عرب ألمانيا وذكرى الوحدة الألمانية: افتتان لا يخلو من مشاعر الإحباط
٣ أكتوبر ٢٠١٠في الذكرى العشرين لتوحيد ألمانيا، وفي برلين، تلك المدينة التي كما كانت شاهدة على تقسيم ألمانيا أعقاب الحرب العالمية الثانية، أصبحت شاهدة أيضا على الوحدة الألمانية من جديد، في هذه الذكرى يتحدث مهاجرون عرب عن معني هذا اليوم لهم، وكيف يعيشونه خلال فعاليات الاحتفالات الحالية. وغالبا ما يغلف حديث العرب في ألمانيا حول وحدة الألمانيتين تارة مشاعر الحنين للوطن الأم، وتارة أخرى الإعجاب بتجربة الوحدة والأمل في الاندماج الحقيقي داخل المجتمع الألماني، كما أن هناك من يعبر عن إحباطه.
"برلين كانت سجن كبير"
وعن التجربة التي عاشها رجائي عبد الله، الذي قدم من مصر إلى ألمانيا مهاجرا منذ ما يقرب من 30 عام، قضى منها 28 عام في برلين يقول: ‘‘كنت أعيش في برلين الغربية قبل سقوط السور، كانت آنذاك سجن كبير، إذ كان لا يمكن التحرك إلى القسم الشرقي بدون تصريح من أمن ألمانيا الشرقية في ذلك الوقت‘‘.
ويكمل رجائي وصفه لمرحلة ما بعد سقوط السور قائلا: ‘‘ومع سقوط السور تذوقت طعم الحرية، لأنه يمكن لي التنقل بكامل الحرية‘‘. أما طقوسه الخاصة في هذا الاحتفال فيصفها بقوله: ‘‘إن 3 أكتوبر في ألمانيا يفجر لدى مشاعر الحنين للوطن الأم ولقاء الأهل، ففي هذا اليوم أذهب إلي شارع 17 يونيو حيث تقام الاحتفالات، كما أن هذا اليوم فرصة للقاء مع الأصدقاء القدامى سواء ألمان أو عرب، ونتذكر الماضي معا‘‘.
ألمانيا الجديدة نوذج ناجح
وفي لقاء مع بعض العرب المقيمين في برلين، كان شعور الإعجاب بنموذج الوحدة الألمانية هو السائد في حديثهم، حيث يقول سيف عوني وهو مواطن من العراق: ‘‘إنني معجب بهذا النموذج، إنه مثال لنضوج، حيث تم دمج شطري ألمانيا‘‘. أما ناصر حامد من فلسطين فيكمل في هذا الصدد قائلا: ‘‘أعيش منذ أكثر من عشرين عاما هنا، وألمانيا الآن أصبحت بلدا جديدا بعد أن تغلبت علي النزعة القومية، وأرى أن نغمة الشرق الألماني والغرب الألماني أخذت تتراجع بشكل ملحوظ‘‘.
كما يرى ناصر أن ألمانيا الجديدة التي بدأت تعرف معني الاندماج بين شرق ألمانيا وغربها هى الأمل لنا، ويعلل ذلك بقوله: ‘‘الأمل لى كمهاجر وكثرين معي هو ألمانيا الجديدة، ألمانيا التى أصبحت تعرف معني الاندماج، حيث خروج المهاجر العربي من العزلة والغربة التي يعيشها‘‘.
ويكمل سيف وصفه لرؤيته لموضوع الغربة:‘‘ منذ 13 عام أعيش هنا، ولكي أخرج من إحساس الغربة، أحاول أن أكون جزءا من هذا المجتمع، لذلك أشارك بالعزف في احتفالات ذكرى الوحدة‘‘.
"فرق بين وحدة ووحدة"
ويبدو أن شعور الإعجاب السائد لدي معظم المتحدثين دفع هذا أحد المشاركين إلى أن يقارن بين وحدة ألمانيا ووحدة اليمن، حيث يقول رابح زواني من الجزائر: ‘‘لقد حضرت عام 1990 إلى ألمانيا، ولم أصدق أن مشروع الوحدة سينجح، وهذا على أساس ما شاهدته وسمعت به، إلا أنه نجح، وأرى هذا لدى جيل الشباب الألمان، ليس لديهم شرق ألمانيا أو غربها، ورغم أن 3 أكتوبر يوم عمل لي كبائع، لكني أستمتع به‘‘,
ويختتم رابح زواني مقارنة ألمانيا الموحدة بمشروع وحدة اليمن بالإشارة إلى الواقع اليمني حاليا:‘‘ انظر التجربة اليمنية ماذا يحدث فيها الآن، اليمن بلد مازال يعاني من صعوبات شديدة‘‘.
أما جفال الأخصر من الجزائر فيضيف: ‘‘هذا الاندماج الألماني يعطي أملا لى كمهاجر إذا كان هذا حقيقيا، حيث يتم تأصيل فكرة قبول الأخر، وليس مجرد كلام للاستهلاك السياسي‘‘، ويكمل المقارنة بالبلدان العربية ويقول: ‘‘علينا في البلدان العربية أن نتعلم من التجربة الألمانية...!‘‘.
"يوم الوحدة ليس وردي اللون"
وعلى الرغم من مشاعر الإعجاب السائدة على مقارنات المهاجرين العرب للوحدة الألمانية مع محاولات الوحدة في دولهم الأم، إلا أن هذه المقارنات لم تخلو من الانتقادات ومشاعر الإحباط الشخصي، حيث يقول زهير من سوريا إن "الوحدة في حد ذاتها شيء جميل، ولكن بالنسبة له ليست وردية، لأنه يرى من الناحية السياسية أن الوحدة الألمانية جاءت بشكل سريع من أجل تحقيق مكاسب سياسية، كان لها أثارها السلبية على الاقتصاد‘‘.
أما فيما يتعلق بتأثيرها على المستوى الشخصي فيقول زهير: ‘‘أنا أعيش هنا منذ عشرين عام، كنت احصل في البداية على 20 مارك ألماني غربي في الساعة، الآن أكسب سبعة يورو ونصف في الساعة، كيف أدفع أجرة السكن وباقي تكاليف الحياة اليومية؟‘‘.
هاني غانم
مراجعة: لؤي المدهون