1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

لماذا لا ترسل واشنطن أسلحة بعيدة المدى إلى أوكرانيا؟

٢٩ مارس ٢٠٢٣

حتى الآن تزود الولايات المتحدة أوكرانيا بأسلحة ثقيلة ذات قدرات محدودة مقارنة بمثيلتها في قوات الناتو. وهذا ما ينطبق مثلا على مدافع هاوبتس وصواريخ هيمارس. لماذا لا تزود واشنطن كييف بأسلحة كاملة الفعالية؟

https://p.dw.com/p/4POOP
راجمة الصواريخ هيمارس تطلق صواريخ من أوكرانيا على القوات الروسية في زابوريجيا 04.07.2022
أوكرانيا حصلت على راجمات صواريخ هيمارس الأمريكية ذات المدى القصير، لماذا لا يتم تزويدها بصواريخ بعيدة المدى؟صورة من: Armed Forces of Ukraine/Cover Images/IMAGO

دبابات ليوبادر 2 من النرويج، وطائرات ميغ 29 من سلوفاكيا، تحصل أوكرانيا يوميا من الغرب على أسلحة ثقيلة. وأعلنت الولايات المتحدة في العشرين من شهر مارس/ آذار الجاري عن حزمة مساعدات عسكرية جديدة إلى كييف بقيمة 350 مليون دولار، لكنها لم تتضمن دبابات أبرامز M1 التي وعدت بها سابقا.

دبابات أبرامز بدون التصفيح السري!

قيل في واشنطن مؤخرا، إنهم يريدون اختصار مدة التسليم وإرسال نماذج قديمة مع حلول الخريف، وفي بداية هذا العام أشارت مجلة بوليتيكو الأمريكية في تقرير لها إلى أن الولايات المتحدة لا تريد إرسال دبابات أبرامز ذات التصفيح السري الذي يحتوي على اليورانيوم المنضب إلى أوكرانيا، والسبب هو شروط التصدير.

الخبير العسكري لدى المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، غوستاف غريسل، لا يرى في ذلك أمرا غير عادي، ويقول في حوار مع DW "ستحصل أوكرانيا على النموذج المخصص للتصدير من دبابة أبرامز، مثل تلك التي تستخدم في مصر والسعودية والعراق. وتصفيح هذا النموذج من أبرامز يماثل تصفيح  دبابات ليوبارد 2 A4 القديمة التي أرسلتها النرويج ومن قبلها بولندا إلى أوكرانيا. لكن النموذج الاقدم من دبابة أبرامز ما يزال جيدا، فهذه الدبابة حسب الخبير ما تزال " دبابة قتالية جيدة، مزودة بجهاز رؤية جيد ذو تصوير حراري ومدفع قوي وتتفوق على الدبابات الروسية من حيث ميزات الاستخدام".

دبابة أبرامز M1 الأمريكية تشارك في مناورات الأسد المتاهب في الأردن 11.09.2022
أعلنت أمريكا أنها ستزود أوكرانيا بدبابات أبرامز لكن من النموذج القديم بدون التصفيح السري، ما أسباب ذلك؟صورة من: piemags/IMAGO

مدافع أمريكية تعمل ببرامج أوكرانية!

شروط وقواعد التصدير هي أحد أسباب تزويد الولايات المتحدة أوكرانيا بأسلحة ثقيلة مقيدة، ولكنها ليست السبب الوحيد. "يتم التساؤل في أوكرانيا عما سيحدث لو تم ترك دبابة واستولت عليها روسيا وقامت بتحليلها؟" يقول غريسل. هذا القلق يبدو أنه يتعلق بمدفع هاوبتس M777 الأمريكي، الذي يتم تزويد أوكرانيا به منذ أبريل/ نيسان العام الماضي. فهذا المدفع أرسل إلى أوكرانيا بدون تزويده بنظام تحديد المواقع جي بي اس/ GPS وبدون الكمبيوتر والبرامج المتعلقة به. والأسلحة التي لا تحتوي على نظام GPS أقل دقة في إصابة الهدف.

لكن الجيش الأوكراني وجد حلا سريعا لذلك، إذ زود المدفع بالنظام الخاص به المستخدم في المدافع الأوكرانية الصنع وهو نظام GIS " Arta". وأبرز استخدام لهذا النظام في مدفع هاوبتس M777 الأمريكي حسب وسائل إعلام أوكرانيا وغربية، كان في مايو/ أيار 2022، حين دمر الجيش الأوكراني عددا كبيرا من القوت الروسية لدى عبورها نهر سيفرسكي دونيتسك قرب قرية بيلوريفكا في منطقة لوهانسك. الخبير العسكري غوستاف غريسل يرى أن أوكرانيا لديها تفوق، ويضيف: "بالنسبة للمدفعية، تصل أوامر إطلاق النار بشكل أسرع". في حين أن الجانب الروسي "لا يزال يعتمد كثيرا على اللاسلكي" لإعطاء الأوامر.

سيرغي هرابسكي، الخبير العسكري في كييف والضابط السابق في  الجيش الأوكراني، لا ينظر بقلق إلى أنظمة التسليح الغربية المقيدة، ويقول لـ DW: "كل أنظمة معلومات القيادة مدمجة في هياكل قيادة الناتو، ويمكن استخدامها فقط في إطار مهام الناتو". وهذه ممارسة عادية، وأوكرانيا تستخدم أنظمتها الخاصة بها.

مدفع هاوبتس M777 الأمريكي يستخدمه جنود من الجيش الأوكراني قرب منطقة دونيتسك 06.06.2022
زودت أمريكا أوكرانيا بمدافع هاوبتس وأسلحة أخرى معدلة، هل يؤثر ذلك بشكل سلبي على أداء القوات الأوكرانية؟صورة من: REUTERS

راجمات صواريخ هيمارس قصيرة المدى

الأمر يبدو مختلفا بالنسبة لراجمة الصواريخ المتحركة هيمارس، التي أرسلتها أمريكا إلى أوكرانيا في صيف 2022، والتي تستخدمها القوات الأوكرانية بنجاح لشن ضربات دقيقة في العمق خلف خطوط الجبهة. لكن الولايات المتحدة تقدم لأوكرانيا صواريخ يصل مداها إلى حوالي 80 كيلومترا، ولا تزودها بصواريخ اتاكمس/ ATACMS التي يصل مداها إلى 300 كيلومتر.

في هذا السياق أشارت صحيفة وول ستريت جورنال إلى أن  راجمة الصواريخ هيمارس قد تم تعديلها بحيث لا يمكن استخدامها لإطلاق صواريخ بعيدة المدى. فحتى لو حصلت أوكرانيا من السوق العالمية على صواريخ ذات مدى بعيد (يتجاوز 80 كيلومترا) لن تستطيع إطلاقها بهذا النموذج المعدل من هيمارس. ونقلت الصحيفة عن مصدر في الحكومة الأمريكية رفض الكشف عن هويته قوله، إن سبب ذلك هو الرغبة في التقليل من "خطر توسيع نطاق الحرب مع موسكو". وفي سيتمبر/ أيلول 2022، قالت المتحدثة باسم الخارجية الروسية، ماريا ساخاروفا، إن الصواريخ ذات المدى البعيد تعتبر "خطا أحمر". وهذا سيجعل أمريكا طرفا في الحرب. الخبير العسكري غريسل، يرى أن القيود التقنية في راجمة الصواريخ هيمارس يمكن رفعها إذا قررت واشنطن ذلك لدوافع سياسية.

إن القيود المتعلقة بالأسلحة التي تزود الولايات المتحدة أوكرانيا بها، سببه أيضا "الخوف من  روسياوتصعيد الحرب من جانبها" يقول شتفان بلانك، الخبير الأمريكي لدى معهد أبحاث الشؤون الخارجية والمدرس السابق في الكلية الحربية للجيش الأمريكي. ويضيف بلانك: "أنا لا أفهم لماذا ينبغي استبعاد الأراضي الروسية من الضربات الأوكرانية. روسيا هي التي بدأت هذه الحرب وتدمر أوكرانيا". ويرى بلانك أن هناك "اختلافا كبيرا" في ساحة المعركة، حيث أن روسيا تستطيع نقل معداتها الحربية حتى الحدود الأوكرانية و"إطلاق النار كما تشاء" بدون الخوف من أي هجوم مضاد. ويضيف الخبير في هذا السياق: "إذا لم تعد (روسيا) قادرة على فعل ذلك بعد الآن، سيشكل الأمر ميزة كبيرة بالنسبة لأوكرانيا".

في بداية هذا العام 2023 وعد الشركاء الغربيون أوكرانيا بتزويدها بصواريخ يصل مداها إلى 150 كيلومترا، وقد وافقت كييف على عدم استخدامها في قصف مدن روسية، لكن ذلك لا يسري على المناطق التي تحتلها روسيا، حسب ما أوضحه وزير الدفاع الأوكراني آنذاك.

التحذير من إرسال إشارات خاطئة لبوتين

شتفان بلانك يعتقد أن أوربا لديها خوف أكثر من الولايات المتحدة، وإدارة الرئيس بايدن تريد الحفاظ على تماسك حلف الناتو، وهي تراعي ذلك، حسب بلانك. وقد أكد الناتو أكثر من مرة أنه لا يريد أن يصبح  طرفا في الحرب ولا يريد جره إليها. الخبير العسكري غوستاف غريسل، يرى أن هذا الموقف صحيح، لكنه ينتقد تصور واشنطن بأنه "يمكن للمرء إدارة تفاصيل الحرب، بحيث تصل إلى مأزق". ويضيف بأن "الحرب معقدة وفوضوية جدا، أكثر من القدرة على إدارة تفاصيلها". ويتابع غريسل حديثه لـ DW بأن "المرء يرسل بذلك إشارة إلى بوتين بأن لديه فرصة معينة لكسب الحرب. إن كل تحفظ غربي في تسليم الأسلحة هو إشارة للرئيس الروسي بأننا لا نأخذ الأمر على محمل الجد".

رومان كونشارينكو/ ع.ج