1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

صواريخ على أربيل واكتشاف شبكة "إسرائيلية" - ماذا تريد إيران؟

١٥ مارس ٢٠٢٢

يرى خبراء أن إيران أرادت بقصفها لمنشآت قالت إنها لإسرائيل في كردستان العراق وإعلانها عن شبكة "تجسس إسرائيلية"، إرسال رسائل لدول فاعلة إقليمياً ودولياً. فلماذا هذا التوقيت وما تأثير ذلك على مفاوضات "النووي الإيراني"؟

https://p.dw.com/p/48W8L
المبنى الذي استهدفته إيران بصواريخها في أربيل بكردستان العراق (13.03.2022).
المبنى الذي استهدفته إيران بصواريخها في أربيل بكردستان العراق.صورة من: Ahsan Mohammed Ahmed Ahmed/AA/picture alliance

فيما يعد خروجاً على ما درجت عليه طهران من ممارسة الضغط العسكري من خلال فصائل مسلحة تعمل بالنيابة عنها، أعلن الحرس الثوري الإيراني استهداف ما قال إنها "مراكز استراتيجية" إسرائيلية تعمل بشكل سري انطلاقاً من أربيل عاصمة اقليم كردستان العراق شبه المستقل.

الحرس الثوري الإيراني أكد في بيانه أن العملية جاءت انتقاماً من مقتل قياديين في الحرس في ضربة جوية إسرائيلية على سوريا مؤخراً.

وسقطت الصواريخ قريباً من مبنى من المقرر أن ينتقل إليه فريق القنصلية الأمريكية في أربيل، عاصمة الإقليم الكردي. ولم تتسبب في سقوط ضحايا أمريكيين وأصابت مدنياً واحداً. ونفت حكومة أربيل وجود أي مواقع إسرائيلية على أراضيها.

عمليات إيرانية "نوعية"

لم تكتف إيران بالضربة الصاروخية، بل أعلن جهاز مخابرات الحرس الثوري الإيراني عن اعتقال أفراد شبكة  تديرها إسرائيل كانت تهدف الى تخريب منشأة فوردو النووية قرب العاصمة طهران.

يأتي ذلك بعد إعلان السلطات الأمنية الإيرانية عن  تفكيك شبكة تجسس قالت إنها تابعة لإسرائيل بمحافظة أذربيجان، قائلة إنها "كانت تحاول القيام بأعمال تخريبية داخل إيران".

وتقع منشأة فوردو المحصنة تحت الأرض في وسط إيران قرب مدينة قم، على مسافة حوالى 180 كيلومتراً جنوب طهران، وتعد من أهم مراكز تخصيب اليورانيوم. وأفاد الإعلام الإيراني أن الشبكة التي تم توقيفها كانت تتواصل مع عناصر مرتبطين بالاستخبارات الإسرائيلية.

وأوضحت وكالة الأنباء الإيرانية "إرنا" أن "عناصر من الاستخبارات الاسرائيلية كانوا يحاولون التواصل مع أحد العاملين على أجهزة الطرد المركزية (المتطورة)"، وقاموا بداية بتجنيد أحد جيرانه"، مشيرة الى أن المشتبه بهم تلقوا مبالغ "نقداً أو من خلال عملات رقمية تجنباً لتعقب مصدرها". وأوضحت أن "ضابط استخبارات إسرائيلي "تقرّب" من الموظف في المنشأة "تحت غطاء شركة من هونغ كونغ".

من ناحية أخرى قالت إسرائيل إن مواقعها الحكومية على الإنترنت تعرضت لهجوم إلكتروني، لكن الخدمة استؤنفت بعد ذلك. ووصف وزارة الاتصالات الإسرائيلية الهجوم الإلكتروني بأنه "واسع النطاق". ولم تتهم أي جهة بتنفيذه. 

وحتى الآن لا يوجد ما يربط إيران بتلك الهجمات لكن خبراء ومحللين أثاروا تساؤلات حول تزامن تلك العملية مع العمليات الإيرانية الأخيرة التي نُفذت على أصعدة مختلفة. وفي بعض الحالات، يوجه المسؤولون الإسرائيليون أصابع الاتهام إلى إيران أو جماعات مدعومة من إيران.

رسائل تحذيرية؟

وبحسب محللين وخبراء فإن الهجوم الذي شنته إيران في وقت حساس للغاية بالنسبة لطهران، يعد بمثابة رسالة تحذير لإسرائيل، كما أنه تذكير قوي أيضا لخصومها بقدراتها، كما أنه رسالة لقادة العراق الذين يهددون بتشكيل حكومة تستبعد حلفاءها. 

وقال توبي دودج الأستاذ بكلية لندن للاقتصاد: "لديك أمور ثلاثة دائرة هنا.. هناك خطة العمل الشاملة المشتركة (الاتفاق النووي الإيراني) والأعمال القتالية المتبادلة بين الإيرانيين والإسرائيليين والولايات المتحدة، والآن تشكيل الحكومة العراقية. لذلك أنت تبعث بسلسلة من الرسائل"، بحسب ما قال لوكالة رويترز.

إيران: هل تنجح مفاوضات الاتفاق النووي؟

وتتزامن الضربة المباشرة غير المعتادة مع نقطة تحول محتملة في ميزان القوى في الشرق الأوسط، في وقت تواجه فيه محادثات إحياء الاتفاق النووي الإيراني شبح الانهيار وتتزايد فيه كذلك مخاطر نشوب حرب في منطقة الخليج، بينما يحاول القادة العراقيون في بغداد تشكيل حكومة جديدة متحررة من النفوذ الإيراني.

ويقول محللون إقليميون إن كلا التطورين يساعدان في تفسير لماذا اختارت إيران هذه اللحظة لاستعراض استعدادها لاستخدام صواريخ باليستية، دائماً ما تعتبرها طهران رادعاً للولايات المتحدة وإسرائيل ودول الخليج العربية التي تنافس طهران على النفوذ الإقليمي.

"مستعدون للتصعيد"

وشدد قائد فصيل مسلح عراقي متحالف مع إيران على أن إسرائيل كانت الهدف الأساسي، لكنه سلم بأن الرسالة التي بعث بها الهجوم قد تكون أوسع، وعلامة واضحة على أن إيران مستعدة للتصعيد إذا شعرت بالتهديد.

وقال القائد الذي طلب عدم نشر اسمه لأنه ليس مخولاً بالحديث لوسائل الإعلام "إنها رسالة لإسرائيل ولجميع الدول مفادها أن أي هجوم سيردون عليه بالصواريخ"، وليس عبر وكلاء فحسب.

وداخل العراق، اعتبر خصوم إيران الضربة تحذيراً لهم في خضم محادثات حساسة بشأن تشكيل حكومة بعد الانتخابات العامة في أكتوبر/تشرين الأول. ومنحت تلك الانتخابات انتصاراً لرجل الدين مقتدى الصدر، الزعيم الشيعي الذي يعارض النفوذ الإيراني والمنافس الرئيسي لبني مذهبه المتحالفين مع إيران.

وأصدر الصدر بياناً على تويتر قال فيه إن أكراد العراق كانوا هدفاً لهجوم أربيل وتعهد بمتابعة "حكومة الأغلبية الوطنية"، كناية عن حكومة متحررة من النفوذ الإيراني. وقال مسؤول كبير في المكتب السياسي للصدر إن خطط الصدر ستستبعد فعلياً حلفاء إيران الشيعة من الحكومة لأول مرة منذ الغزو الأمريكي عام 2003 الذي أطاح بصدام حسين.

 

وقال توبي دودج الأستاذ بكلية لندن للاقتصاد إن رسالة إيران جريئة لكنها محفوفة بالمخاطر وإن العراق سيتحمل وطأة أي أعمال عنف أخرى. وقال إن خصوم إيران سيسعون للرد على طهران أو وكلائها. وأضاف "تنخرط مجددا في الهجمات والرد عليها. ومهما حدث بعد ذلك، فإنه سيؤدي إلى مزيد من عدم الاستقرار في العراق."

الاتفاق النووي الإيراني.. هل أصبح على المحك؟

في الآونة الأخيرة، بلغت المباحثات بشأن الملف النووي الإيراني مرحلة "نهائية" وأكد المعنيون بها تبقي نقاط تباين قليلة قبل إنجاز تفاهم. إلا أن التفاوض واجه تعقيدات تمثلت خصوصاً في طلب روسيا ضمانات أمريكية بأن العقوبات الجديدة التي فرضها الغرب على موسكو بسبب غزوها لأوكرانيا، لن تؤثر على تعاونها الاقتصادي والعسكري مع طهران.

وبعد تعليق المحادثات، أعلنت روسيا الثلاثاء (15 مارس)، على هامش زيارة وزير الخارجية الإيراني لموسكو أنها تلقت الضمانات المطلوبة من واشنطن، ما يبدو أنه إزالة عقبة أمام إعادة الاتفاق النووي الإيراني.

في هذا السياق، قال الكرملين إن العقوبات التي يفرضها الغرب على موسكو ستؤثر على المصالح الروسية المتعلقة بالاتفاق النووي الإيراني لذا سيتعين على الولايات المتحدة ضمان مراعاة المصالح الوطنية لروسيا بالكامل.

ويرى الباحث الإيراني الأمريكي راي تاكيه أنه على الرغم من أن إيران أيدت رسمياً غزو روسيا لأوكرانيا، تشير التعقيدات الجديدة في المحادثات الرامية لإحياء الاتفاق النووي الإيراني إلى وجود خلافات بين موسكو وطهران. 

المطلب الروسي الرئيسي 

وأوضح كبار المفاوضين من فرنسا، وألمانيا، وفرنسا، والمملكة المتحدة أن العقبة الرئيسية تتمثل في  مطلب روسيا بعدم خضوع تجارتها مع إيران  للعقوبات الجديدة المفروضة على موسكو بسبب غزوها لأوكرانيا. لكن المسؤولين الإيرانيين يؤكدون أن سبب تأخر المحادثات هو عدم استعداد الولايات المتحدة لرفع العقوبات عن إيران.

ويقول راي تاكيه، المسؤول السابق بوزارة الخارجية الأمريكية وأحد كبار الزملاء بمجلس العلاقات الخارجية، إن من الممكن أن تكون روسيا هي السبب الرئيسي للتأخير، وأن المسؤولين الإيرانيين  ليسوا على استعداد لإلقاء اللوم عليها علانية.

وإذا كانت هذه هي الحقيقة، فإن من المحتمل أن تتجاهل إيران في نهاية الأمر مطالب روسيا، وتصل إلى اتفاق مع  الأطراف الأخرى في محادثات الاتفاق النووي بهدف تخفيف  العقوبات والحصول على الإيرادات التي هي في أمس الحاجة إليها، بحسب ما قال لوكالة الأنباء الألمانية.

وقالت لهيب هيجل محللة الشؤون العراقية لدى مجموعة الأزمات الدولية :"هل كان الإيرانيون يفكرون في كل تلك العوامل عندما قرروا إطلاق الصواريخ؟ لست متأكدة كثيرا بشأن ذلك، الحادثة الإسرائيلية كانت السبب المباشر، بحسب ما نشرت رويترز.

وبالنسبة للعلاقات بين روسيا وإيران، يرى تاكيه، أنها كانت دائما تحالف مصالح، ولم يكن تحالفا قائما على أساس القيم المشتركة؛ فقد تعاون البلدان في الحرب في سوريا، ولكن طوال عقد المفاوضات النووية، كانت روسيا تدعم العقوبات الغربية على إيران ومختلف قرارات مجلس الأمن التي تمنع طهران من تطوير أسلحة نووية.

وكان المسؤولون الروس يبلغون نظراءهم الإيرانيين على الدوام بأنه يتعين عليهم عدم الاعتماد على حق النقض الذي تتمتع به روسيا في مجلس الأمن، وأنه يتعين عليهم التوافق مع الدول التي تقود المحادثات- أي مجموعة 5 + 1، التي تضم الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن، بالإضافة إلى ألمانيا.

ويختتم كاتيه تقريره بالقول إن روسيا كانت في الواقع إحدى الدول التي استفادت من العقوبات التي تم فرضها على إيران، لأنها فتحت أسواقاً إضافية أمام النفط الروسي.

محمود حسين

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد