1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

على الغرب أن يتدخل عندما تُمس حقوق المثليين في العالم

١٩ فبراير ٢٠١٠

عندما تُمس حقوق الإنسان الأساسية للمثليين في البلدان الأفريقية والآسيوية، فيجب على الغرب أن يتدخل، فالمسألة مسألة حقوق إنسان وليست مسألة فروق ثقافية كما يرى توماس موش في تعليقه.

https://p.dw.com/p/M59y

بدعوى أنه مارس الجنس مع رجل آخر فإن زعيم المعارضة في ماليزيا يمثل للمرة الثانية أمام المحكمة. كما أن عقوبة الإعدام هي جزاء المثليين جنسياً من الرجال في بعض البلدان الإسلامية. وثمة سياسيين في أوغندا بشرق أفريقيا يدعون إلى تشديد الحظر الحالي المفروض على المثليين الجنسيين بشكل أكبر، كما ويرغبون في إنزال عقوبة الإعدام على ما يسمى بالحالات المستعصية. وعليه فإن الحكومات الأوروبية تهدد بفرض عقوبات على هذه الدول. إلا أن هذه الدول غالباً ما تتوقى الانتقادات الموجهة إليها بخصوص اضطهاد المثليين جنسيا، وذلك من خلال الإشارة إلى تقاليدها الثقافية أو الدينية التي "ليس من حق الخارج التدخل فيها"، المزيد في تعليق توماس موش.

Mösch_Thomas_1.jpg
توماس موش

أولئك الذين يدافعون في آسيا أو أفريقيا عن الحظر التام للعلاقات الجنسية بين المثليين، وأولئك الذين يدعون إلى تشديد الحظر الحالي المفروض على المثليين، يتهمون منتقديهم بأنهم يحاولون فرض ما يسمى بالقيم الغربية على بلدانهم. فهم يزعمون أن الصراع على حقوق المثليين هو صراع بين الثقافة الأوروبية وثقافات أخرى. وفي أحيان كثيرة يتم إقحام الدين إلى حلبة الصراع، مع العلم أن رجال الدين المسيحيين والمسلمين غالبا ما يكونون متفقين تماما بهذا الشأن.

إن موقف أولئك لا يعدو عن كونه مجرد هراء. فمن ناحية، ليس هناك أصلاً، فيما يسمى بالغرب، تعامل موحد تجاه العلاقات الجنسية المثلية. ومن ناحية أخرى، فإن هناك العديد من "الثقافات غير الغربية" والبلدان التي لا توجد لديها أية مشكلة ضد الحب بين رجلين أو الحب بين امرأتين. كما أن في العديد من البلدان الأفريقية والأسيوية المستعمرة سابقا لا تزال هناك قوانين، اعتمدتها القوى الاستعمارية الأوروبية في الماضي، تهدد بإنزال أشد العقوبات على المثليين من الرجال بل وأحيانا على المثليات. على الغرب أن لا يدع هذه الحجج تقوده إلى طريق الضلال.

والحقيقة هي أنه وفي المقام الأول ليس لدى معظم دول العالم قوانين تحظر الأفعال الجنسية للمثليين. كما أن منظمة الصحة العالمية قد أزالت منذ 20 عاما المثلية الجنسية عن قائمة الأمراض العقلية والنفسية، وذلك لأن معطيات العلوم الحديثة لم تعد تبرر ذلك منذ فترة طويلة. ومع ذلك فإن كل هذا لا يغير من حقيقة أن في العديد من المجتمعات والثقافات تحفظات قوية حول العلاقات الجنسية بين المثليين من الرجال والنساء. غير أن مثل هذه التحفظات موجودة أيضا ضد مجموعات أخرى. مع العلم أن جميع الدول، باستثناء قلة من الأنظمة المتشددة، متفقة على أنه ليس لأية حكومة الحق في اعتقال أو قتل الناس لمجرد أنهم ينتمون إلى عرق أو دين معين.

دعونا فقط نستدعي للذاكرة نظام التمييز العنصري في جنوب افريقيا. فقد كانت الطبقة الأوروبية الحاكمة المستوطنة في جنوب أفريقيا تبرر هذا التمييز، ضد كل مَن هو غير أبيض، وذلك بناء على تفسيرها الخاص للكتاب المقدس، رغبةً منها في حماية ثقافتها وإرثها. وبالنظر إلى هذا السياق فإنه من غير المستغرب أن تكون دولة جنوب أفريقيا من أول البلدان التي كفلت دساتيرها للمثليين الحقوق نفسها التي يتمتع بها غير المثليين.


إن مجرد التقاليد الثقافية أو الدينية والمحرمات ليست حجة مقبولة بتاتا لأن تَحرم أية دولة مجموعة من شعبها من حقوق الإنسان الأساسية. وهذا هو لب المسألة : فهل لدولة ما الحق في حرمان مواطنيها من حقهم في الحرية أو حتى في أن ترفض حقهم في الحياة، لمجرد أنهم في نظر الأغلبية يقومون بفعل مذموم أخلاقيا؟ ليس لأية دولة أن تقيد الحقوق الأساسية لأي مواطن إلا إذا ألحقت أفعاله الضرر بغيره من المواطنين. وإذا مارس اثنين من المثليين البالغين بإرادتهما الجنس في محيطهما الخاص فإنه ليس في ذلك ضرر لأحد.

فكل الأسئلة المطروحة حول حماية الحقوق الأساسية، والمتعلقة بالحرية والحياة، قد تكون لها إجابات متنوعة، تختلف باختلاف البلد والزمان والمكان.


وبالطبع لن يقوم أي بلد أوروبي بفرض عقوبات على بلد أفريقي أو أسيوي لمجرد أن هذا الأخير لا يسمح بزواج المثليين. والمسألة المطروحة هنا هي مسألة المساواة القانونية للمثليين والمثليات جنسيا مع غيرهم، فيجب أن يحقق كل بلد هذه المساواة بنفسه. وعلى العكس من ذلك، فإن قضية ما إذا كان لأي بلد الحق في سجن المثليين والمثليات، أو حتى الحكم عليهم بالإعدام، هي قضية أساسية تمس معاهدة حقوق الإنسان التي وقعت عليه جميع الدول الاعضاء في منظمة الأمم المتحدة. ففيما يتعلق بهذه القضية لا بد أن يكون كل بلد أقل استناداً إلى تقاليده الثقافية أو الدينية، كما هو الحال في مسألة ما إذا كان يجوز رجم المرأة بالحجارة حتى الموت، لأنها صارت حاملاً خارج نطاق الزوجية.

تعليق: توماس موش

ترجمة: علي المخلافي

مراجعة: لينا هوفمان