خبرة قوات القذافي وتضاريس بني وليد تؤخر تحرير المدينة
١٤ أكتوبر ٢٠١١كثيرون جدا يتساءلون عن سبب تأخرإنهاء تحرير مدينتي سرت التي تقع على بعد 450 كيلومترا شرق العاصمة طرابلس والتي يقطنها 70 ألف نسمة، ومدينة بني وليد التي تقع على بعد 135 كيلومترا جنوب شرق العاصمة ويقطنها 80 ألف نسمة.
وفيما تستمر بني الوليد عصية على الثوار، تعتبر مدينة سرت الآن في صدد التحرير بعد تقدم قوات الثوار نحو مركز المدينة ومحاصرة فلول القذافي التي كانت تتمركز في المواقع الحصينة وعلى أسطح المباني العالية حيث كان يعتليها القناصة ويحاولون عرقلة تقدم الثوار، خاصة وأنهم (القناصة) يتوفرون على أسلحة متقدمة ومتطورة ولديهم خبرة طويلة في المجال العسكري ويقودهم المعتصم نجل القذافي.
نخبة كتائب القذافي في بني وليد
تشهد جبهة بني وليد تقدم الثوارمن جبهة دينار والتي تقع في سفح الهضبة التي شيد في أعلاها مركز المدينة، حيث أصبحت تحركات الثوار مكشوفة أمام كتائب العقيد القذافي الفار، ويتعرض من يحاول التقدم منهم إلى نيران القناصة، خاصة وأن قناصة الكتائب رصدت منطقة يتواجد بها الثوار وبالذات بجوار بوابة دينارالتي تبعد عن مركز المدينة ما يقارب من 4 إلى 5 كيلومتر.
وتتشكل بقايا كتائب القذافي المتمركزة في بني وليد، من قوات مندحرة من معقل العقيد الفارمن باب العزيزية في العاصمة طرابلس، والذين يعتبرون من نخبة الجيش الليبي ومن حرس القذافي والمقربين منه وأيضا من منطقة أبو سليم والمناطق القريبة من بني وليد ويقودهم سيف القذافي. وهم أغلبهم من القناصة المهرة ويمتلكون بنادق قنص تصل إلى 5 كيلومتر حسب ما قاله لنا أحد القادة الميدانيين في الجبهة، وهم مجهزون بأحدث الأجهزة المتطورة والحديثة والمناظير بأنواعها المتقدمة، كما أنهم يحتجزون المدنيين كدروع بشرية لتعرقل تقدم الثوار.
ثغرات في قوات الثوار
ومن العوامل التي زادت في عرقلة التقدم عدم دراية الثوار باستخدام سلاح الدبابات والقذائف المتعددة إلا ما نذر، فأغلبهم يمتشقون بنادق كلاشنكوف وان كان عدد قليل منهم يمتلكون بنادق "أف. أن". ويعتقد الثوار أن ضعف التجهيز بالأسلحة الثقيلة والمتطورة يكشل أهم مشكلة، وهنالك من يعتقد بأن عدم التنسيق بين القيادات في قيادة واحدة واندفاع البعض منهم جراء الحماسة و"حب الجهاد" ووجود بعض الجواسيس المواليين للقذافي بين صفوف الثوار والذين يحاولون اضعاف عزيمة الثوار.
وقد رصدنا في جبهة بني وليد، نقصا في الذخائر والأسلحة، ومن مظاهرها أن سيارة للثوار كانت تحمل رشاش من عيار 14 مل قد تم ضربها من قبل كتائب القذافي بصاروخ حراري أحرقها وأحرق البنادق التي فيها، مما جعل الثوار الذين سلموا من الموت ينشغلون بالبحث عن بنادق من آخرين أو الرجوع إلى مناطقهم التي أتوا منها بحثا عن بنادق أخرى للرجوع إلى ميدان الاشتباك. فندرة الذخائر ودخول المشاة بدون تغطية بالسلاح الثقيل جعل حصيلة الثوار تتضاعف في ظل نقص خبرتهم، فهم مهندسون ودكاترة ومعلمون وعمال وفتيان يافعين وشبان من شرائح مختلفة من المجتمع.
استراتيجية عناصر الكتائب
ويعمد عناصر كتائب القذافي إلى الالتفاف على الثوار من حين لآخر، بحكم معرفتهم(كتائب القذافي) بجغرافية المكان وتضاريسه خاصة وأن تضاريس بني وليد من بوابة دينار في صالح كتائب القذافي، فقد كانت تاريخيا عصيَة على الأتراك ومن بعدهم على الطليان عندما أرادوا دخولها عند غزو ليبيا .
كما يعتمد عناصر الكتائب على اطلاق الصواريخ الحرارية وهي غالبا تسقط نتيجة عمليات خداع عبر حرق عجلات السيارات، ومن حيث الأحوال الجوية فوادي دينار يمتاز برياح تحمل الغبار أحيانا مع حرارة شديدة وفي شهر أكتوبر/تشرين الأول تغيرت الأحوال الجوية إلى برودة مع عواصف ممطرة أو تحمل الغبار، مما جعل قادة الثوار يغيرون من خطتهم بعد أن دفعوا بنزوح المدنيين، وحاولوا الاستفادة من محور جنوب غربي بالدخول من مدينة تينيناي التي تبعد عن مركز مدينة بني وليد 80 كيلومترا، وبالتالي أصبحت قوات الثوار في مستوى جغرافي متساوي مع قوات كتائب القذافي .
وتعمد قوات القذافي إلى توجيه بنادق قناصتها للثوار في الرأس والرقبة والصدر، فقد أطلقت صاروخا حراريا على سيارة القائد العسكري لجبهة بني وليد، ضو الصالحين الجدك، في الشهر الماضي مما أدي إلى استشهاده وأبني أخيه وزميله حرقا وتفجرت السيارة العديد من المرات نتيجة لاحتوائها على ذخيرة .
ومن المشاهد التي رأينها أن احد الرعاة ألقي عليه القبض بعد أن وجد في جيبه رصاص لبندقية دفنها عندما تقدم الثوارمنه ولاحظوا ارتباكه فقاموا بتفتيشه. وفي بوابة دينار تم ايقاف سيارة تحمل 3 أكياس علف حيواني وعندما تم تفتيش السيارة وجدوا بها هاتف نقال الثريا قال الثوار بأنهم لاحظوا مروره العديد من المرات من الجبهة وأنه كان يعطي لقوات القذافي معلومات عن أماكن تواجدهم.
كما تم القبض على أحد العملاء أثناء تواجده مع الثوار بعد مراقبته، وخلال خروجنا من موقع الاشتباكات لاحظنا ونحن خلف الثوار ان هناك من أطلق رصاصة تنوير لتبين أماكن تواجد وتمركز الثوار، وعندها قال لنا أحد الثوار أننا نحاول ترصده وسوف يتم القبض عليه، وتحدث لنا آخر بأنهم قد أمسكوا مجموعة تستخدم الأودية والطرق الوعرة لتزويد قوات القذافي المحاصرة بالوقود والتموين مما يساهم في زيادة أمد المعركة .
عصام الزبير- جبهة بني وليد (جنوب شرق طرابلس)
مراجعة: منصف السليمي