1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

صعود اليمين المتطرف يهدد استثمارات وفرص عمل في شرق ألمانيا؟

تيموثي روكس
٣٠ أغسطس ٢٠٢٤

على وقع الانتخابات البرلمانية في ولايات ساكسونيا وتورنغن وبراندنبورغ، يخشى رجال الأعمال من تداعيات صعود اليمين المتطرف على عجلة الاقتصاد في الولايات الواقعة في شرق البلاد، خاصة مع نقص العمالة الماهرة.

https://p.dw.com/p/4k1OL
 يساور رجال الأعمال القلق من تنامي قوة معسكر اليمين متمثلاً في حزب "البديل من أجل ألمانيا" اليميني الشعبوي
يساور رجال الأعمال القلق من تنامي قوة معسكر اليمين متمثلاً في حزب "البديل من أجل ألمانيا" اليميني الشعبويصورة من: Daniel Lakomski/IMAGO

تفتخر مدينة دريسدن، عاصمة ولاية ساكسونيا، بتراثها وإرثها التاريخي النفيس العائد لعصر الباروك، ومناظرها البديعة، وأعمالها الفنية الفريدة، لكن بعض المستثمرين يخشون على المدينة من تراجع كونها نقطة جذب للمال والأعمال.

سوف تشهد ولايتا ساكسونيا و تورنغن انتخابات لاختيار أعضاء برلمان الولايتين في الأول من سبتمبر/أيلول، فيما ستجرى بعد ذلك بثلاث أسابيع انتخابات برلمان ولاية براندنبورغ. وتقع الولايات الثلاث في شرق ألمانيا، فيما كان يُعرف سابقا بـ "ألمانيا الشرقية".

ومع تنامي قوة معسكر اليمين متمثلاً في حزب "البديل من أجل ألمانيا" اليميني الشعبوي، يساور رجال الأعمال القلق حيال ما ستسفر عنه الانتخابات في الولايات الثلاث.

وأسفرت الانتخابات الأوروبية التي جرت في يونيو/حزيران الماضي عن احتلال حزب "البديل" المركز الثاني في ألمانيا متقدماً على الأحزاب الثلاثة التي تشكل الائتلاف الحاكم.

وقد رفع الحزب راية العداء للمهاجرين والانعزالية والسعي للانسحاب من منطقة اليورو والدعوة إلى تفكيك الاتحاد الأوروبي. ويعد الحزب في حملاته الانتخابية بعدة أمور منها تقديم وجبات غذائية مجانية في المدارس فضلاً عن تخفيض تكاليف الرعاية الصحية.

وفيما يتعلق بالمهاجرين، فإن خطة حزب "البديل" تقوم على الترحيل ولا غير ذلك، رغم الغموض حيال الفئة المستهدفة: اللاجئين فقط أم أي وافد جديد إلى البلاد.

وتتوقع استطلاعات الرأي تحقيق الحزب مكاسب خلال انتخابات ساكسونيا وتورنغن وبراندنبورغ وحصد ما قد يصل إلى 30% من أصوات الناخبين.

ماركوس شليمباخ، رئيس اتحاد النقابات العمالية في ساكسونيا
ماركوس شليمباخ: "رفض كل شيء أجنبي يعد بمثابة مشكلة متراكمة في ساكسونيا خلال السنوات الأخيرة".صورة من: DGB Sachsen/Rietschel

هل أصبح المرض مزمناً؟

وعلى وقع ذلك، يساور الكثير من سكان الولايات الثلاث، القلق حيال التحول صوب معسكر اليمين الذي قد تسفر عنه الانتخابات المقبلة فيما تزداد وتيرة القلق بين أوساط المستثمرين ورجال الأعمال.

وفي مقابلة مع DW، قال ماركوس شليمباخ، رئيس اتحاد النقابات العمالية في ساكسونيا (DGB): "تعاني الولاية من التطرف اليميني المتفاقم على مر السنين والعقود الماضية".

ويضم الاتحاد الذي يرأسه ماركوس شليمباخ، في عضويته حوالي 250 ألف شخص أو ما يقرب من 16٪ من القوى العاملة في الولاية. وانضم ماركوس شليمباخ إلى الاتحاد منذ بداية تسعينات القرن الماضي فيما تولى رئاسة الكيان منذ عام 2017.

ويُعرف عن ماركوس شليمباخ مواقفه الشديدة المناهضة للتطرف والعنصرية، ودعا الشركات إلى ضرورة القيام بنفس الشيء لحماية كافة أنشطتها التجارية. وشدد على تداعيات تصاعد قوى اليمين على حل أزمة العمالة الماهرة، مضيفا أنه خلال السنوات العشر المقبلة، سوف يتقاعد 300 ألف عامل في ساكسونيا ما يعني ضرورة العمل على سد الفجوة. وأشار إلى أنه الرقمنة قد تساهم في سد الفجوة، إلا أنه "فيما يتعلق بالوظائف الأخرى، فنحن نعتمد على العمالة الماهرة من الخارج".

ومن داخل مكتبه الواقع في وسط مدينة درسدن، أشار ماركوس شليمباخ إلى أن ساكسونيا تقع على حدود بولندا وجمهورية التشيك ما يعني إمكانية استقدام عمال من الدولتين ومن دول أخرى.

بيئة "طاردة" للاستثمارات

ولا يتوقف الأمر عند نقص العمالة الماهرة، بل تعاني ولايات شرق ألمانيا من عدم وجود عدد كافٍ من الشركات الكبيرة أو المتوسطة الحجم مقارنة بالولايات الغربية في البلاد.

ويعزو خبراء أسباب ذلك إلى بعض الأمور المرتبطة بالحقبة الشيوعية، لكن ماركوس شليمباخ يؤكد أن هذا الأمر لا ينفي حقيقة مفادها أن حجم العمالة في 90% من الشركات في ساكسونيا لا يتجاوز العشرات. ويفرض ذلك على هذه الشركات توسيع نطاق البحث والتطوير، لكن ذلك يعني أن ساكسونيا لم تعد نقطة ابتكار مما زاد من صعوبة تمكنها من جذب مستثمرين أثرياء.

وفي مقابلة مع DW، قال أولاف زاخرت، وهو مستثمر متخصص في إنقاذ الشركات المتعثرة، إن بعض المستثمرين الدوليين يرغبون في مغادرة ألمانيا بشكل خاص وأوروبا بشكل عام: "رأس المال الأجنبي يشبه غزالة خجولة، دائمة الحركة للبحث عن فرص آمنة. لا يقدم رجال الأعمال على الاستثمار في مكان لا يحظون فيه بالترحاب ولا يقدم المستثمرون على ضخ استثمارات في مكان يعج بالمشاكل الكبيرة". ويشير إلى أنه في حالة أن أصبح "البديل" أكثر قوة ونفوذاً في ألمانيا، فإن من شأن ذلك أن يؤثر سلباً على رغبة المستثمرون في ضخ استثمارات في البلاد.

أحد أنصار حزب "البديل" خلال حملة انتخابية في دريسدن بمايو/أيار الماضي
ترجح استطلاعات الرأي تحقيق حزب "البديل" مكاسب خلال انتخابات برلمانات ولايات ساكسونيا وتورنغن وبراندنبورغ صورة من: Jens Schlueter/AFP/Getty Images

بين الماضي والحاضر والمستقبل

ويقول الخبراء إن ساكسونيا تمتلك نقاط قوة تعزز من فرص جذب الاستثمارات؛ إذ أنها تزخر بعمالة مؤهلة لديها الخبرة الكافية بفضل استمرارها في العمل لعقود ما عزز من تراكم المعارف فيما يخص بالسوقين المحلي والدولي.

وقال أولاف زاخرت إن "ولايات شرق ألمانيا تتمتع بإمكانات هائلة على وجه التحديد لأنها تضم الكثير من العمالة الماهرة، لكن هذا لا يكفي خاصة في ظل نقص عدد العمال بشكل عام". وأضاف "نحن قادرون على المنافسة فقط إذا رحبنا بالعمالة الماهرة الأجنبية"، مشدداً على أن بلدان شرق أوروبا تزخر بالعمال الراغبين في العمل مقابل أجر ليس بالكبير نسبياً.

ويأمل أولاف زاخرت في أن يفكر الناخبون في عواقب تنامي قوة حزب "البديل" قبل الإدلاء بأصواتهم. ورغم إقراره بتضرر سمعة ساكسونيا كنقطة جذب للاستثمارات مؤخراً بسبب تنامي قوة معسكر اليمين، إلا أنه يحدوه تفاؤل حذر فيما يخص نتائج الانتخابات الحالية.

وفي ذلك، قال "صنع في ساكسونيا علامة تدل على الجودة والاتقان والمعرفة المتخصصة والعمالة المدربة الماهرة المبدعة. يحدوني الأمل في أن تسفر الانتخابات المقبلة عن تشكيل أغلبية ديمقراطية تعزز الاستقرار ما يدفع عجلة الاقتصاد. ساكسونيا لا يمكن أن تعيش فقط من تاريخها وإرثها".

أعده للعربية: محمد فرحان