1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

لغز براميل اليورانيوم في ليبيا .. أي خطر تمثله على المنطقة؟

١٧ مارس ٢٠٢٣

أثار اختفاء عدد من البراميل التي تحتوي على اليورانيوم الخام في أحد المواقع في ليبيا قلقاً دولياً واسعاً. لكن لاحقاً أعلنت قوات تابعة للجنرال خليفة حفتر عثورها على تلك البراميل. فما الذي حدث؟ وما مدى خطورة تلك الكمية؟

https://p.dw.com/p/4Oq2V
 المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل ماريانو غروسي
المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل ماريانو غروسي أبلغ الدول الأعضاء باختفاء 10 براميل تحتوي على حوالي 2.5 طن من اليورانيوم الطبيعي من موقع بجنوب ليبيا.صورة من: Joe Klamar/AFP/Getty Images

أثار اختفاء عبوات تحتوي على عنصر اليورانيوم الطبيعي من أحد مواقع التخزين في ليبيا قبل ثلاثة أيام قلقاً دولياً كبيراً. لكن قوات ما يسمى بالجيش الوطني الليبي (قوات شرق ليبيا) أعلنت أمس الخميس (16 مارس/ آذار)، العثور على براميل اليورانيوم التي أبلغت الوكالة الدولية للطاقة الذرية عن فقدانها جنوبي البلاد من أحد المواقع التي لا تُسيطر عليها الحكومة.

وتشير تقارير غربية إلى أن المستودع الليبي يضم نحو 6 أطنان من عنصر اليورانيوم الطبيعي والموجود على شكل مركّز اليورانيوم (الكعكة الصفراء Yellow Cake) وأن الموقع الذي يقع على بعد حوالي 660 كيلومترًا جنوب شرق العاصمة الليبية لا يتمتع بحراسة كافية بسبب الأحداث الأمنية التي تشهدها البلاد وحالة الانقسام السياسي الحادة التي تعيشها ليبيا.

اختفاء غامض.. وظهور أكثر غموضاً!

تواصلت DW عربية مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية لفهم طبيعة الحادث. وقالت الوكالة في ردها على رسالة بالبريد الإلكتروني إنه في 15 مارس/آذار، أبلغ المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل ماريانو غروسي الدول الأعضاء في الوكالة أنه خلال أنشطة التحقق الدورية التي أجريت في 14 مارس/ آذار 2023، اكتشف مفتشو الوكالة اختفاء 10 براميل تحتوي على ما يقرب من 2.5 طن من اليورانيوم الطبيعي في شكل "مُركّز خام اليورانيوم" من أحد مواقع التخزين بجنوب دولة ليبيا. وأفادت الوكالة أنها ستقوم بمزيد من الأنشطة لتوضيح ظروف إزالة المواد النووية وموقعها الحالي.

وقال رافائيل ماريانو غروسي، المدير العام للوكالة، في بيان سري إن مفتشي الوكالة اكتشفوا ذلك خلال عملية تفتيش كانت مقررة العام الماضي "وتأجلت بسبب الوضع الأمني في المنطقة" وتم إجراؤها أخيراً يوم الثلاثاء (14 مارس/ آذار).

وأضاف البيان الذي صدر في صفحة واحدة أن "10 أسطوانات تحوي قرابة 2.5 طن من اليورانيوم الطبيعي في شكل تركيزات لليورانيوم الخام كانت قد أعلنت (ليبيا) ... أنها مخزنة في الموقع ليست موجودة فيه".

وكانت ليبيا قد تخلت عام 2003 عن برنامجها السري لتطوير الأسلحة النووية، كما قامت بالتوقيع على البروتوكول الإضافي الذي يسمح للوكالة الدولية بالقيام بعمليات تفتيش داخل البلاد.

وقال اللواء خالد المحجوب مدير إدارة التوجيه المعنوي في قوات شرق ليبيا في بيان إن "مسؤولاً من الوكالة يدعى ماسيمو، حضر الأربعاء الماضي لمكتب الأمين العام للجيش الليبي وأبلغ عن اختفاء 10 براميل (يورانيوم) ووجود فتحة في المستودع من الجانب تسمح بخروج جسم في حجم البرميل الواحد". 

وأضاف أنه بناء على ذلك "اتخذت الإجراءات وتم تكليف قوة من الجيش وجدت هذه البراميل في منطقة لا تبعد سوى حوالي خمسة كيلومترات عن المستودع في اتجاه الحدود التشادية". وتابع: "تم تصوير فيديو للكمية التي فقدت وتم التحفظ عليها لترسل الوكالة متخصصين للتعامل معها".

وتابع المحجوب موضحاً: "لقد تم تصوير الكمية بالفيديو، والتحفظ عليها لحين إرسال الوكالة الدولية متخصصين للتعامل معها؛ كما تم إبلاغ (السيد) ماسيمو أبارو (نائب المدير العام ورئيس إدارة الضمانات في الوكالة الدولية للطاقة الذرية)، بعدم الإعلان عن فقدان الكمية باعتبارها موجودة".

وقال اللواء خالد المحجوب إنه على الأغلب توقعت إحدى الفصائل التشادية أن يكون هذا المستودع الذي عليه حراسة في هذه المنطقة الخالية يحوي ذخائر أو أسلحة يمكنهم الاستفادة منها، بحسب موقع "أخبار ليبيا 24" وأكد المحجوب أن التعامل مع هذه المواد الخطرة والمشعة - وبحكم متابعة الوكالة لها - تحتاج إلى دعم حقيقي للمحافظة عليها والتعامل الآمن معها بحكم خطورتها.

وفي فيديو منشور على موقع تويتر يظهر شخص يرتدي بزة بيضاء مخصصة للوقاية من الإشعاع، وهو يحصي 19 برميلاً، في حين أن الوكالة الدولية تحدثت عن اختفاء 10 براميل فقط.

موقع يفتقر التأمين الكافي

يذكر أنه في السنوات الأخيرة، كانت سبها إلى حد كبير تحت سيطرة قوات شرق ليبيا، بقيادة خليفة حفتر .

ووفق بيان قوات شرق ليبيا "تمت زيارة موقع اليورانيوم في الجنوب الليبي عام 2020 من قبل أعضاء الوكالة وتم جرد (حصر) العدد الموجود وأقفل باب المستودع بالشمع الأحمر".

وأشار البيان إلى أن الوكالة تعهدت في حينه بأن تؤمن "احتياجات الحراسة" التي تشمل "ملابس خاصة وكمامات وغيرها لحماية المكلفين بالحراسة من الأمراض التي تسبّبها هذه المادة"، لكن الوكالة لم توفر هذه الاحتياجات، وفق البيان، ما اضطر الحراس للبقاء بعيدين عن المستودع.

وقال متحدث باسم الوكالة الدولية للطاقة الذرية في فيينا: "سوف تجرى الوكالة مزيداً من الأنشطة لتوضيح ملابسات اختفاء المواد الخام النووية وموقعها الحالي".

وتراقب الوكالة الدولية للطاقة الذرية الموقع بانتظام "من خلال تحليل صور الأقمار الصناعية والوصول المفتوح للمعلومات"، وأرادت في ضوء نتائج هذه التحليلات زيارته "رغم الوضع الأمني المقلق في المنطقة واللوجستيات المعقدة" للوصول إليه".

وجدير بالذكر أنه خلال الانتفاضة، التي أطاحت بنظام القذافي، اكتُشف موقع لتخزين الكعكة الصفراء في واحة صحراوية في منطقة سبها. وبعد زيارة للموقع في 2011، أوصت الوكالة الدولية للطاقة الذرية ببيع براميل الكعكة الصفراء أو نقلها مع تدهور ظروف التخزين وانعدام الأمن في الموقع.

ما مدى خطورة هذه الكمية؟

علمياً، لا يمكن استخدام اليورانيوم الطبيعي على الفور لإنتاج الطاقة أو الاستخدام كسلاح فتاك، حيث تتطلب عملية التخصيب عادةً الكثير من عمليات التحويل للعنصر الذي يتم تدويره في أجهزة الطرد المركزي للوصول إلى المستويات المطلوبة لعمل ذلك.

ويقول الخبراء إن كل طن من اليورانيوم الطبيعي - بفرض توافر الوسائل والموارد التكنولوجية - يمكن تحويله إلى 5.6 كيلوغرامات من المواد التي يمكن استخدامها في صنع الأسلحة النووية بمرور الوقت.

ويقول يسري أبو شادي، كبير مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية سابقاً، إن الكمية المفقودة والتي تم اكتشافها لاحقاً من الكعكة الصفراء "لا تُمثل خطراً نووياً كبيراً بل إنها يمكن إن جاز التعبير أن تشكل ربع قنبلة نووية"، لكنه حذر قائلاً: "الحقيقة هي أن هذا لا ينفي أبدا خطورتها صحياً إذا وصلت لجسم الإنسان عبر التنفس أو الطعام والشراب ويمكنها أن تسبب أضراراً جينية شديدة الخطورة، وإن كانت خطورتها وهي على هذه الصورة أقل بكثير جداً من خطورة اليورانيوم المخصب أو من خطورة عناصر مشعة أخرى مثل الكوبلت أو البلوتونيوم"، بحسب ما قال في اتصال هاتفي مع DW عربية.

وأضاف أبو شادي الذي تحدث هاتفياً من القاهرة، وهو عضو بالمجلس المصري للشؤون الخارجية، أن هناك أموراً تدعو للشك في المسألة برمتها، منها السرعة الشديدة مثلاً في الكشف عن مكان وجود البراميل، وأيضاً الكمية التي تم الإعلان عن فقدانها صغيرة للغاية ولا تشكل عند بيعها مصدراً مالياً ذا أهمية، وتابع: "نحن نتحدث عن حوالي عدة آلاف من الدولارات، لكن إن تم بيع ما لدى ليبيا من مخزون فهنا نتحدث عن عدة ملايين من الدولارات".

مخلّفات الحرب في ليبيا

لكن إدوين ليمان، مدير سلامة الطاقة النووية في اتحاد العلماء المهتمين، وهى منظمة غير ربحية، قال إن كمية اليورانيوم التي فُقدت كانت تحتوي على ما يكفي من النظير يو-235 لصنع قنبلة نووية من الجيل الأول إذا تم تخصيبها بنسبة تزيد عن 90 بالمئة.

وأضاف ليمان "إن الأمر لا يعد تهديدا مباشراً أو عاجلا بالانتشار النووي، لكن فقدان كمية كبيرة من اليورانيوم الطبيعي يمثل مصدر قلق بسبب إمكانية تحويلها إلى مواد تستخدم في الأسلحة النووية"، مشيراً إلى أن الحادث يثير تساؤلات حول قدرة الوكالة الدولية للطاقة الذرية على الحفاظ على استمرارية معرفتها بالمواد النووية في البلدان التي بها مناطق نزاع نشطة.

ما مخزون ليبيا من اليورانيوم؟

تشير التقديرات إلى أن المخزون الليبي يبلغ حوالي 1000 طن متري من اليورانيوم ذي الكعكة الصفراء ويرجع إلى عهد القذافي، الذي أعلن عن برنامجه النووي للعالم في عام 2003 بعد الغزو الذي قادته الولايات المتحدة للعراق، بحسب ما ذكر موقع صوت أميركا.

وفي حين أزال المفتشون آخر كمية من اليورانيوم المخصب من ليبيا في عام 2009، ظل التعامل مع "الكعكة الصفراء" متأخراً، حيث قدرت الأمم المتحدة في عام 2013 أن حجم المخزون منها يصل إلى حوالي 6400 برميل، أغلبها يوجد في مدينة سبها.

ووفقا لبرقية دبلوماسية عام 2009 نشرها موقع التسريبات "ويكيليكس"، كان المسؤولون الأمريكيون قلقين من أن إيران قد تحاول شراء اليورانيوم من ليبيا، وهو الأمر الذي حاول كبار المسؤولين النوويين الليبيين في عهد القذافي طمأنة الولايات المتحدة بشأنه.

عماد حسن

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد