1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

رحلة "طويلة وخطيرة".. سودانيون يفرون بشق الأنفس إلى مصر

٢٥ أبريل ٢٠٢٣

إثر هدنة نسبية، بدأ سكان الخرطوم من سودانيين وأجانب يفرّون لأمكنة أكثر أمانا، وتتوجه عائلات سودانية إلى مصر فرارا من القتال. بعضهم يحكي قصة فراره المحفوفة بالمخاطر. يشعرون في مصر بالارتياح لكنهم قلقين على من تركوهم.

https://p.dw.com/p/4QYKw
سودانيون يفرون من القتال في الخرطوم (19/4/2023)
توقع كاميرون هدسون من مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية بواشنطن "نزوحا جماعيا للمدنيين" في السودان بمجرد سريان وقف دائم لإطلاق النار، مع "محاولة ملايين الأشخاص عبور الحدود" إلى بر الأمان.صورة من: EL TAYEB SIDDIG/REUTERS

في 15 أبريل/ نيسان اندلع القتال في الخرطوم وعدد من الولايات السودانية بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي). وأدى القتال الدائر في الخرطوم إلى محاصرة الكثيرين داخل منازلهم أو أحيائهم، ودمر معظم المستشفيات أو أغلقها، وأدى لانقطاع الكهرباء والمياه لفترات طويلة، وتسبب في غياب القانون وانتشار السلب والنهب في بعض المناطق. وتدوي أصوات الضربات الجوية والقصف المدفعي في أنحاء الخرطوم ليلا ونهارا.

وهربا من ويلات الحرب في الخرطوم، تقضي عائلات سودانية أيامًا بائسة في توفير المال والوقود، وساعات من القيادة في ليل حالك الظلام مرورا بعشرات نقاط التفتيش، من أجل القيام برحلة طولها ألف كلم إلى الحدود المصرية.

"عمر" يحكي عن أخطر مرحلة في المغادرة

لمدة 24 ساعة ظل الشاب السوداني عمر، الذي تحدث لوكالة فرانس برس باسم مستعار، حبيسا بين جدران منزله فيما أصوات الرصاص والانفجارات تهز أرجاء العاصمة السودانية، يحضر كل شيء لرحيله مع عائلته خارج الخرطوم.

وقال عمر إن أخطر مرحلة واجهتهم كانت مغادرة الحي: "عبرنا 25 نقطة تفتيش للوصول إلى محطة الحافلات على أطراف الخرطوم". وفي المحطة، كان عليهم الانتظار حتى يكتمل عقد الركاب في حافلتهم التي تتسع لـ45 شخصا. واوضح أن سعر التذكرة كان 115 دولارا للشخص الواحد.

ولكن مع تدفق مئات العائلات اليائسة للفرار من القتال، ارتفع المبلغ إلى نحو 400 دولار، وهو ما يعادل الراتب الشهري للموظف السوداني المدني.

وأضاف عمر أنه حتى بعد شراء التذكرة، "قد تنتظر بعض الحافلات يوما كاملا"، بينما يتدافع السائقون للعثور على الوقود الذي تضاعف سعره "ثماني مرات" في الأيام العشرة التي انقضت منذ بدء القتال.

نون: 13 ساعة من القيادة ولا ماء ولا طعام

وصلت طالبة الطب نون عبد الباسط البالغة 21 عاما، إلى القاهرة الأحد، بعد يومين من مغادرتها الخرطوم "مع عشرة أشخاص من أقاربها تراوح أعمارهم بين 4 و 70 عاما"، بحسب ما قالت لفرانس برس.

في طريقهم للخروج من العاصمة السودانية أوقفت حافلتهم، على ما أفادت عبد الباسط، "مرتين من قبل الجيش ومرة من قبل قوات الدعم السريع". وقالت "كنا قلقين من أن يصعدوا (القوات) بأسلحتهم أو يؤذوا أي شخص"، ولكنها شعرت بالارتياح عندما "تأكدوا فقط من الركاب وطرحوا بضعة أسئلة".

يلتقط الركاب أنفاسهم بمجرد الخروج من العاصمة ويبقون في الحافلات حتى الوصول إلى معبر أرقين الحدودي مع مصر.

وأضافت عبد الباسط أنه لم يكن هناك نقطة تفتيش واحدة طوال 13 ساعة من القيادة. كذلك لا مكان يتزودون منه الطعام والماء. فقط "طريق أسود ولا شيء إلى اليمين أو اليسار".

وسم: إلغاء تأشيرة دخول السودانيين لمصر

في الظروف العادية، يسمح فقط للنساء والأطفال والرجال السودانيين الذين تزيد أعمارهم عن 50 عاما بدخول مصر بدون تأشيرة مسبقة، ويتعين على من هم رجال دون الخمسين الحصول على تأشيرة دخول من القنصلية المصرية في وادي حلفا أقصى شمال السودان.

ولكن على مدى الأيام الماضية، طالب العديد من المستخدمين المصريين لمنصات التواصل الاجتماعي سلطات بلادهم بالسماح للسودانيين الوافدين بسبب الحرب بالدخول من دون تأشيرات، مستخدمين وسم #إلغاء_تأشيرة_دخول_السودانيين_لمصر

كما نشرت إحدى منظمات العمل الخيري المحلية أرقاما للتواصل بين الوافدين في حالات الطوارئ، وخصوصا من هم في حاجة إلى حليب الأطفال أو الخدمات الطبية.

وحتى بعد عبور الحدود، يظل الطريق طويلا إلى القاهرة، إذ تعتبر أسوان في أقصى جنوب مصر أقرب مدينة كبرى وتقع على بعد 300 كلم شمال المعبر.

وبدلا من استقلال حافلة أخرى لمدة 20 ساعة للوصول إلى القاهرة، فضلت عبد الباسط وأسرتها ركوب القطار لمدة 14 ساعة فقط، والهدف أن يكونوا أخيرا في مأمن من الحرب.

ويقيم في مصر ما يقدر بنحو أربعة ملايين سوداني، وحتى قبل القتال كان المزيد من السودانيين يتجهون شمالا هربا من الركود الاقتصادي في بلادهم.

وقد وجه سودانيون الشكر لـ"أم الدنيا" على إلغاء تأشيرة دخول السودانيين. 

ورغم الترحيب بالسودانيين على وسائل التواصل "في بلدهم الثاني مصر" إلا أنه كانت هناك تغريدات لمصريين ترفض استقبالهم بدعوى أنهم انحازوا لصف إثيوبيا في الخلاف حول سد النهضة، وأن بعض السودانيين اعتبروا إثيوبيا هي "أم الدنيا"، في نفي للقب الذي تشتهر به مصر في محيطها العربي. فيما تندر البعض بأن اللاجئين السوريين والليبيين واليمنيين والعراقيين موجودون في مصر وأن الأمر لن يقف عند السودانيين. 

روان: مرونة حرس الحدود

روان الوليد، البالغة من العمر 24 عاما وتعمل في مجال التسويق الرقمي، كانت تتوقع أن تسافر جوا من الخرطوم إلى القاهرة الأسبوع الماضي لحضور حفل زفاف، لكن الحال انتهى بها في رحلة برية من السودان إلى مصر على متن حافلة استأجرتها عائلتها للهروب من الحرب.

غادرت عائلة روان، بعد أن أصاب صاروخ منزلها في حي العمارات بالخرطوم في 18 أبريل/ نيسان. ومثل غيرهم من السودانيين الذين يمكنهم تحمل التكلفة، دفعوا أربعة ملايين جنيه سوداني (6750 دولارا) لاستئجار حافلة لنقل نحو 50 فردا من أفراد العائلة الكبيرة لمسافة نحو 1000 كيلومتر شمالا وسط الأراضي السودانية وعبر الحدود إلى مدينة أسوان المصرية.

وكانت الحافلة من بين أولى حافلات السودانيين الذين شردهم القتال التي تصل إلى الحدود المصرية يوم الجمعة. وقالت روان إن حرس الحدود تحلوا بالمرونة، إذ سمحوا بالعبور لأشخاص أوشكت صلاحية جوازات سفرهم على الانتهاء وحتى بعض الشبان الذين تزيد أعمارهم قليلا عن 16 عاما، رغم أن القواعد الأمنية تنص على ضرورة حصول الذكور البالغين على تأشيرة لدخول مصر.

نجوا لكن صوت الألعاب النارية يخيفهم

استقلوا القطار من أسوان إلى القاهرة، ليستكملوا رحلة استغرقت 72 ساعة. وتشعر روان بالارتياح لابتعادها عن القتال، لكنها تركت وراءها أصدقاء وأقارب من بينهم شقيقها الشاب، إذ كانت الأسرة تخشى ألا تتمكن من استخراج تأشيرة دخول في الوقت المناسب.

وقالت في مقابلة أجريت معها في مجمع سكني تقيم به في الجيزة "لم نكن نعرف إن كان سيتمكن من عبور الحدود". وقالت روان "نعم نجوت، لكنني ما زلت قلقة على الذين تركتهم ورائي. الوضع كارثي للغاية".

وعندما وصلت عائلة روان إلى القاهرة سمعوا أطفالا يطلقون مفرقعات نارية احتفالا بعيد الفطر. وقالت روان "هذا جزء من الصدمة التي نعيشها. أي صوت للألعاب النارية يخيفنا".

ص.ش/ف.ي (أ ف ب، رويترز)