قناة تلفزيونية ألمانية توصل الفن إلى العالم
١٠ سبتمبر ٢٠١٣سيكون بإمكان المُشاهد تناول الفطور وهو يشاهد تمثال نفرتيتي، أو الحديث في الفن وهو يحتسي مشروبا مع أصدقائه، كما يمكنه مشاهدة أعمال الفنان الأمريكي أندي وارهول وهو يعد طعامه، فكل ما يحتاجه كومبيوتر أو تلفزيون متصل بالإنترنت، لكي يصل الفن إليه.
وهذه هي فكرة قناة "إيكونو تي في" "Ikono TV" التي تقول عنها مؤسستها إليزابيث ماركفيتش أن مشاهدتها أفضل من زيارة متحف فني، مشيرة إلى أنه و"في المتحف لا يجد الزائر عادة الوقت الكافي لمشاهدة كل الأعمال الفنية بهدوء، وخاصة الفيديوهات الفنية التي تطول مدة عرضها". وتتابع صاحبة القناة:"ربما لا توجد دائما أماكن للجلوس، وهناك بعض الناس الذين يحجبون الرؤية، أما في البيت فالأمر أفضل بكثير".
الفن في المطارات ومحطات القطار
مُؤسِّسة القناة هي امرأة في الخامسة والخمسين من عمرها، استقبلتنا في قاعة الاجتماعات في الطابق الثالث من إحدى البنيات في منطقة فيدينغ في برلين، وهي البناية التي كانت في السابق مصنعا. واسترسلت تحدثنا عن مشروعها الذي طبع حياتها منذ عام 2006.
وبجانب قاعة الاجتماعات هناك ثلاث غرف مخصصة لفريق صغير من العاملين، يتكون من خبراء الانترنت، ومتخصصين في الشؤون المالية، وخبراء الفن. ويتميز هذا الفريق بصغر سنه، فقلة هم الذين تجاوز عمرهم الخامسة والثلاثين. وهم مؤمنون بفكرة القناة وتوجه مؤسِّستها بأن الفن يتناسب مع العديد من مراحل الحياة، كما يمكن للمرء أن يستمتع بمشاهدة الفنون في المطارات أو محطات القطار، عوض أن يشاهد الأخبار على السريع.
قناة متخصصة في الفن
لا تتطلب مشاهدة هذه القناة التلفزيونية معرفة بتاريخ الفن، وإنما تكفي متابعة مشهد بسيط لكي يتابع المرء الفيلم القصير بحماس."انظروا إلى نفرتيتي" تقول ماركفيتش، وتتابع:" اتجاه الكاميرا يتحرك من تحت الرقبة إلى فوق باتجاه الوجه. الفيلم يظهر تمثال نفرتيتي بشكل لم يظهر به من قبل. تظهر نفرتيتي بشكلها الإنساني حتى يشعر المرء أنها حقيقية فعلا".
ومثلما هناك قنوات متخصصة للموسيقى كقناة MTVفإن قناة "إيكونو تي في" تسعى لتصبح قناة متخصصة في الفن. وتتميز المشاهد التي تقدمها بالبطء الشديد، حيث تركز الكاميرا لمدة تتراوح بين ثلاثة وخمسة عشر دقيقة على زاوية واحدة فقط.
القناة الفنية والربح المادي
والسؤال الذي يطرح نفسه، هل يمكن لقناة تعرض الأعمال الفنية أن تحقق الربح المادي خاصة وأنها تعرض اللوحات دون تعليق والمواد الفنية بدون صوت؟! من يهتم بعمل فني معين، فإنه يستطيع مشاهدة فيديوهات على قائمة التشغيل على الانترنت. وهناك يمكن إيجاد معلومات عن الأعمال الفنية، إلى جانب توصيات حول كتب تباع على موقع أمازون، وهنا تظهر المصلحة التجارية لقناة إيكونو.
ومن أهم مصادر تمويل القناة هي الإعلانات التي تعرضها عن متاحف وعن أنشطة مؤسسات ثقافية كبيرة. وذلك إلى جانب الإعلانات التي تعرض بشكل صامت وهادئ، وإذا أراد متحف ما في أي مكان في العالم الإعلان عن تظاهرة فنية ينوي تنظيمها، فإنه يختار قناة "إيكونو" لذلك الغرض، لكونها معروفة ومحبوبة لدى عشاق الفن والمتاحف، كما تقول المسؤولة عن القناة. كما يمكن للمشاهد مقابل حوالي اثنين يورو أن يحمّل أحد الفيديوهات ليعرضها على تلفزيونه الرقمي، فهي بالفعل معدة بشكل فني راقٍ.
برنامج تلفزيوني موجه للعالم العربي
ومنذ سنوات قليلة والقناة تعرض برنامجين مختلفين عبر الأقمار الاصطناعية، ويمكن مشاهدة قناة إيكونو في حوالي 30 بلدا أوروبيا، أما في الدول العربية فيمكن مشاهدة قناة "إيكونو منصة" عبر عربسات. وهناك اختلاف بين القناة التي تعرض برامجها للأوروبيين ، وبين تلك التي تعرض برامج لدول عربية كمصر والسعودية. فالأخيرة لا تعرض أعمالا ذات طابع مسيحي أو مشاهد العري. وتقول اليزابيث ماكفيتش أن هذا النوع من الرقابة تمّ حتى لا تتعرض القناة للمشاكل.
وفي مكتب القناة، يجلس خبير في الشؤون الإسلامية، وهو الذي يقوم ببرمجة القناة المخصصة للعالمين العربي والإسلامي، ويقول هذا الخبير: "إن المفاهيم الفنية التاريخية الغربية غير قابلة للاستخدام في كل حال، ونحن ننطلق من مرجعية الثقافة الإسلامية". وبالنسبة لصاحبة القناة ماركفيتش، فإن الشرق الأوسط له مكانة خاصة في قلبها لأنه "من النادر إيجاد متاحف هناك" كما تقول.
ومن أسعد اللحظات التي عاشتها منذ انطلاق القناة، تضيف ماركفيتش، إنها تلقت رسالة من أحد المشاهدين يقول فيها، إنه تعرف أخيرا على القيمة الفنية والخلفية التاريخية لتمثال صغير، كان معلقا على أحد جدران منزل جدته.