1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

حرب شوارع في طرابلس.. أبعد من فشل باشاغا في إزاحة الدبيبة!

٣٠ أغسطس ٢٠٢٢

تفجرت الأوضاع مرة أخرى في ليبيا مع محاولة جديدة من معسكر شرق ليبيا لاقتحام العاصمة الليبية طرابلس وإزاحة حكومة عبد الحميد الدبيبة ووضع حكومة فتحي باشاغا محلها. لكن المواجهة الأخيرة قد يكون لها عواقب أسوأ مما يتوقع البعض.

https://p.dw.com/p/4GBEi
صورة مركبة لرئيسي الحكومتين المتنافستين في ليبيا عبد الحميد الدبيبة وفتحي باشاغا.
صورة مركبة لرئيسي الحكومتين المتنافستين في ليبيا عبد الحميد الدبيبة وفتحي باشاغا.

"حرب شوارع".. هذا ما وصف به نشاط ومغردون المشهد في العاصمة الليبية طرابلس بعد المواجهات العنيفة التي وقعت بين قوات تابعة لعبد الحميد الدبيبة رئيس وزراء حكومة الوحدة الوطنية والمستقر في طرابلس وقوات تابعة لفتحي باشاغا رئيس الحكومة  الجديد المكلف من مجلس نواب طبرق.

كيف اندلع النزاع الأخير؟

في شرق ليبيا، أعلن ما يعرف باسم برلمان طبرق برئاسة عقيلة صالح أن حكومة عبد الحميد الدبيبة التي تشكلت بدعم من الأمم المتحدة أضحت غير شرعية وأن مدة ولايتها قد انتهت وعين حكومة جديدة برئاسة فتحي باشاغا وزير الداخلية السابق. لكن الدبيبة رفض قرارات البرلمان وقال إنه لن يتنازل عن السلطة إلا بعد انتخابات.

حاول باشاغا دخول طرابلس بعد فترة وجيزة من تعيينه في مارس/آذار، لكن الفصائل الموالية للدبيبة منعت مرور موكبه. وحاول مجدداً في مايو/أيار، لكنه غادر طرابلس بعد تبادل قصير لإطلاق النار.

ومع مرور الأشهر، تغيرت معالم التحالفات والائتلافات بين فصائل طرابلس مع محاولة كل من الدبيبة وباشاغا استمالة الأطراف الرئيسية. وفي شوارع طرابلس، تكررت المناوشات بين القوات المسلحة بسبب الخلاف على مناطق النفوذ.

وعندما اندلع القتال الأخي، بدأت الفصائل المتحالفة مع باشاغا شن ما بدا أنها هجمات منسقة في محاولة جديدة لتنصيبه في العاصمة. لكن هذه الخطوة فشلت مما ساهم في ترسيخ موقف الدبيبة على ما يبدو.

ويرى عبد الله الكبير الكاتب والمحلل السياسي الليبي في حديث لـDW  عربية أن "الضغوطات الكبيرة التي يتعرض لها باشاغا من حلفائه بداية من (خليفة) حفتر إلى الأطراف الأخرى التي شاركته هذه الحكومة"، هي ما أجبرته على اتخاذ تلك الخطوة رغم فشلها عدة مرات سابقة ومعرفته باحتمال ذلك مجدداً.

هل تراجع الاهتمام الإقليمي والدولي بالقضية الليبية؟

المتابع لتصريحات الأطراف الإقليمية والدولية والمتداخلة في الأزمة الليبية، يرى ما يمكن أن يعد نوعاً من الفتور أو المواقف الغامضة تجاه التطورات الميدانية الأخيرة في ليبيا.

لكن عبد الله الكبير المحلل السياسي الليبي لا يرى أن هناك غموضاً في المواقف الدولية بل إن أغلبها تبدو واضحة، "فالدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة تدفع باتجاه التهدئة وعدم التصعيد وإجراء الانتخابات كحل للأزمة السياسية".

وأضاف أن "الدول الداعمة أو شبه الداعمة لصفقة باشاغا/حفتر - وأعنى هنا مصر - انتظرت حتى جلاء غبار المعركة ووضوح أن باشاغا قد هُزم وأخفق في دخول العاصمة، أصدرت بيانا في ساعة متأخرة تؤيد فيه الحل السياسي وتدعو إلى التهدئة وعدم التصعيد وعدم اللجوء للعنف".

ويشير محللون وخبراء إلى أن الموقف الروسي ربما يكون هو أكثر المواقف غموضاً بشأن المسألة الليبية، لكنهم أرجعوا الأمر إلى الحرب التي تشنها موسكو على كييف والمواجهات مع الدول الغربية والولايات المتحدة بهذا الشأن.

دخان يتصاعد في سماء طرابلس إثر المواجهات المسلحة بين قوات شرق وغرب ليبيا
دخان أسود يتصاعد في سماء طرابلس نتيجة المواجهات معسكري الشرق والغرب، لكن هذه المواجهات قد تكون لها تبعات أسوأ مما سبق.صورة من: Hazem Ahmed/REUTERS

ويرى توماس فولك رئيس برنامج الحوار السياسي الإقليمي في جنوب البحر الأبيض المتوسط ​​ ومقره تونس، أن "روسيا تحاول تقسيم أوروبا والمجتمع الدولي بأسره، وبالتالي فمن المحتمل أن يكون لها مصلحة في هذه الخلافات التي تتم بعنف في ليبيا"،.

ويقول فولك: "إن روسيا في الأساس مهتمة بزعزعة الاستقرار في الجوار المباشر لأوروبا وإثارة الاضطرابات حتى يكون لدى الأوروبيين نقاط محورية للتوتر في جوارهم الجنوبي".

أما المحلل السياسي الليبي عبد الله الكبير فيقول: "يُلاحظ أيضاً أن الحرب الأوكرانية دفعت بالأزمة الليبية إلى مستوى منخفض في الاهتمام الأوروبي والأمريكي خاصة مع وجود ملفات أخرى مهمة مثل أزمة الاتفاق النووي الإيراني وأزمة الطاقة والاضطرابات الاقتصادية العالمية ما جعل الأزمة الليبية لم تعد من الأولويات".

ويعبر عن اعتقاده بأن "الموقف الآن يحتم عليهم الدفع باتجاه إجراء الانتخابات لأن استمرار الانسداد السياسي يعني أن المواجهات المسلحة قد تتجدد مرة أخرى بين أطراف جديدة قد تتحالف من أجل الوصول إلى السلطة".

أما توماس فولك، فيرى أن "دور الاتحاد الأوروبي مخيب للآمال إلى حد ما، حيث كان يعتمد بشكل كبير على نهج القوة الناعمة"، مضيفاً في تصريحاته لـ DW عربية أنه "عندما يتعلق الأمر بالقوة الخشنة، فإنه ولسوء الحظ، ليس لدى الاتحاد الأوروبي تواجد محسوس في أي مكان في شمال إفريقيا".

ويرى فولك أن عدم التدخل الدولي بفعالية لحل الأزمة الليبية "سينتج عنه أمر أكثر خطورة وهو زعزعة الاستقرار الهش في البلاد وربما الانزلاق مجدداً إلى حرب أهلية سيكون لها عواقب وخيمة على الاتحاد الأوروبي أيضًا ومنها تصاعد ضخم في حركة الهجرة إلى أوروبا".

بعد فشل محادثات جنيف.. من يعرقل إجراء الانتخابات في ليبيا؟

سيناريوهات المستقبل؟

لم يظهر الجانب الشرقي بقيادة حفتر وباشاغا وعقيلة صالح رئيس البرلمان أي استعداد للتراجع عن الهدف المتمثل في إزاحة الدبيبة وتنصيب باشاغا واتمام سيطرة الجبهة الشرقية على الجانب الغربي من ليبيا وإنهاء الأمر برمته.

ومع ذلك، ونظراً إلى عدم قدرة باشاغا حتى الآن على بناء تحالف من الفصائل الغربية التي يمكنها تنصيبه في طرابلس، فقد يتعين عليهما إعادة التفكير، خاصة وأن الكثير من الفصائل المسلحة في الغرب الليبي سترفض فكرة الانصياع لحفتر وباشاغا وقواتهما ما قد ينجم عنه حمام من الدم ظهرت بعض ملامحه في المواجهات الأخيرة.

أيضاً، فإن استمرار الوجود العسكري التركي في أنحاء طرابلس والذي حافظت عليه أنقرة من خلال نشر طائرات مسيرة بعد المساعدة في صد هجوم قوات الشرق في عام 2020 يعني أن إعادة حفتر الكرّة ضد العاصمة تبدو احتمالا مستبعدا في الوقت الحالي.

من ناحية أخرى، طرح بعض السياسيين فكرة إطلاق محاولة سياسية أخرى لتشكيل حكومة جديدة يمكن لجميع الأطراف قبولها، لكن من المرجح أن يحاول الدبيبة وأد هذه الجهود وتمسك بفكرة إجراء الانتخابات.

في غضون ذلك، تعثرت الدبلوماسية وأصبح الاتفاق على كيفية إجراء الانتخابات كحل دائم للخلافات السياسية في ليبيا بعيد المنال أكثر من أي وقت مضى. كما أُجهضت جميع الجهود الدولية للتوسط في اتفاق سياسي بسبب اتساع هوة الخلاف بين الدول المعنية وبين الفصائل المحلية التي يعتقد العديد من الليبيين أنها تريد تجنب الانتخابات من أجل التشبث بالسلطة.

الكاتب والمحلل السياسي الليبي عبد الله الكبير
يعتقد الكاتب والمحلل السياسي الليبي عبد الله الكبير أن مشروع باشاغا قد انتهى تماماً وألا أمل له في دخول العاصمة مجددا. صورة من: Privat

ويعتقد الكاتب والمحلل السياسي الليبي عبد الله الكبير أن "مشروع باشاغا قد انتهى تماماً ولا أمل له في الدخول إلى العاصمة وتنفيذ برنامجه هو والأطراف المتحالفة معه بطرد حكومة الدبيبة، وأن ما يجري الآن هو بسبب تمسك الأطراف الفاعلة في المشهد السياسي الليبي بالسلطة ورغبتها في الاستمرار وهنا أقصد مجلس النواب (شرق) ورئيسه بالدرجة الأولى (عقيلة صالح) والمجلس الأعلى للدولة (غرب)".

ويرى الكبير أن "انقسام الدولة الليبية أمر وارد، بل إنها بالفعل منقسمة الآن وقد يتكرس هذا الانقسام وقد يبقى الوضع على ما هو عليه في حالة جمود لكن آفاق الحل السياسي لا تزال ممكنة إلا أننا بحاجة للمزيد من الضغط الدولي والداخلي على أطراف الأزمة".

في المقابل يخشى توماس فولك من "دوامة جديدة من العنف في ليبيا" إذا "لم تنجح محاولات الوساطة من قبل كل من الأمم المتحدة ومصر. ويتفق معه في ذلك "فولفرام لاخر" الخبير الدولي في شؤون ليبيا والذي يقول "المجموعات المسلحة التي وجدت نفسها في جانب واحد في القتال بطرابلس، ستشتبك غداً على الأراضي والمواقف والميزانيات"، بحسب ما نقلت عنه وكالة الصحافة الفرنسية.

ويضيف الخبير في المعهد الألماني للسياسة الدولية والأمنية أن "الفصائل التي كانت موالية للدبيبة أمس ستتحداه غدا .. هذه قصة لا نهاية لها".

ويخشى الكثير من سكان ليبيا الذين يبلغ عددهم نحو سبعة ملايين نسمة أن هذا يعني أنه مهما أفرزت المفاوضات واتفاقات تقسيم الأدوار من نتائج، فلن يتبعها إلا اندلاع جولة أخرى من العنف.

عماد حسن/كرستين كنيب