1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

كهرباء لبنان: الحاجة لإصلاح عاجل تصطدم بالتسييس

٢٠ أبريل ٢٠١٢

خلال التاريخ الحديث للدولة اللبنانية تعرض قطاع الكهرباء فيها إلى الكثير من الهزات، بدأت بالحرب الأهلية ولم تنته بحرب صيف 2006، لكن محاولات تطويره تصطدم بعدم جدية الحلول المطروحة والمحاصصات الممزقة للمجتمع اللبناني.

https://p.dw.com/p/14hDK
صورة من: DW/Tanios

الكهرباء في لبنان قطاع مثقل بالمشاكل، ما يجعله موضوعاً للسجالات السياسية بين الفرقاء بشكل دائم لتسجيل النقاط على الخصوم. وبالرغم من اهتمام السياسيين من كافة الانتماءات بالظهور بمظهر المُخلّص في هذا الشأن، إلّا أن المواطن اللبناني ما زال يحلم بتغذية كهربائية تلبي حاجاته الأساسية بعد أن يكون قد سدّد فاتورة تعتبر من الأغلى في العالم. لا شك بأن هذا القطاع قد تعرض لهزات عدة كالحرب الأهلية أو الغارات الإسرائيلية المركزة والمتكررة على معامل الإنتاج وشبكات النقل. لكن ماذا بعد ست سنوات على انتهاء آخر حرب شهدها لبنان؟ وماذا تقوم به الحكومات المتعاقبة منذ ذلك الحين لتأمين استقرار كهربائي بحده الأدنى؟

"ترقيع" على الطريقة اللبنانية

في هذا السياق يشير ناجي حيدر، رئيس منطقة في شركة "كهرباء لبنان" الحكومية والمسوؤلة عن توفير الطاقة لمعظم المناطق اللبنانية، إلى أن وضع القطاع بات متردياً. ويصف الواقع الحالي وخطط وزارة الطاقة الإصلاحية بمن "يرقّع بنطالاً قديماً برقعة جديدة"؛ فالإنتاج غير كافٍ ولا توزيع منظّم ولا جباية عادلة. ويشرح المسؤول في شركة الكهرباء أن من العوامل التي تعيق تحسّن قطاع الكهرباء، هي قلّة فعالية تحصيل المتوجبات من المشتركين وعدم توفّر الأموال اللازمة لأعمال الصيانة، إضافة إلى سياسة الحكومة غير الواضحة وإطلاق الوزراء المتعاقبين الخطط التي لم يرَ أي منها النور.

Libanon Elektrizität
"الإنتاج غير كافٍ ولا توزيع منظّم ولا جباية عادلة"صورة من: DW/Tanios

الحكومة تستغيث بالبواخر قبل الصيف؟

وكانت الحكومة قد وافقت مؤخراً على استئجار بواخر لإنتاج الطاقة لمدة سنتين قابلة للتجديد بعد أن حذر المسؤولون من أزمة كهرباء كبيرة في فصل الصيف. ويعلق حيدر على ذلك قائلاً: "هذه الخطوة تحسّن الحال جزئياً ولكنها لا تشكل حلاً مستداماً، فبفضل هذه البواخر يمكن زيادة التغذية بمعدل ساعتين أو ثلاثة يومياً إنما سيبقى هناك تقنين وعجز كبير في الإنتاج وتأمين حاجة البلاد".

ويشير حيدر إلى أن هناك اتصالات تجري منذ سنوات لبناء نوع من التعاون الكهربائي مع الدول الصديقة بما في ذلك الحكومات العربية (مجلس التعاون الخليجي). وقد تم بحث عدد من المقترحات مع الدول الخليجية لتمويل مشاريع كهربائية تكفي حاجة لبنان لكن التنفيذ غير سريع ومؤجل. كما يؤكد حيدر على إمكانية استخدام موارد الطاقة النظيفة، خصوصاً بعد استكشاف حقول غاز طبيعي قبالة السواحل اللبنانية.

Libanon Elektrizität
"فنسبة المتخلّفين عن الدفع كبيرة في المناطق بينما ترتفع نسبة التحصيل في المدن الكبرى في محافظتي بيروت وجبل لبنان"صورة من: DW/Tanios

الجباية غير عادلة

يقول المفتش في شركة كهرباء لبنان حكمت حكيم إن عملية الجباية غير متوازنة، "فنسبة المتخلّفين عن الدفع كبيرة في المناطق بينما ترتفع نسبة التحصيل في المدن الكبرى في محافظتي بيروت وجبل لبنان". ويذكر حكيم أن مداخيل الاشتراكات كما هي عليه الآن، لا تؤمن مصاريف الإنتاج والتوزيع والصيانة، والعجز الذي تسببه الجباية غير الفعّالة تتحمله الخزينة اللبنانية بأكثر من 1500 مليون دولار أميركي سنوياً.

ويرى المفتش في شركة الكهرباء أن "خصخصة القطاع هي من أهم الحلول لتحسين الجباية، وهذا نموذج ناجح تتبعه عدة دول متقدمة". ويختم قائلاً: "إشراك القطاع الخاص يسهم في ترشيد الإنتاج والتوزيع الكهربائي. والمواطنون يشتكون من الجباية الجائرة فهناك مناطق تنعم بالكهرباء بصورة شبه دائمة وأخرى يصلها التيار ساعات معدودة فقط."

مولدات الأحياء الخاصة: واقع فرض نفسه

وفي ظل انقطاع شبه مستمر للكهرباء الحكومية تنتشر في الأحياء السكنية المولدات الخاصة. وبحسب صاحب إحدى مولدات الكهرباء الخاص في إحدى ضواحي بيروت جوزيف دحدح فإن الاشتراكات في المولدات تسهم في سد النقص الناتج عن عجز شركة كهرباء لبنان. ويضيف قائلاً: "ننوي توسيع إمكاناتنا لتوليد كهربائي كامل في الأحياء في حال لم تقم مؤسسة الكهرباء الحكومية بتوفير إنتاج كافٍ." وفي ما يخص ثمن الاشتراكات المرتفعة التي قد تصل إلى أكثر من 100 دولار أميركي للحصول على 5 أمبير من الطاقة، يربط أصحاب المولدات هذا الغلاء بجنون أسعار المحروقات والمعيشة بشكل عام. ويذكر لنا دحدح أن هناك مقترحات لتركيب عدادات لترشيد الاستهلاك وتخفيف الفاتورة على المشتركين.

إصلاحات متوقّفة على "وصلة المنصورية"

بداعي تنفيذ خطّة إصلاح وتعزيز بنى نقل الكهرباء التحتية، تقوم وزارة الطاقة بتنفيذ شبكة من خطوط التوتر العالي تربط منطقتي بصاليم (شمال شرق بيروت) وعرمون (قضاء عاليه) لتحسين "التغذية الكهربائية للمناطق". وجغرافياً تمر هذه الخطوط في بلدة المنصورية المكتظة بالسكان والمراكز التعليمية والدينية، فباتت تُعرف بـ"وصلة المنصورية". وأصبحت هذه الوصلة موضع سجال طويل بين وزارة الطاقة وقاطني المنطقة، الذين يعدّون بالآلاف ولم تنفّذ لغاية الساعة.

Libanon Elektrizität
أصبحت وصلة المنصورية موضع سجال طويل بين وزارة الطاقة وقاطني المنطقة، الذين يعدّون بالآلاف ولم تنفّذ لغاية الساعة.صورة من: DW/Tanios

وفي هذا السياق يقول الأب داني افرام، ممثل رعية كنيسة القديسة تيريز، متحدثاً باسم الأهالي: "المشكلة تكمن في إصرار المسؤولين على تمرير خطوط التوتر العالي فوق رؤوس السكان الذي تثبت دراسات عالمية أنه وبحقوله المغناطسية يضرّ بالصحة العامة للأشخاص المعرضين لها".

وحذّر الأب افرام من القيام بأي أعمال تؤذي سكان المنطقة مؤكداً أنهم سيقومون بالتحرك السلمي والتظاهر ضد أي جهة حكومية تحاول تنفيذ الأشغال الكهربائية بمؤازرة القوى الأمنية. ويقول أن التعويضات التي أقرها مجلس الوزراء مؤخراً لأصحاب العقارات الموجودة في محيط خطوط التوتر، تشكل اعترافاً ضمنياً بوجود خطر أكيد على صحة السكان. ويشير الأب افرام إلى أن الأزمة لا تحل بالتعويض المالي فهناك العديد من الصروح الدينية والتربوية في المنطقة لا يمكن اقتلاعها بهذه السهولة، كما أن ذلك يمس بحقوق التملك ويعدّ تهجيراً قسرياً لعدد كبير من الناس. واستبعد أن تنفذ الدولة تهديداتها بالمضي قدماً في مد هذه الخطوط، وقال إن في جعبة الأهالي الكثير من الخطوات التصعيدية تضمن حقوقهم في الدفاع عن النفس. لكنه أمل أن يطرح بعض نواب مشروع قانون يقترح طمر خطوط التوتر تحت الأرض كما تفعل معظم دول العالم.

شربل طانيوس

مراجعة: عماد غانم

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد