البحرية الوطنية والدرك والجمارك، على متن ست سفن، بحثا عن "قوارب صغيرة" تعاني من صعوبات. وفي هذا الوضع، تشكل "الأنشطة المتعلقة بالمهاجرين" 60% من أنشطة سفينة "أبيل نورماندي"، التي تعمل أيضاً على سحب السفن المعرضة للخطر.

"إذا كانت هناك مشكلة، فنحن هنا لاتخاذ الإجراءات اللازمة"

عندما يحل الليل، يسود الهدوء على جسر السفينة، ولا يكسر الصمت سوى بعض الضجيج الخافت المنتظم للآلات وبعض الاتصالات الإذاعية، فالطاقم على اتصال دائم مع مركز "غري ني" الإقليمي للمراقبة والإنقاذ البحري "CROSS"، المسؤول عن تنسيق الإنقاذ في المنطقة.

تشرح فيرونيك ماجنين، "بمجرد الإبلاغ عن وجود قارب يواجه صعوبات، إما عن طريق التواصل مع قوات الأمن على اليابسة أو من قارب تجاري أو ترفيهي في المنطقة، أو من قبل المهاجرين أنفسهم، تتصل بنا منظمة الصليب الأحمر الدولية وتطلب منا الذهاب إلى المنطقة لمعرفة ما يحدث".

بمجرد الوصول إلى المنطقة ورصد القارب، يرسل الطاقم زورق صغير للاقتراب من قارب المهاجرين  وجمع أكبر قدر ممكن من المعلومات. يسأل أحد رجال الإنقاذ "هل المحرك يعمل؟ هل يطلب المهاجرون  المساعدة؟ كم عددهم؟ هل لديهم سترات نجاة؟ إذا لم يطلب أحد المساعدة، وتحرك القارب بوتيرة منتظمة، نبقى على مسافة ونتبعه. نحن لا نجبر أي شخص على الصعود إلى زورق الإنقاذ، ولكن في حالة حدوث مشكلة، نحن موجودون للتحرك". وتم الإبلاغ في السابق عن حالات رفض فيها المهاجرون تلقي المساعدة من "أبيل نورماندي"، لكنهم عادوا وغيروا رأيهم بسبب عطل في محركهم.

ولا تعترض السفن الفرنسية قوارب المهاجرين في البحر، كما يفعل خفر السواحل التونسي أو المغربي في البحر الأبيض المتوسط ​​والمحيط الأطلسي. تؤكد فيرونيك ماجنين "بشكل عام، لا يشعر المهاجرون بسعادة كبيرة عندما يرون السفن الفرنسية تقترب منهم، لأنهم يسعون قبل كل شيء للوصول إلى المملكة المتحدة. لذلك نحن لا نخاطر بنقلهم من قاربهم إلى زورقنا إذا لم يطلبوا منا المساعدة. إن عواقب الإنقاذ القسري وعواقب التدافع، يمكن أن تكون دراماتيكية. آخر حادثة لموت مهاجرين  في البحر لم تكن حادثة غرق، بل تعرض الضحايا للدهس والتدافع من قبل مهاجرين آخرين قبالة الشاطئ بعد حالة من الذعر. نريد تجنب ذلك بأي ثمن".

وفي ليلة الاثنين إلى الثلاثاء، 22 إلى 23 نيسان/أبريل، توفي خمسة مهاجرين  من بينهم طفل يبلغ من العمر سبع سنوات، بعد "عملية تدافع" في زورقهم بالقرب من "ويميرو". وكان ما يقرب من 110 أشخاص متكدسين في داخل ذلك القارب.

ومع ذلك، إذا رغب المهاجرون في تلقي المساعدة، فستعتني بهم طواقم "أبيل نورماندي" وتنقلهم إلى متن السفينة، حيث تنتظرهم غرفتان مدفأتان، تحتوي إحداهما على أسرة وملابس جافة. ويتم توفير الرعاية الطبية الأساسية من قبل الطاقم، كما يتم تقديم الألعاب للأطفال.

"واحد من أكثر الطرق البحرية ازدحاما في العالم"

وخلال مرافقة فريق مهاجرنيوز لسفينة "أبيل نورماندي"، في ليلة 23 حزيران/يونيو، تلقت السفينة مكالمة هاتفية من "CROSS Gris-Nez"، قبل الساعة الخامسة صباحا بقليل، حيث تم رصد قارب على بعد كيلومتر واحد من الساحل بالقرب من "غرافيلاينز".

كان القمر لا يزال مرئيا ولكن أشعة الشمس تعطي انعكاسات وردية في الأفق. على بحر أملس أزرق داكن، ظهر قارب مطاطي يبحر بسرعة بطيئة، محملا بركاب يرتدون سترات النجاة.

 المهاجرون  لم يطلبوا المساعدة، فالقارب كان لا يزال يتحرك للأمام. يقول نينو فيرلي "سنكون قادرين على الاقتراب قليلاً لإجراء إحصاء دقيق للأشخاص الذين كانوا على متن السفينة". للحصول على أدق رقم ممكن، يقوم الطاقم بإطلاق طائرتهم بدون طيار وتوجيهها فوق القارب. وتظهر الصور المنقولة إلى الحاسوب، 60 راكبا من بينهم أطفال، بعضهم ملفوف داخل بطانيات وغير مرئيين، وجميعهم متكدسون وسط القارب.

الهجرة عبر بحر المانش ـ قارب مثقل بمهاجرين
الهجرة عبر بحر المانش ـ قارب مثقل بمهاجرينصورة من: Gareth Fuller/empics/picture alliance

تبعت السفينة الفرنسية قارب المهاجرين  باتجاه المياه البريطانية، لكن وبعد أكثر من خمس ساعات من الإبحار وسط الرياح العاتية، واجه القارب بعض الصعوبات، بعد أن مر بالقرب من سفينة شحن ضخمة كانت راسية في المنطقة. و"يعتبر هذا القطاع البحري من أكثر المناطق ازدحاما في العالم، إذ تمر عبره أكثر من 600 سفينة تجارية يوميا"، وفقاً للمحافظة البحرية لبحر الشمال. وبالإضافة إلى ذلك، يدفع التيار القادم من الشرق إلى الغرب قوارب المهاجرين  على طول الحدود الفرنسية البريطانية. لكن ومع ذلك، لا تزال هذه القوارب قادرة على الوصول إلى وجهتها.

"من الممكن أن يسقط الناس في الماء في أي لحظة"

عند وصولهم إلى الجانب البريطاني، اقتربت سفينة تابعة لقوات الحدود من المهاجرين بسرعة، أحد الركاب رفع يديه إلى السماء وأظهر ابتسامة عريضة، فهذه هي المرحلة الأخيرة من رحلته التي بدأت بالتأكيد على بعد آلاف الكيلومترات.

يقوم خفر السواحل برفع الركاب واحدا تلو الآخر على متن سفينة الدورية، ويأخذ أحدهم طفلاً بين ذراعيه. وسادت أجواء من التوتر لبعض اللحظات بسبب تحمس المهاجرين ووقوفهم في القارب، ما عرضهم لبعض التوبيخ من قبل الجنود البريطانيين.

قد تبدو طريقة التعامل البريطانية قاسية، لكن هذا الحزم ضروري. تشرح جوستين ميريه، المسؤولة عن الاتصالات في محافظة بحر الشمال، والتي كانت متواجدة على زورق "أبيل نورماندي"، "هناك تشابه بين هذا المشهد والمشهد الذي نراه عند هبوط الطائرة، ووقوف الركاب بسبب رغبتهم في الخروج بسرعة من الطائرة. هذه الإثارة غير المنضبطة يمكن أن تؤدي إلى الذعر وسقوط الناس في الماء".

بمجرد نقل المهاجر الأخير إلى السفينة الإنكليزية، عادت سفينة "أبيل نورماندي" نحو "بولوني سور مير" (فرنسا). وفي ذلك اليوم، وصل 257 شخصا على متن أربعة قوارب إلى المملكة المتحدة.

لكن العديد من المهاجرين  لا يتمكنون من الوصول إلى المملكة المتحدة، فمنذ 1 كانون الثاني/يناير 2024، قام مكتب "CROSS Gris-nez" بتنسيق عمليات إنقاذ لأكثر من 2700 مهاجر كانوا يواجهون صعوبة في المانش. وفي عام 2023، تم إنقاذ أكثر من 6000 شخص، بينما فقد 16 شخصا حياتهم أثناء محاولتهم الوصول إلى المملكة المتحدة.

في طريق العودة إلى فرنسا، يعترف القبطان نينو فيرلي بأنه لم يتخيل يوما ما أنه سيقوم بإنقاذ المهاجرين في البحر، لكن بعد أن أمضى عدة سنوات في البحرية التجارية ثم في سحب السفن التي تواجه صعوبات، أصبح إنقاذ المهاجرين  جزءا من حياته اليومية. يقول "من الواضح أن ما أقوم به منذ عامين مختلف تماما عما اعتدت عليه قبل ذلك، ولكن ليس لدي أي نية لوقف عمليات الإنقاذ".

مهاجر نيوز 2024

 مارلين بانارا