سبل الخروج من الفراغ السياسي في العراق

انعكس الفراغ السياسي الذي يعيشه العراق بشكل مباشر على حياة الناس؛ فقد ارتفع معدل الهجمات الإرهابية، وتصاعدت عمليات الاغتيال وتصاعد معها الخوف من غياب الأمن وعودة عمليات السطو المسلح إلى معظم المدن العراقية.

وفي هذا الأسبوع ظهرت بعض المقترحات، التي يمكن أن تساهم في حل الأزمة، منها ضرورة إعطاء فرصة للدكتور إياد علاوي، رئيس قائمة العراقية، لتشكيل الحكومة الجديدة باعتباره زعيم الكتلة التي حلت في المرتبة الأولى في الانتخابات التشريعية. والاقتراح الآخر هو إمكانية تخلي الزعيمين المتنافسين، رئيس الوزراء المنتهية ولايته نوري المالكي وعلاوي عن محاولات تشكيل الحكومة وإعطاء فرصة للعملية السياسية كي "تخرج من عنق الزجاجة". كل هذا يأتي في وقت قررت فيه القوى الرافضة للعملية السياسية أن تعقد مؤتمرا في اسبانيا منتصف الشهر القادم. وما أثار انتباه المراقبين أيضا هو أن الحراك السياسي بمجمله يجري تحت السقف الزمني المعلن لانسحاب جزء كبير من القوات الأمريكية من العراق في شهر آب/ أغسطس المقبل.

وقد ارتفعت فرص علاوي في العودة إلى رئاسة الحكومة العراقية بعد التصريح الذي أدلى به رئيس إقليم كردستان مسعود البرزاني والذي دعا فيه إلى ضرورة منح رئيس قائمة العراقية فرصة لتشكيل الحكومة المقبلة. ولمعرفة أبعاد ودلالات هذا التصريح سألنا الخبير القانوني العراقي، المقرب من القيادة الكردية، الدكتور منذر الفضل عما إذا كان كلام البرزاني ينعش آمال علاوي في العودة إلى كرسي رئاسة الوزراء فقال: "إن ما ذكره رئيس إقليم كردستان مسعود البرزاني جاء موافقا للمادة 76 من الدستور العراقي التي تنص على أن الكتلة الأكبر تكلف بتشكيل الحكومة". واستدرك الخبير الدستوري بأن "البرزاني لمح إلى عدم قدرة علاوي على تشكيل حكومة" ومع ذلك فهو يؤيد أن "يعطى الفرصة".

(للاستماع اضغط على الرابط أسفل الصفحة: الدكتور منذر الفضل خبير دستوري وقانوني عراقي يقيم في السويد)

كما شكلت زيارة رئيس قائمة العراقية الدكتور إياد علاوي للمرجع الشيعي الأعلى في العراق آية الله علي السيستاني محطة مهمة في سعي رئيس الوزراء الأسبق كسب حياد المرجعية الشيعية في معركة رئاسة الوزراء. وردا على سؤالنا حول مغزى هذه الزيارة رأى الإعلامي العراقي المقيم في ألمانيا الدكتور عبد الله الجبوري أن لجوء الساسة العراقيين إلى المرجعية يشكل أحد معضلات الأزمة العراقية. ورفض الجبوري، وهو رئيس تحرير موقع عراق برس الإليكتروني، أي دور للمرجعية الدينية في السياسة وأضاف بأنه يجب "إبعاد المرجعية الدينية عن التدخل في السياسة". وشدد الجبوري على ضرورة "ترك المرجع الديني للدين وترك السياسة للسياسيين، لأن هذا أفضل للعراق ومستقبله".

(للاستماع للملف الصوتي اضغط الرابط أسفل الصفحة: الدكتور عبد الله الجبوري، إعلامي عراقي يقيم في ألمانيا)

وبالرغم من أن السؤال الذي وجهناه إلى المستمعين تناول تأثير الانسحاب الأمريكي المرتقب على فرص تشكيل الحكومة العراقية فإن معظم المستمعين ركزوا على دور المرجعية بين مؤيد لها وآخر رافض. وقد أيد الدكتور عباس العبادي تدخل المرجعية الشيعية في الأمور السياسية لأن العراق "يمر في مرحلة هي من أخطر مراحله في التاريخ الحديث". ودعا العبادي المرجعية إلى "حثّ السياسيين على ضرورة تشكيل حكومة في أسرع وقت ممكن".

(للاستماع اضغط الرابط أسفل الصفحة: الدكتور عباس العبادي، بغداد).

ورفض الكاتب والمحلل السياسي الألماني الدكتور ميشائيل لودرز وجود أي علاقة بين الانسحاب الأمريكي المرتقب من العراق وتعثر تشكيل الحكومة الجديدة. وشن الباحث الألماني المتخصص في قضايا الشرق الأوسط هجوما شديدا على الطبقة السياسية العراقية متهما إياها بعدم "النضج" والاهتمام "بمصالحها الضيقة". وأضاف لودرز بأن "المشكلة الأساسية في السياسة العراقية هي عدم قدرة واستعداد الأطراف العراقية للخروج من التفكير القبلي". ودعا الباحث الألماني كل الكتل العراقية للخروج من "التفكير الضيق و إلى الاهتمام بمشاكل العراق ككل".

(للاستماع اضغط على الرابط أسفل الصفحة: الدكتور ميشائيل لودرز باحث ومحلل سياسي ألماني)

الكاتب: أحمد حسو