حكومة العراق الجديدة لا مكان للنساء فيها!

يبدو أن رئيس الحكومة نوري المالكي قد أدرك خطورة غياب المرأة عن تشكيلة الحكومة العراقية فسارع ،بعد إعادة منحه الثقة، إلى الإعلان بأنه قد أرجأ إعلان الوزارات التسعة الباقية لكي ترشح الكتل السياسية نساءً لمناصب وزارية. وهدد المالكي بمقاطعة جلسات البرلمان القادمة ما لم ترشح الكتل السياسية نساءً لتولي المناصب الباقية. من جانب آخر، أشار المالكي إلى أنّ تأخّر تسليم السير الذاتية للمرشحين قد أخّر بدوره تقديم أسماء عدد آخر من الوزراء.

وعلى مستوى السلطة التشريعية فإن المشاركة النسوية في مجلس النواب العراقي تضمنها كوتا نص عليها الدستور بنسبة %25 من مجمل الأعضاء، وهكذا فإن عدد النائبات في المجلس الحالي يفوق 80 نائبة، فيما يناهز عددهن في برلمان إقليم كردستان 29 نائبة من مجموع 111 نائبا بنسبة قدرها %30 . ومع أن الدستور لا يضمن مثل هذه الكوتا النسائية في تشكيلة الحكومة فإن 6 نساء كن قد شغلن مناصب وزارية في حكومة المالكي الأولى.

المرأة والكوتا والمرأة بدونها

هل يعني هذا أن المرأة لا تستطيع أن تشغل منصبا وزاريا في العراق ما لم تشملها حماية كوتا ينص عليها الدستور؟

النائبة السابقة في البرلمان العراقي تانيا طلعت وفي حديث مع دويتشه فيله أبدت أسفها لغياب المرأة عن الوزارات،معربة عن شكوكها فيما تسرب من أن الوزارات التسع التي لم يسمى وزراؤها سيخصص بعضها للنساء لا سيما وأن" اغلب هذه الوزارات هي وزارات سيادية وحساسة ولم يألف تاريخ العراق السياسي الحديث إسناد منصب وزاري سيادي ( كوزارة الدفاع أو الداخلية أو النفط مثلا) إلى امرأة".

السياسية العراقية أشارت أيضا إلى أن الكوتا النسائية في الدستور ضمنت تمثيلهن البرلماني ولكن المناصب التنفيذية ظلت بعيدة عنهن.ورفضت البرلمانية السابقة اتهام الأحزاب العراقية بإهمال مشاركة المرأة لأنها تعتبر المرأة غير مؤهلة للمناصب التنفيذية العليا، مضيفة أن" سيدات كثيرات قد تولين وزارات مهمة في حكومة المالكي الأولى وفي الحكومات التي سبقتها، وقد أدين وظيفتهن على خير وجه، لكن الصراع على السلطة والمناصب الذي يسود المناخ السياسي في العراق وفي عموم المنطقة قد غيّب مشاركة المرأة" .

التهديد بالمقاطعة لم يفعّل

عدد من النائبات أعلنّ صباح اليوم عزمهن على حجب أصواتهن عن التشكيلة الحكومية الجديدة، ولكن هذا لم يتم، غير أن النائبة "ألا طالباني" حسب وكالة الأنباء الفرنسية ألقت كلمة علتها المرارة في جلسة منح الثقة للحكومة هنأت فيها الشعب وباركت للجميع الخروج من الأزمة بعد ثمانية أشهر بتشكيل الحكومة، لكنها أبدت خيبة أملها لغياب المرأة عن التشكيلة الوزارية، معلنة أن النائبات قررن التصويت بقولها:"نحن سنصوت للحكومة لأننا لا نريد أن نعاقب الشعب".

وأكدت النائبة عن التحالف الكردستاني أن"الديمقراطية ذبحت بميزان العنصرية هذه المرة كما كانت تذبح بميزان الطائفية في السابق"، معتبرة أن غياب المرأة عن التشكيلة الحكومية تهميش لدورها.

المرأة الوحيدة التي ظهر اسمها في التشكيلة هي بشرى حسين صالح وقد أسندت لها وزارة دولة دون تعيين اسمها، ما يعني أنها وزارة "ترضية" بلا حقيبة.

النائبة السابقة تانيا طلعت أبدت امتعاضها لدويتشه فيله من تولي وزير الخارجية هوشيار زيباري منصب وزارة المرأة بالوكالة، معربة عن استغربها من أن أحزابا ليبرالية تدّعي الدفاع عن حقوق المرأة ومنها الحزبان الكرديان الكبيران وكتلة العراقية التي يقودها د.إياد علاوي قد خيبت آمال الناخبين حين تنكّرت لشعاراتها وتخلت عن ترشيح نساء لمناصب وزارية. وعادت السياسية العراقية لتشير إلى أن حصة التحالف الكردستاني من الوزارات قد قلصت وبذلك فقد ضحى التحالف بالحصة النسوية من ترشيحاته، كما أكدت أن تولي زيباري لمنصب وزير المرأة تم بشكل مؤقت وترشيح التحالف لامرأة مناسبة لتوليه. وتعتقد النائبة السابقة أن هذه ستكون الوزارة الوحيدة التي تتولاها امرأة من التحالف الكردستاني.

وكشفت السيدة طلعت أن عددا قليلا من النائبات لم يصوّتن على تشكيلة الحكومة إلا أن هذا لم يكن مؤثرا فأغلبية النائبات أدلين بأصواتهن لصالح التشكيلة، وبالتالي فإن التهديد بالمقاطعة لم يتخذ شكلا جديا.

وينتظر العراقيون عموما تسمية وزراء للمتبقي من الوزارات، أما النساء العراقيات فقد تكون لهن حقائب وزارية بروتوكولية تمنحها لهم الأحزاب القوية لإرضائهن وإسكات الأصوات المحلية والدولية الداعية لدعمهن.

ملهم الملائكة

مراجعة: هبة الله إسماعيل