1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

رشا حلوة: هل العنصرية منتشرة في العالم العربي؟

رشا حلوة
١٦ يناير ٢٠١٩

هل كشفت أزمة ملكة جمال الجزائر الغطاء عن انتشار العنصرية في العالم العربي؟ سؤال تطرحه الكاتبة الصحفية رشا حلوة في مقالها* لـ DW عربية.

https://p.dw.com/p/3Bfte
arabisch Kolumnistin Rasha Hilwi
صورة من: DW/Rasha Hilwi

في الخامس من كانون الثاني/ يناير الجاري، فازت الجزائرية خديجة بن حمو (26 عامًا) بلقب ملكة جمال الجزائر للعامّ 2019. وعمومًا، لم تكن المنطقة العربية أو العالم غالبًا سيهتم بمسابقة ملكة جمال الجزائر إلى هذا الحد لوّ لم تحدث ضجة حولها.

 وللأسف، الضجة التي أحاطت بالمسابقة ليست بالإيجابية، إنّما موجات من الهجوم المتواصل على الفائزة، بحجة أنها "لا تُناسب معايير الجمال"، وكأن هنالك بروتوكول ينصّ على أحكام الجمال، التي لا نعرف من وضعه.

على الرغم من أهمية الخوض في ماهية مسابقات ملكات الجمال، سواء في المنطقة العربية والعالم، وطرح وجهات النظر المؤيدة والمعارضة لمثل هذه المنصات وما تمارسه من ترسيخ للأدوار الجندرية للمرأة في المجتمعات، إلّا أن هذا المقال سيخوض فما تُظهر مثل هذه المناسبات من أسئلة حول بلورة وعي جمعي إزاء ما هو "جميل"، والأهم من ذلك، ما تعرّضت له خديجة بن حمو، ومن قبلها ملكة جمال السعودية، ملاك يوسف قبل أكثر من عامٍ، من هجوم ضد شكلها الخارجي، وفي سياق ملكة جمال الجزائر، ضد لون بشرتها السمراء وضد المنطقة التي جاءت منها، وهي ولاية أدرار في جنوب غربي الجزائر.

هذه المناسبة وكمّ السخرية التي تعرّضت لها خديجة بن حمو بسبب لون بشرتها، وشعرها المجعد وشكل أنفها، إلخ.. تُؤكد لنا من جديد بأن الإجابة على السؤال: هل هنالك عنصرية ضد أصحاب وصاحبات البشرة السمراء/ السوداء في المنطقة العربية؟ هي نعم. هذه العنصرية تتجسّد في بعض الأمثال الشعبية مثل: "خبي قرشك الأبيض ليومك الأسود"، حيث يعبّر اللون الأبيض عن "الجيّد"، والأسود عن "السيء".

في حديث مع سارة من الجزائر، حول ما تعرّضت له خديجة بن حمو، قالت: "المجتمع الجزائري ملوّن ومشكّل، ونجد تقريبًا داخل كل عائلة تنوّع في لون البشرة، ومن غير المقبول أن يكون لون بشرتها سببًا لانتقادها. للأسف، هنالك عنصريون يستغلون أيّ فرصة لإطلاق العنان لأفكارهم ومعتقداتهم المتخلّفة".

ولم يقتصر الهجوم على خديجة فقط على منصات السوشيال ميديا، حيث أن إعلامية كويتية كان لها دور أيضًا في الهجوم، حيث وجهت كلامًا لخديجة، مفاده: “أنت لا علاقة لك بالجمال، هذا الكلام على مسؤوليتي، الجزائر تستحق من يمثلها أفضل من هذا، إن شاء الله تتزوج بسرعة علشان تتشال".

وإلى جانب هذه الحملات، كانت هناك مساندة لخديجة من جانب كثيرين، فقد قامت الفنانة السورية أصالة نصري بالدفاع عن ملكة جمال الجزائر، حيث قالت: "الجمال لا مقاييس له، إلّا عند من حدّد بنفسه لروحه وقلبه وعيناه ما يقبله عقله المتهرئ وشعوره المحدود وضميره المهلل".

وفي حديث مع الصحفي الجزائري صلاح باديس، حول ما تعرّضت له خديجة بن حمو، قال: "هنالك نقاط عديدة متعلقة بمسابقة ملكة جمال الجزائر، حيث أن بعد كل نتيجة سنويًا هنالك دائمًا سخرية ونقد، منها التي تفيد بأننا مسلمين وليس لدينا نساء يتنافسن على مسابقات ملكات الجمال، إلخ.. وهنالك من الناس متقبّل لفكرة المسابقات، لكن لا تعجبه الفتاة الفائزة باللقب، في سنوات سابقة، كانت الفائزة فتاة بشرتها بيضاء اللون، وتعرّضت للسخرية مفادها بأنها ليست جميلة والجزائريات جميلات، إلخ..". وتابع باديس: "على الرغم من الهجوم الذي تعرّضت له خديجة، لكن من الجدير بالذكر أن في الوقت نفسه لم يصدر أي تصريح عنصري من شخصية عامّة أو فنان في الجزائر، على عكس بعض الصحافيين العرب، فكل الشخصيات العامّة في الجزائر ساندت فور خديجة. وبرأيي من كبّر المسألة هم الداعين لمعاداة العنصرية، المشكلة تبدأ صغيرة وتكبر، لكن بنفس الوقت، لا يمكنني عدم الادعاء بأنه لا توجد عنصرية في الجزائر".

عند كل هجمة عنصرية يتعرّض لها أصحاب بشرة سمراء، من المهم أن نسأل من أين يأتي كلّ هذا؟ بالطبع، الإجابة واسعة ولها أسباب عديدة يُصعب ذكرها الآن، لكن في سياق الحديث عن "معايير الجمال"، نسأل: كيف تحوّل موروثنا الشعبي الذي تغنّى بالمرأة السمراء من خلال الشعر والأغاني إلى مهاجمٍ لها؟ هنالك منظومة عالمية لها دور في تحديد "معايير المرأة الجميلة" عبر الشاشات التلفزيونية والسينما والميديا، إلخ.. هذه المنظومة التي تحضر أيضًا في شاشاتنا العربية؛ تتجسّد بكيف نُظهر صاحب البشرة السمراء في التلفزيون والسينما؟ هل هناك أي ظهور أصلًا؟ وكيف يمكن استيعاب هذا القمع على لون بشرة تُسمى أحيانًا الأرض باسمها: الأرض السمراء. هل لهذه الدرجة نعيش إنكارًا وقمعًا لذواتنا؟ وبالتالي، سؤال الجمال ليس أساسيًا هُنا، إنّما مسؤوليتنا المجتمعية إزاء وضع حدّ لهذا الإقصاء المتجسّد بأشكال عديدة.

 

* الموضوع يعبر عن وجهة نظر كاتبته وليس بالضرورة عن رأي مؤسسة DW.

 

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد