1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

هل تعاني ألمانيا فعلا من نقص في العمالة الماهرة؟

١٩ فبراير ٢٠٢٣

سواء في مجال رعاية المسنين أو في مجال المعلوماتية أو الحلاقة.. الكثير من القطاعات في ألمانيا تشتكي من النقص في اليد العاملة. فهل يعود ذلك لغياب المهارات المتخصصة أم أن المشكلة لها علاقة بالأجور وشروط العمل؟

https://p.dw.com/p/4Nc8n
صورة رمزية للبحث عن موظفين جدد في مجال المقاهي والمطاعم
ليست الشركات الكبيرة فقط تبحث عن موظفين وتقنيين مختصين، وإنما المقاهي والمطاعم أيضا في ألمانيا تعاني من نقص اليد العاملة!صورة من: Jens Büttner/dpa/picture alliance

يشتكي أحد صانعي الأحذية في منطقة بادغودسبيرغ بمدينة بون الألمانية من غياب الخلف الذي سيسلمه راية هذه المهنة بعد تقاعده، خاصة في ظل رفض أبنائه تسلم الورشة من بعده. وأيضا جهوده في العثور على شاب يعلمه الحرفة لم تنجح.

بالقرب منه حاول صانع حدوات الأحصنة توظيف متدرب كان يتدرب عنده لكنه رفض. ويؤكد هذا الحرفي أن إيجاد شخص جديد أمر في غاية الصعوبة. جاره الذي يعمل في شركة كبيرة يبحث هو الآخر باستمرار وبشكل عاجل عن متخصصين في المعلوماتية. وفي كل الأماكن على واجهات المقاهي بمدينة بون تعلق إعلانات للبحث عن موظفين جدد.

وحسب وزارة الاقتصاد الألمانية تأثرت الكثير من الشركات بسبب النقص الحاد في اليد العاملة المتخصصة. وأوضحت الوزارة ذلك بأن   "أكثر من 50 في المائة من الشركات ترى في ذلك تهديدا كبيرا لتطوير أعمالها".

يوجد بالفعل نقص حاد في الموظفين المتخصصين بالعديد من الشركات. ومن المحتمل أن يزداد هذا الأمر سوءًا في السنوات القادمة مع تقاعد جيل كامل من الموظفين من ذوي المهارات المتخصصة. ووفقًا لمعهد سوق العمل والأبحاث المهنية، سيكون هناك نقص في اليد العاملة يبلغ سبعة ملايين بحلول عام 2035.

توظيف قياسي وتدني في الأجور

لكن هل لدينا حقًا عدد قليل جدًا من العمال المهرة في ألمانيا؟ كلا، يجيب سيمون ييغر، الخبير الاقتصادي في سوق العمل ومدير معهد دراسة  مستقبل العمل (IZA) في مدينة بون، ويقول "ما يتناقض مع ادعاء وجود  نقص في اليد العمالة الماهرة هو أننا في ألمانيا لدينا حاليا وظائف قياسية. وعدد الأشخاص الذين يعملون حاليا يقدر بحوالي 46 مليون شخص. وهو عدد غير مسبوق."

ويؤكد ييغر أن الشباب الحالي هو أفضل تكوينا من الجيل الذي اقترب من التقاعد. ويشير إلى أن صافي الأجور في ألمانيا تراجعت بنسبة 5,7 بالمائة مقارنة مع العام الماضي. ويضيف بأن "هذا لا يتناسب مع الأطروحة القائلة بضعف الإقبال على العمل. لأنه في اقتصاد السوق يتشكل السعر وفقًا للعرض والطلب وعادة ما تصبح السلعة النادرة أكثر تكلفة".

الخبير الاقتصادي سيمون ييغر مدير معهد دراسة  مستقبل العمل في مدينة بون الألمانية
الخبير الاقتصادي سيمون ييغر: بعض الشروط الإطارية في ألمانيا تعيق الاستفادة من مخزون اليد العاملة الموجودة صورة من: David Degner/New York Times

إمكانات غير مستغلة في اليد العاملة المتخصصة

حسب ييغر، هناك بعض الشروط الإطارية في ألمانيا تعيق الاستفادة من مخزون اليد العاملة الموجودة والتي لا تتم الاستفادة منها بالشكل الصحيح. ويسمي هذه الفئة بـ "الاحتياطي الصامت" وهم أشخاص "قد يرغبون في العمل، لكن لا يمكنهم الوصول إلى سوق العمل. أو أشخاص يعملون بدوام جزئي، لكن بإمكانهم في ظروف مختلفة العمل بدوام كامل".

أيضا النظام الضريبي الذي يفرض اقتطاعات ضريبية كبيرة على الأزواج الذي يعملون برواتب عالية يجعل البعض يفكر في الاكتفاء براتب واحد أو العمل لوقت أقل، يوضح الخبير الاقتصادي ييغر.

من جهتها ترغب رئيسة الوكالة الاتحادية للعمل في ألمانيا، أندريا ناليس توجيه الأنظار إلى الموظفين الأكبر سنًا أيضا والذين هم على وشك التقاعد. وتقول ناليس بهذا الخصوص "هناك أكثر من مليون شخص على استعداد لمواصلة العمل". قد يكون الكثيرون مهتمين بالاستمرار في متابعة العمل في مهمة ما، على سبيل المثال في العمل بدوام جزئي. لذلك فإن أرباب العمل مدعوون لإيجاد حلول إبداعية بهذا الخصوص، تضيف ناليس.

حسن تدبير الموارد النادرة

"في مسقط رأسي بمدينة بون هناك مثال جيد، وهو لمصففة شعر ظلت تبحث مدة طويلة عن موظفين جدد يعملون معها دون جدوى. وعندما أصبحت تخبر المرشحين للوظيفة بأنه بإمكانهم العمل فقط أربعة أيام في الأسبوع أصبح الطلب كبيرا"، يقول الخبير الاقتصادي ييغر. ويؤكد أن هذا الأمر ينطبق على الكثير من المجالات، فقد ثبت في مهن التمريض ورعاية المسنين على سبيل المثال أن أكثر من  200 ألف ممرض وممرضة ممن يعملون الآن في مهن أخرى مستعدين للعودة إلى مجال التمريض إذا كانت الأجور وظروف العمل جذابة أكثر من السابق. "هذا يعني في النهاية، أن مسألة النقص الذي يمكن تجنبه في اليد العاملة هي مسألة كيفية التعامل مع ندرة الموارد. حقيقة ليس لدينا عدد لا حصر له من الموظفين، لكن لدينا حاليًا عدد أكثر من أي وقت مضى. والسؤال هو: أين وكيف نريد أن نستغل الموارد مع ندرتها؟ "، يتساءل ييغر.

ويوافق ستيفان شابل عضو مجلس الإدارة في شركة Roland Berger للاستشارات الإدارية مع هذا الطرح ويقول "يتعين على الشركات تغيير طريقة عملها وتصورها بشكل جذري. وعليها تطوير قدرتها على جذب الناس. فصاحب العمل الذي لم يفهم بعد أنه يتعين عليه الاستثمار في موظفيه سيواجه صعوبات جمة".

لا حل بدون العمالة المهاجرة

رغم ذلك فإن وزير العمل الألماني هوبرتوس هايل مقتنع بأن الإمكانات المحلية ليست كافية لتغطية الحاجة في المستقبل إلى اليد العاملة الماهرة. ويوضح بأنه "حتى لو سحبنا جميع السجلات المحلية، ما زلنا بحاجة إلى هجرة مؤهلة إضافية للحفاظ على استمرار اقتصادنا".

ويقدر خبراء العمل في ألمانيا أن البلاد محتاجة إلى 400 ألف شخص سنويًا لسد الفجوة الحاصلة في اليد العاملة المتخصصة. وحتى الآن الحد الأقصى في ألمانيا بالنسبة  للمهاجرين من خارج الاتحاد الأوروبيهو حوالي 60 ألف شخص سنويًا.

ألمانيا بلد هجرة جذاب

لا تزال ألمانيا موقعًا جذابًا للغاية  كما يوضح ييغر "فعندما يُسأل الناس عن الدول التي يرغبون في الهجرة إليها تأتي ألمانيا بانتظام في المقدمة جنبًا إلى جنب مع الولايات المتحدة الأمريكية وبعض الدول الأوروبية الأخرى ونيوزيلندا"، ويضيف "بالطبع اللغة الألمانية هي عامل سلبي مقارنة بالدول الناطقة باللغة الإنجليزية. لكن لدينا أيضًا مزايا، كدولة دستورية ذات نظام سياسي مستقر. فمثل هذه العوامل مهمة للمهاجرين على المدى الطويل".

أيضا يركز  المهاجرون والمهاجرات على الأجور التي سيحصلون عليها ومستوى المعيشة التي سيوفرها لهم بلد الإقامة. كما يركزون على مدى صعوبة أو سهولة حصولهم على جنسية بلد الإقامة. 

ومن أجل الترويج لثقافة الترحيب، من المفيد أن نشعر الأشخاص الموجودين في ألمانيا أن الهجرة قد أضافت قيمة لهم. وقد يكون أحد حوافز الهجرة، جعل قانون الهجرة أقل بيروقراطية. على سبيل المثال يمكن تسهيل الهجرة إذا حصل الراغب في الهجرة على عرض عمل من شركة ألمانية، يؤكد الخبير الاقتصادي سيمون ييغر.

إنسا فريدي/هـ.د