قازان ـ حسابات الاقتصاد والسياسة في قمة مجموعة بريكس
٢٢ أكتوبر ٢٠٢٤تبدأ اليوم الثلاثاء (22 تشرين الأول/أكتوبر 2024) أعمال قمة بريكس في روسيا. وتجمع القمة 24 رئيس دولة وحكومة، ويرى بوتين أن هذه القمة جزء من مبادرة لإنشاء نظام عالمي جديد ينهي هيمنة الولايات المتحدة. وتمتد القمة حتى يوم الخميس المقبل.
ومن بين الضيوف البارزين الرئيس الصيني شي جينبينج. كما سيشارك ممثلون من 32 دولة.
وانضم إلى الدول الأعضاء الأصلية في بريكس- البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا - كل من الإمارات ومصر وإثيوبيا وإيران، وغيرها. ولم يتضح بعد وضع السعودية.
وأعلنت روسيا، التي ترأس المجموعة حاليا، أنه سيجري قبول السعودية كدولة عضو مع بداية العام المقبل، لكن لم يصدر تأكيد من الرياض، وستكون السعودية ممثلة في القمة بوزير خارجيتها. وقال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف إن وضع السعودية سيتضح خلال القمة.
وتحدث بوتين قبل القمة عن أن أحد الأهداف الرئيسية سيكون تعزيز التعاون المالي وتوفير بديل لشبكة سويفت، التي يجري من خلالها معالجة المدفوعات الدولية. حيث تم حظر العديد من البنوك الروسية من الشبكة بعد غزوها لأوكرانيا. كما أن فكرة إنشاء بنك مشترك مدرجة على جدول أعمال مجموعة بريكس.
دوافع الانضمام لبريكس: أمنية وسياسية واقتصادية
وانضمت العديد من الدول إلى المجموعة رغم أنها لم تحقق معدلات التنمية المطلوبة، وهو ما يعطي الدافع القوي للقول بأن أساس التوسعة هذه المرة كان هو الاعتبارات السياسية أكثر منها الاعتبارات الاقتصادية، كما يلاحظ أن كل دولة من الدول حديثة الانضمام لها أهدافها الخاصة بها والتي دفعتها للانضمام، فعلى سبيل المثال سوف نجد أن دافع الأرجنتين للانضمام وقت أن تقدمت أساسا بطلب العضوية وقبل التغييرات الأخيرة في اتجاهاتها كان هو الدافع السياسي والرغبة في الفكاك من سيطرة الدولار، أو بالأحرى محاولة يائسة للفكاك من الهيمنة الأمريكية.
وفيما يخص إيران فهناك أسباب أمنية وأخرى سياسية، وتشمل الأسباب الأمنية الإنتاج المشترك لبعض أنواع الأسلحة مثل المسيرات وبعض القذائف، أما الأسباب السياسية فهي أن إيران ربما تكون أحد نوافذ توسيع النفوذ الروسي في الشرق الأوسط.
وفيما يتعلق بكل من مصر وأثيوبيا فربما تتماثل مصالحهما في الانضمام لبريكس وإن كانت لا تتلاقى، ذلك أن كل منهما يمر بضائقات مالية واقتصادية، ويحتاج بشدة إلى اجتذاب الاستثمارات الأجنبية لتمويل مختلف المشروعات الإنتاجية على أمل مضاعفة الإنتاج، إلا أن الوضع الجغرافي الفريد الذي تتمتع به مصر إلى جانب الاستقرار السياسي والأمني وغيرها من المميزات النوعية يعطيها ميزة نسبية تفوق أثيوبيا في مجال الجدوى الاستثمارية. ومن الواضح أن مصر تدرك جيدا هذا الواقع، والأكثر أنها تدرك جيدا أن السوق الروسية والصينية وأسواق بعض الدول الأخرى لم تعد واعدة، ولا يمكن الاعتماد عليها فيما اعتادت تصديره من منتجات تقليدية مثل الخضروات والفاكهة وغيرهما.
وإذا تم متابعة حالة السوق الروسية في السنوات الأخيرة بإمعان، سوف نجد أن روسيا تسير بخطى سريعة للغاية في مجال تنويع ومعدلات الإنتاج بما في ذلك المنتجات الغذائية، فتقارير الجهاز الاتحادي للإحصاء في روسيا الأخيرة تشمل أرقاما لمستوى الاكتفاء الذاتي لروسيا في مجال الأمن الغذائي، وهي أرقام لا تعطي الأمل مطلقا لمن يواصل الاعتقاد بأن السوق الروسية هي سوق واعدة للمنتجات الزراعية التقليدية.
وينبغي تذكر أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين كان قد دشن قبل سنوات برنامجا طموحا في مجال الأمن الغذائي، وهذا البرنامج يقوم على أساس تحقيق الاكتفاء الذاتي في الكثير من قطاعات المنتجات الزراعية والحيوانية والغذائية، وكافة التقارير الواردة من روسيا تؤكد أنها حققت نتائج كبيرة في هذا المجال.
رأس المال لا يعرف العواطف
من يعتقد بأن الانضمام لبريكس في حد ذاته سوف يحقق له المكاسب فهو مخطئ، وقد يعود ذلك عليه بخسائر كبيرة، فمن لم يلحق بركب الإنتاج وتعزيز قدراته التصديرية سوف يتحول لمجرد سوق لتدفق منتجات هذه الدول وإثقال نفسه بالمزيد من الديون إلى الحد الذي يفقد معه جانبا ليس بسيطا من سيادته للوفاء بهذه الديون.
وغالبية الدول التي انضمت إلى بريكس هي من الدول التي لها تاريخ في الاستثمار، أي أنها دول تمويلية، وبما أن المال لا يعرف العواطف، لذلك من لن يواكب المسيرة سوف يبتلعه رأس مال بريكس بكل بساطة ودون هوادة.
خ.س/ح.ز (د ب أ)