دمشق تتعهد بانسحاب كامل وعرض العضلات مستمر في لبنان

في الوقت الذي ما زال فيه الشارع اللبناني منقسما على نفسه، ويشهد منذ أسابيع عرضا للعضلات بين القوى المؤيدة لسوريا والمعارضة لها، أعلنت دمشق أمس الأحد موافقتها على سحب كامل قواتها العسكرية وأجهزة مخابراتها من الأراضي اللبنانية. وجاء ذلك على لسان مبعوث الأمم المتحدة الخاص تيري رود لارسن بعد محادثات أجراها في حلب مع الرئيس السوري بشار الأسد بحضور كل من وزير خارجيته فاروق الشرع ونائبه نبيل المعلم. وأكد لارسن أن الأسد أعرب عن موافقته التامة على تطبيق قرار مجلس الأمن الذي يطالب دمشق بانسحاب كامل من البلد المجاور. وأضاف إنه تلقى في الاجتماع تعهدات قوية من القيادة السورية بسحب القوات العسكرية وأجهزة المخابرات، وإن هذه التعهدات كانت "مشجعة وإيجابية" . غير أن المبعوث الأممي لم يتحدث عن خطة زمنية لإكمال سحب القوات السورية من الأراضي اللبنانية. وفي واشنطن قال السفير السوري عماد مصطفى في حديث لقناة التلفزيون الأمريكية سي ن ن أن بلاده "باشرت أمس بإخلاء مواقعها" وإن عملية الانسحاب ستكتمل قبل شهر مايو/أيار موعد إجراء الانتخابات البرلمانية اللبنانية.

ترحيب أمريكي متحفظ

في غضون ذلك، جاءت ردود الفعل الدولية على تصريحات الرئيس السوري الجديدة لتشير إلى تطابق في الموقفين الأمريكي والفرنسي في هذا الشأن. وفي حين رحبت واشنطن بتحفظ أكدت باريس مجددا على تطابق موقف الحكومتين الأمريكية والفرنسية. كما طالبت دمشق بوضع جدول زمني محدد لعملية الانسحاب. ووصفت وزيرة الخارجية الأمريكية كوندوليزا رايس في تصريح صحفي القرار السوري بأنه "ينطوي على عناصر إيجابية". وقالت في هذا السياق "ينبغي على سوريا البدء بسحب قواتها بشكل كامل وليس فقط إلى الحدود السورية اللبنانية". وفي تصريحات مماثلة قال مستشار الأمن القومي في البيت الأبيض ستيفن هادلي " يجب على القوات السورية مغادرة لبنان وفتح المجال أمام انتخابات حرة وعادلة في إطار العمل لتنصيب حكومة ديمقراطية." من جانبه صرح رئيس الوزراء الفرنسي جان بيير رافاران أن بلاده "تطالب بانسحاب كلي للقوات السورية وأجهزة الاستخبارات" وبتطبيق قرار مجلس الأمن 1559. أما على الصعيد العربي فقد رحب وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي بموافقة الرئيس السوري على انسحاب كامل. ودعا وزراء خارجية كل من البحرين والكويت وقطر وعمان والسعودية والإمارات في بيان صحفي مشترك الشعب اللبناني إلى المحافظة على وحدة صفوفه وتجاوز الأزمة التي يشهدها.

مزيد من الاستقطاب في الشارع اللبناني

في الوقت الذي أعلن فيه لارسن عن أن محادثاته اللاحقة مع السوريين ستتناول ملف حزب الله أحد الملفات الشائكة على الساحة اللبنانية، واصل الحزب وحركة أمل تنظيم المظاهرات المؤيدة لسورية، ففي مدينة النبطية جنوب البلاد لبى أمس الأحد أكثر من مئة ألف مواطن لبناني نداءهما وخرجوا إلى شوارع المدينة حاملين يافطات ترفض التدخل الأجنبي في بلادهم وتندد بسياسة الولايات المتحدة وإسرائيل في المنطقة. يشار إلى أن هذه المظاهرة الحاشدة كانت الثانية من نوعها خلال أسبوع. وقد حمل المتظاهرون فيها يافطات ظهرت عليها صور كل من الرئيسين السوري بشار الأسد واللبناني إميل لحود. أما العاصمة بيروت فكانت اليوم مسرحا لمظاهرة حاشدة للمعارضة وصل عدد المشاركين فيها إلى مئات الآلاف. وجاءت هذه المظاهرة تلبية لنداء المعارضة وبمناسبة مرور شهر على اغتيال رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري. وقد طالب المتظاهرون الذين قدر عددهم ب 300 ألف شخص توافدوا من جميع أرجاء البلاد برحيل أجهزة المخابرات السورية وإجراء تحقيق دولي لمعرفة خلفيات اغتيال الحريري. ورفع المشاركون يافطات طالبوا فيها بخروج القوات السورية وإجراء انتخابات حرة وديمقراطية.