1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

سيدي بوزيد أرض الثورة ... والخروف الأملح

٤ نوفمبر ٢٠١١

سرق خروف العيد الأضواء من الأحزاب الفائزة في انتخابات المجلس التأسيسي. وأصبح بعد أيام من موعد الانتخابات حديث الناس وشغلهم الشاغل. وغابت معلقات الأحزاب من الشوارع واحتلت مكانها أسواق الخرفان بما في ذلك المراكز التجارية

https://p.dw.com/p/134YI
ملايين التونسيين على غرار مسلمي العالم يحيون عيد الأضحى الذي يوافق هذا العام ال 6 من نوفمبر/ تشرين الثانيصورة من: AP

على الرغم من أن المشاورات بين الأحزاب الفائزة لتشكيل حكومة ائتلاف وطني تجري بنسق متسارع في هذه الأيام، ولكن يبدو أن كفة الاهتمام رجحت لصالح خروف أو أضحية العيد. فالصحف ونشرات الأخبار ومواقع الانترنت والتواصل الاجتماعي تركز اهتمامها على خروف العيد أو كما يسمى في تونس "علوش العيد". وهذا الاهتمام ليس مرده صعود نجم حزب النهضة الإسلامي، ولكن إلى المكانة الهامة التي يحتلها هذا العيد الديني في حياة التونسيين.

واحتفاء بهذا العيد الأول بعد الثورة، أصبحت الساحات داخل الأحياء السكنية أسواقا نشطة للأغنام. فمع طلوع كل فجر ورغم الأمطار التي شهدتها تونس في الأيام الأخيرة تدب الحياة في الأسواق وينشط الباعة القادمين من الأرياف لتوفير العلف إلى الخرفان التي باتت في العراء. وينشط آخرون داخل بعض الخيام التي نصبت في المكان لإعداد الشاي وفطور الصباح للبائعين الذين رابطوا طيلة الليل يحرسون الأغنام.

سيدي بوزيد، شهيرة أيضا بخرفانها

Opferfest in Tunesien
المولدي الماغري، بائع ماشية من ناحية مدينة القيروانصورة من: DW

ومصدر الخرفان مهم في تونس، فالعديد من سكان الحواضر يحبذون خرفان الشمال الغربي وخرفان الوسط الغربي وبالخصوص خرفان سيدي بوزيد. وذلك ليس لأنها المنطقة التي انطلقت منها شرارة الثورة بل لشهرتها التي ملأت أرجاء تونس بنوعية خرفانها، إذ أن المنطقة فلاحية وأهلها يربون الماشية ويعتنون بها كثيرا، يضاف إلى ذلك تركيز المنطقة على تربية أنواع معينة من الخرفان من نوعية "البربري". ولكن بعض التونسيين يحبذون أيضا الخرفان من نوعية "الغربي" وهي نوعية مشهورة في مناطق الشمال والشرق الجزائري.

في قلب السوق، المولدي الماغري، فلاح من جهة القيروان، قدم منذ بضعة أيام هو وأحد جيرانه لبيع أغنامه. يمني نفسه بربح وفير. حدثنا عن تعبه وعن أمله في تتويج سنة كاملة من الكد والعمل. "لقد بعنا عددا هاما من رؤوس الخرفان منذ قدمنا من نصر الله، إحدى مدن القيروان. المطر المتواصل طيلة الأيام الأخيرة أتعبنا كثيرا، ولكن البيع متوفر والشاري يحبذ الخرفان من نوع العربي التي نربيها ".

انفلات في الأسعار

ويستغل الباعة والتجار هذا الموسم لجني الأرباح، غير عابئين بالمواطن البسيط. ويساهمون بذلك في ارتفاع الأسعار بشطط ، إذ يصل سعر الخروف إلى 500 دينار تونسي ( حوالي 350 دولار ). ويؤكد محمد مفتاح من مدينة مكثر بولاية سليانة أن السعر الحقيقي للخروف يترواح بين 200 و300 دينار لدى المربي، يضاف لها مصاريف النقل والعناية وهامش الربح لتصل إلى 400 ويمكن أن تبلغ 500 دينار.

ويقول إنه يجلب وأباه يوميا عددا من الخرفان من المربين من مدينته ليبيعها في تونس وانه يخرج في الصباح الباكر يوميا ليعود في المساء.

Opferfest in Tunesien
كمال الدشراوي، مواطن تونسي يعاين جودة خروف في إحدى الأسواق الشعبيةصورة من: DW

ورغم تأكيد التجار والفلاحين على أن الأسعار في المتناول، يبقى للمواطن رأي آخر، إذ يقول مراد السعفي ان الأسعار ثارت كما ثارت البلاد على الطغيان، فالخروف متوسط الحجم الذي يفوق وزنه 40 كيلوغراما يتجاوز 350 دينار، ويمكن أن يصل إلى 500 دينار. وتساءل كيف يمكن للمواطن محدود الدخل توفير ثمن أضحيته؟ وتوجه بنداء إلى وزارة الفلاحة كي تدعم مربي الماشية بتوفير الأعلاف.

ويجدر الإشارة إلى أن غلاء أسعار الأضاحي، لم يكن على لوائح الأحزاب ووعودهم. إذ لم يهتم لمعاناة المواطن البسيط أحد حتى الأحزاب التي أعطاها مؤخرا صكا لتدير شؤونه وتخفف من صعوبات واقعه اليومي.

الحكومة الانتقالية، تحاول كبح جماح الأسعار

في سعي منها لكبح جماح الأسعار قامت الحكومة الانتقالية بتوفير نقاط منظمة لبيع الأضاحي في مسعى منها لتعديل السوق وتوفير عدد هام من رؤوس الأغنام، لتباع حسب الوزن وبأسعار مضبوطة. فقد وفرت "شركة اللحوم"، وهي شركة وطنية، أضاحي بمعدل سعر للأضحية التي يتراوح وزرنها بين 45 كغ و 50 كغ بـ 265 دينار و295 دينار. وقد وضعت شركة اللحوم على ذمة المستهلكين، نقاط بيع بمختلف ولايات الجمهورية.

Opferfest in Tunesien Flash-Galerie
رغم غلاء أسعار الماشية، فان التونسيين لا يفوتون شعيرة عيد الأضحىصورة من: DW

الخروف في السوبرماركت

إلى جانب الأسواق الشعبية ونقاط البيع الحكومية، دخلت المراكز التجارية الكبرى على الخط ، ووفرت الخروف بكميات كبيرة وشرعت في تسويقها على أساس السعر المرجعي للكيلوغرام الواحد، كما حددته وزارة التجارة. وتمكن الفضاءات الكبرى صغار الموظفين من شراء الأضحية حسب الوزن. كمال الدشراوي، عامل، يقول ان السوبرماركت أفضل من الأسواق التقليدية، "على الأقل، هنا أعرف وزن الأضحية ومصدرها. لقد اشتريت اليوم خروف يزن 34 كغ بـ 259 دينار. هو في المتناول والحمد لله. في السوق نفس الخروف يباع بـ 300 دينار فما فوق. الوسطاء ألهبوا الأسعار."

بن على الحاضر الغائب

ويحتفل التونسيون هذه السنة بأول عيد بدون الرئيس المخلوع بن علي، ولكن الرئيس السابق أبى إلا أن يشاركهم عيدهم. إذ يتندر التونسيون بكون عيدهم لهذه السنة يوافق ذكرى "تغيير السابع من نوفمبر" الذي لطالما هلل له المهللون وتوقفت فيه مصالح البلد للاحتفال والاحتفاء به طيلة أيام.

وهذه السنة لا ذكرى فيها "للتغيير" بالنسبة للتونسيين وإنما التغيير بعينه، إذ لن ينتظروا خطاب صانع "التغيير" كما كان يكنى بن علي، ليعدهم ويمنيهم ، ولكنهم سيتمتعون بأول عيد بدون وعود زائفة لن تتحقق، أملهم كبير في أن من انتخبوهم ومنحوهم ثقتهم سيكونون خيرا ممن مضوا وخلفوا لهم تركة من الديون والمشكلات.

خالد بن بلقاسم – تونس

مراجعة: محمد المزياني