شولتس في أفريقيا.. نظرة مشتركة للعالم ورغبة في التعاون
٢٥ مايو ٢٠٢٢الجو حار في تيليا، حيث الرمال الحمراء تمتد على مد النظر، وقد استعد المستشار الألماني أولاف شولتس جيدا لزيارة معسكر الجيش الألماني هناك في النيجر. في زيارته الأولى كمستشار للقارة الأفريقية، بحث شولتس عن حلفاء لمشاريع مستقبلية، حاملا معه عروضا بدعم الديمقراطية في السنغال والنيجر وجنوب أفريقيا.
وأكد شولتس في حواره الحصري مع DW أن "أفريقيا جارة أوروبا، لذلك من المهم جدا، أن نسعى إلى إقامة علاقة جيدة جدا مع كل الدول في أفريقيا. ومهم أيضا، أن نوسع علاقاتنا مع كل الدول الديمقراطية في العالم. الديمقراطية وسيادة القانون هي قضايا مهمة بالنسبة لنا، وهي ليست شيئا مرتبطا بالدول الغربية فقط".
بقاء القوات الألمانية في النيجر
زيارة شولتس لغرب أفريقيا تظهر بشكل واضح مدى تعويل الجانبين على بعضهما. فالسنغال والنيجر بحاجة إلى استمرار دعم ألمانيا لهما في المسائل المتعلقة بالأمن والتنمية.
في حين تعول برلين على التعاون الوثيق لتأمين الاستقرار في منطقة الساحل المهمة من الناحية الجيوستراتيجية، حتى في ضوء الانقلابات التي حدثت في الأعوام الأخيرة والتي عقدت العلاقات مع دول شريكة مثل مالي. وألمانيا "لن تقبل أبدا وضعا تتم فيه محاربة شعب مالي بدعم من الجنود الروس" قال شولتس لـ DW.
وأعلن المستشار الألماني من تيليا، التي تبعد نحو 80 كيلومترا من حدود مالي، عن تمديد مهمة الجيش الألماني هناك، حيث يقوم الجنود الألمان ومنذ عام 2018 بتدريب القوات الخاصة في إطار ما يسمى بمهمة "غزال". وقال شولتس أثناء زيارته للمعسكر "بالنسبة إلينا يتعلق الأمر بتحديد مشروع متابعة جيد، وبالطبع مع الشركاء المحليين".
وحرص شولتس على تجنب إثارة توقعات خاطئة، ولكنه أظهر التزاما واضحا، بقوله "من المهم بالنسبة إلي، أن نظهر مسؤوليتنا وأننا شريك جيد هنا في أفريقيا، وبالطبع هو الأهم بالنسبة لهذا البلد، لأن الأمر يتعلق ببلد ديمقراطي".
عالم متعدد الأقطاب
تعتبر النيجر التي يبلغ عدد سكانها 25 مليون نسمة، أهم شريك لألمانيا في محاربة الإرهاب الإسلامي في منطقة الساحل. وتتبع حكومة الرئيس محمد بازوم، نهجا مؤيدا للغرب، واكد أن جيشه يقدر جدا تدريب ألمانيا النوعي لقوات بلاده الخاصة. كما وعد المستشار شولتس النيجر بدعمها في مجالات التعليم والتأهيل والصحة والزراعة.
وأكد شولتس أنه يريد التزاما طويل الأمد في المنطقة، وبناء عالم متعدد الأقطاب لا تتحكم به دولتان أو ثلاث دول فقط. وبموازاة ذلك، واضح بالنسبة لشولتس أنه لا يمكنه التحرك أكثر في ظل التيار العسكري والسياسي لفرنسا، كما كانت تفعل المستشارة السابقة أنغيلا ميركل.
فالقوة الاستعمارية السابقة، فرنسا، قد انسحبت من مالي. ومستقبلا لن تشارك ألمانيا في تدريب قوات هناك ضمن مهمة الاتحاد الأوروبي التدريبية " EUTM" ولكنها ستبقى في مالي من خلال مهمة الأمم المتحدة "MINUSMA".
البحث عن الغاز الطبيعي
وفي ضوء حرب أوكرانيا، تحتل مسألة التعاون في مجال الطاقة أهمية كبيرة. حيث لم يتحدث شولتس في محطته الأولى في غرب أفريقيا مع الرئيس السنغالي، ماكي سال، عن مساهمة ألمانيا في توسيع بناء الطاقة الشمسية فقط، وإنما عن إمكانية تطوير حقول غاز جديدة للتصدير إلى أوروبا.
وتحظى مساعي شولتس في هذا الإطار بدعم من شركائه في الائتلاف الحكومي أيضا، حيث صرح مستشار الدولة في وزارة البيئة، ميشائيل كيلنر من حزب الخضر، قائلا "لا نريد أبدا أن نصبح من جديد مرتبطين بدولة واحدة، مثلما كنا سابقا ومازلنا معتمدين إلى حد ما على روسيا. لذلك من المنطقي أن يبحث المرء أين يمكنه التنويع".
والسنغال مستعدة لتصدير الغاز المسال إلى المانيا وأوروبا، وعبر الرئيس السنغالي ماكي سال عن فرحته بهذا المشروع في مؤتمر صحفي مشترك مع ضيفه المستشار الألماني أولاف شولتس.
والرئيس السنغالي الذي يرأس الاتحاد الأفريقي أيضا الآن، سيسافر قريبا إلى موسكو، ليعبر عن عدم رضاه عن الحرب في أوكرانيا، بالرغم من امتناع بلاده عن إدانة الغزو الروسي في مجلس الأمن.
مقعد لأفريقيا في قمة العشرين؟
وفي نفس الوقت تراقب أفريقيا بقلق ارتفاع أسعار الحبوب، فإلى جانب الجوع المحدق، يمكن أن يؤدي ذلك إلى انهيارات أخرى. وقد أظهر شولتس وعيا عميقا لهذه المعضلة، إذ أن ألمانيا الدولة الغنية يمكن أن تجد مخرجا، حيث ليست هناك خيارات لدول أخرى.
وأشار شولتس في مقابلة DW معه إلى التعاون مع برنامج الغذاء العالمي لمكافحة الجوع في دول مثل السودان والصومال والنيجر، وقال متحدثا عن ارتفاع سعر البنزين "لدينا الآن محادثات مع كل هذه البلدان التي تصدر الغاز والنفط، ونحاول إقناعها بزيادة انتاجها، ما سيكون جيدا بالنسبة للسوق العالمية".
وبدوره استغل الرئيس السنغالي ماكي سال زيارة شولتس للضغط من أجل حصول الاتحاد الأفريقي على مقعد في قمة العشرين، بقوله لـDW: "عند النظر إلى الاقتصاد الأفريقي ككل، يصل الإنتاج المحلي الإجمالي إلى 2,6 مليار دولار سنويا. وهذا ليس قليلا. وبالتالي فإنه يجب أن يكون لأفريقيا مقعد، حيث تتم مناقشة القضايا التي تهم العالم".
جنوب أفريقيا، المحطة الأخيرة لشولتس، هي عضو في قمة العشرين، وأحد أهم الشركاء الأفريقيين في جنوب الصحراء. ولخص شولتس جولته الأفريقية لـ DW من جوهانسبوغ في جنوب أفريقيا، بالقول "لقد كان أمرا جيدا جدا النقاش مع رؤساء الدول والحكومات الأفريقية، وفهم أن لديهم نظرة مشابهة جدا للعالم، وأنهم يتشاركون الرغبة في التعاون".
مارتينا شفيسكوفسكي، ميشائيل نوي كوفنر/ ع.ج