1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

"سوريا ستكون أغنى لو تخلص شبابها من ثقافة العيب تجاه أعمال كثيرة"

عفراء محمد - كاتبة سورية١١ سبتمبر ٢٠٠٦

نادرا ما تتأقلم امرأة ألمانية مع عادات وتقاليد المجتمعات العربية وتستطيع العيش فيها لفترة طويلة. غير أن زابينه كسرت هذا التقليد وأظهرت قدرة عجيبة على التأقلم لدرجة أنها نالت محبة الجميع واحترامهم لها في محيطها.

https://p.dw.com/p/96Z4
الحوار ممكن. صورة من أحد اللقاءات الثقافية في ألمانيا بين الجالية المسلمة والضيوف الألمان.صورة من: dpa

كان يوما صيفيا حارا عندما وصل أحمد برفقة زوجته الألمانية زابينه وطفلتهما إلى قريته النائية أعلى جبال الساحل السوري. لقد دامت غيبته عشر سنوات، أمضاها في الدراسة والعمل في ألمانيا، دون أن يفارقه الشعور بالحنين لطقس القرية وقصصها. في ذلك اليوم طغى خوف أحمد من برودة أهله وأقربائه تجاه الزوجة الشقراء على كل خوف آخر، لا سيما وأنهم كانوا يرغبون بتزويجه من إحدى بنات عمه التي تخرجت للتو من كلية الطب.

زابينه تتحدى الأحكام المسبقة...

Frauen in Syrien, Damaskus
صورة من أحد الشوارع في سورياصورة من: AP

كان الحذر تجاه الزوجة الأجنبية باديا على وجوه أفراد عائلته منذ البداية. وبرز ذلك بشكل خاص على وجه أم أحمد التي قيل لها أن الأجنبيات متحررات بشكل زائد وأنهن لسن مخلصات للعلاقات الزوجية. وقد انعكست هذه النظرة المسبقة على تفسير تصرفات زابينه البشوشة الطبع. كان يقال مثلا أنها تضحك للجميع وتمازح الشباب بشكل يثير الشكوك ...الخ. وعلى ضوء ذلك طلبت الأم من ابنها أن يقول لزوجته بأنه ينبغي لها أن تكون عبوسة ومعقودة الحاجبين تجاه الغرباء كما تفعل بنات القرية ذوات السمعة الحسنة. عندما سمعت زابينه هذا الكلام ضحكت حتى الثمالة وبدلا من أن تجادل الأم في رأيها، راحت تضمها بشيء من الشفقة. ومع تزايد الضغوط على الزوج فكر باستئجار بيت في المدينة بعيدا عن حساسيات ومشاكل القرية، غير إن زوجته رفضت وفضلت البقاء في القرية الهادئة واعدة إياه بالتأقلم مع عادات أهلها.

...وتقوم بأعمال من اختصاص الرجال

مع مرور الوقت فاجأت زابينه حماتها وأهل زوجها بقدرتها على التأقلم مع عاداتهم وتقاليدهم. كما بدأت تساعد حماتها في تدبير أمور المنزل والطبخ الذي تعلمته بسرعة. ولم تكتف بذلك بل ذهبت إلى الحقل لمساعدتها في جني الزيتون والتين وباقي المحاصيل الزراعية التي تشكل مصدر دخل العائلة. وبعد انتهاء الموسم الزراعي بدأت زابينه القيام بأعمال من اختصاص الرجال مثل طلاء جدران البيت وأبوابه ونوافذه دون حرج. ولم تجد نفعا معها نداءات بعض أفراد الأسرة لها بالتوقف عن ذلك خشية من كلام الجيران. وهكذا بدأت الحماة تحب الكنة الأجنبية التي ترافقها طوال اليوم تقريبا شيئا فشيئا. وزاد من حبها لها تعلمها السريع للغة وكلامها معها باللهجة المحلية.

"أحب فيها بساطتها وعدم تكبرها"

Hamidieh Markthalle in Damaskus in Syrien Tourismus
سوق الحميدية في دمشقصورة من: picture-alliance / dpa

أما زابينه نفسها فإن أكثر من يزعجها هو الطلب إليها بالتوقف عن العمل بحجة الخوف من ألسنة الجارات. "العمل بالنسبة لي متعة، بينما هو نقمة في نظير الكثير من نسوة القرية اللواتي يقضين وقتهن في الثرثرة"، تقول زابينه وتضيف: "إن سوريا الحلوة ستكون أحلى وأغنى بكثير لو تخلص شبابها من ثقافة العيب تجاه الكثير من الأعمال". كلام زابينه هذا يثير فخر زوجها الذي يتنقل يوميا بين المدينة حيث يعمل والقرية حيث يعيش مع عائلته وأهله: "لم أكن اعتقد إن زوجتي قادرة على التأقلم إلى هذا الحد، حقا هذا أمر رائع ويستحق كل تقدير". أما والدته فتقول: " قبل زابينه كان لدي بنتان ومعها أصبح لدي ثلاثة أحبها مثل ابنتي"، وتضيف: "لم اكن أتصور أنها لطيفة ورائعة إلى هذا الحد: "عندما مرضت لم تفارقني يوما، كنت أجدها إلى جانبي في المشفى كلما استيقظت". ومن الأشياء التي تحبها أم أحمد في كنتها الأجنبية بشكل خاص بساطتها وعدم تكبرها على العمل في البيت والمزرعة، إضافة على عدم اهتمامها بتجميع الذهب والفضة.

زابينه اليوم أصبحت مثلا يحتذى في قرية أحمد الصغيرة التي يظهر سكانها لها المحبة والتقدير بشكل نادر. وقد بقي إخلاصها لقرية زوجها التي أحبتها كثيرا رغم انتقالها مع زوجها وطفلتهما إلى المدينة للسكن حيث يعمل الزوج. فهي تقوم بزيارة حماتها كل نهاية أسبوع تقريبا لتفقد أحوالها وأحوال البيت وتقديم بعض المساعدة. وإذا لزم الأمر لا تتردد بالنوم هناك، مثلا عندما تكون العجوز مريضة.

ملحوظة: نزولا عند رغبة ضيفة المقال تم تغيير اسمها الحقيقي إلى زابينه.

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد