عودة إلى مناقشة العهد النازي في مهرجان بايرويث الموسيقى
٢٦ يوليو ٢٠١٢"سيغفريد الأشقر"، "النساء البطلات" وغيرهما من أوبرات ريشارد فاغنر تتحدث في مضمونها عن الأساطيرو الملاحم البطولية للجرمان في العصور القديمة. و هذه الملاحم تتناسب إلى حد ما مع الرؤية النازية العنصرية للثقافة الجرمانية ومع كيفية الدعاية لها حيث إنها تتمثل في شخص الألماني الأشقر والقوي والذي يقاتل بشجاعة وجرأة ضد بقية العالم.
من هذا المنظور كان يستغل المؤلفون الموسيقيون و دورالأوبرا في فترة النظام النازي مع أعمال فاغنر كما تقول المؤرخة النمساوية بريجيت هامان خصوصا وأن "هتلر كان من المعجبين المتحمسين لفاغنر"، وتضيف المؤرخة أن الديكتاتور هتلر " كان في صغره يقف دائما في الدرج لمشاهدة عروض فاغنر ". وكانت المؤرخة هامان قد نشرت عام 2002 مؤلفا بعنوان "مهرجان بايرويث وهتلر". وفي مقابلة لها مع DW تؤكد الكاتبةهامان وجود ارتباط وثيق بين هتلر وعائلة فاغنر.
الإرث النازي
عاش ريتشارد فاغنر ما بين 1813 و 1883 أي قبل وقت طويل من وصول النازيين إلى السلطة. ورغم ذلك فقد اتسمت بعض وجهات نظره بمعادية للسامية. ففي كتيب له بعنوان "اليهودية في الموسيقى"، نشره في منتصف القرن التاسع عشر يشجب فاغنر "اليهود" وينفي أن تكون لهم مواهب وقدرات فنية حقيقية. ويمكن العثور أيضا على مصطلحات وأقوال داخل الكتيب توضح نزعة معادية للسامية مثل "إضعاف الروح المعنوية للتأثير اليهودي على الثقافة الألمانية".
وفي عشرينيات القرن الماضي وقبل صعود النازية، سعى هتلر إلى الاتصال والتقرب الشخصي مع نجل فاغنر سيغفريد وزوجته ينيفرد. وتؤكد المؤرخة هامان قيام "علاقة وثيقة بينهم". وكانت علاقة الصداقة الشخصية مبنية أيضا على وجود تعاطف سياسي لعائلة فاغنر مع النازيين وصعود السياسي، وتضيف بريغيته هامان:"لقد انطلق الفكر القومي الألماني من ريتشارد فاغنر وعندما جاء هتلر عام 1923 إلى مدينة بايرويث وزار عائلة فاغنر أصبح أفراد العائلة من أنصار الحزب النازي. لقد أصبحوا نازيين منذ فترة طويلة ".
واستمرت هذه الصداقة حتى بعد وفاة سيغفريد فاغنر عام 1930 أيضا. وقد ترأست أرملته، ينيفرد مهرجان بايرويث لاحقا وكانت لها علاقة وطيدة واتصال وثيق مع النخبة النازية. وبعد وصول هتلر إلى السلطة عام 1933 كانت القيادات النازية تحج إلى العروض السنوية لأوبرات فاغنر في مدينة بايرويث جنوب ألمانيا. و كان لهتلر تأثيرا كبيرا على البرامج المعروضة سواء فيما يتعلق بالإخراج أو بتصميم خشبة المسرح وأشكالها.
الاستفادة من أخطاء الماضي
بعد الحرب العالمية الثانية وجدت عائلة فاغنر صعوبة كبيرة في التخلص من ظلال النازية التي خيمت عليها. و في عام 1949 تخلت ينيفرد فاغنرعن رئاسة المهرجان لصالح إبنيها فيلاند و فولفغانغ، اللذان نظما عام 1951 أول عرض للمهرجان بعد نهاية الحرب العالمية الثانية.
ولكن حفيدتا فاغنر، إيفا فاغنر باسكييه وأختها كاترينا فاغنر حاولتا التعامل بجدية أكبر مع الماضي النازي للعائلة. وقد قادتا المهرجان منذ عام 2009. ويضم المهرجان الحالي في بايرويث معرضا بعنوان "السهل الأخضر" يتناول مواضيع الإقصاء والاضطهاد التي تعرض إليها المغنون والمخرجون والملحنون اليهود
كما كان رد فعل الحفيدتين سريعا عندما اتخاذتا أخيرا إجراءات حازمة للرد على فضيحة المغني الروسي وبالتالي إنقاذ مهرجان بايرويث من ظلال التاريخ النازي للمهرجان. وقد فسخ منظمو المهرجان عقدا مع مغني الأوبرا الروسي يفغيني نيكيتين، الذي كان من المقرر أن يلعب دور"الهولندي الطائر" في أوبرا الافتتاح بسبب وشم على جسده في شكل الصليب المعقوف، الذي يرمز إلى نظام النازية. ويقول المكتب الصحفي لمهرجان بايرويث إن " هذا القرار يزكي رفض مهرجان بايرويث للمواقف النازية بكل أشكالها "، وفي هذا الصدد تضيف المؤرخة بريجيت هامان أن:"هناك الكثير من الأعباء التي تثقل كاهل مهرجان بايرويث إلى يومنا هذا بسبب التاريخ النازي، ولذلك فليس هناك من بديل آخر لرئاسة المهرجان سوى أن تؤكد مرة أخرى إدانتها للأفكار النازية عندما قالت:"نحن ننأى بأنفسنا عن هذا التاريخ النازي".
راشل غيسات/ أمين بنضريف
مراجعة: عبدالحي العلمي