1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

تعليق: "إثارة الفتنة لا تمت بحرية التعبير بصلة"

دافنه أنتخوبولوس / إعداد طارق أنكاي١٦ فبراير ٢٠٠٧

يرى المعلق الصحفي دافنه أنتخوبولوس أن العقوبة التي صدرت بحق ارنست تسوندل كانت مناسبة وأنها لا تتعارض بأي شكل من الأشكال مع مبدأ الحفاظ حرية التعبير.

https://p.dw.com/p/9sC9

أصدرت محكمة مانهايم الألمانية يوم أمس الخميس 15. شباط/فبراير 2007، حكماً بسجن مواطن ألماني لمدة خمس سنوات بسبب إنكاره وقوع المحرقة النازية أو ما يعرف "بالهولوكوست". ويشكل هذا الحكم أقصى عقوبة يسمح بها القانون الألماني لمعاقبة منكري جرائم النازية ومثيري الفتن. ويأتي هذا الحكم بعد أن أنكر ارنست تسوندل المحرقة النازية، التي راح ضحيتها ملايين اليهود إبان الحقبة النازية، في مقالات على شبكة الإنترنت خلال إقامته في كندا.

العقوبة التي صدرت بحق تسوندل كانت مناسبة ولا تتعارض بأي شكل من الأشكال مع مبدأ الحفاظ على حرية التعبير المنصوص عليها في الدستور الألماني، كما أنها جاءت كذلك كأمر بديهي، إذ أن أي حكم آخر كان سيكون مخالفاً للقوانين الألمانية ولا يتطابق مع الحقائق التاريخ، التي تؤكد وقوع المحرقة النازية. غير أن الجدير بالذكر أن تهمة إثارة الفتنة لا توجه في ألمانيا فقط لمن ينكر المحرقة النازية وإنما لكل من ينكر الجرائم التي ارتكبها النازيون منتصف القرن الماضي أيضا، إذ يتم معاملة كل الجرائم النازية البشعة على قدم المساواة.

وفضلا عن ذلك، لا توجد أحداث تاريخية في القرن العشرين تمت دراستها بشكل معمق مثالما تم التطرق إلى الحقبة النازية، خاصة وأن هناك أعداد غير محدودة من الوثائق والأشرطة والصور التي تظهر عمليات الترحيل القصري لليهود والإبادة الجماعية التي تعرض لها اليهود. كما أن الأشرطة التي قامت قوات الحلفاء بتصويرها مباشرة بعد تحرير معسكرات الإبادة توثق هي الأخرى تلك الجرائم التي طبعت هذه الحقبة، ناهيك عن تقارير المؤرخين.

ولا يمكن اعتبار إنكار المحرقة النازية مجرد وجهة نظر وإنما هي ادعاءات غير صادقة يتم ترويجها عمداً. هذا ما يدفع المرء إلى عدم التعامل معها كما لو كانت مجرد وجهة نظر في إطار حرية التعبير. الأمر الذي دفع المحكمة الدستورية الاتحادية إلى اعتبار أن ترويج ادعاءات، ثبت عدم صحتها، لا تحظى بحماية حرية التعبير. فمن ينكر المحرقة النازية إنما يفعل ذلك من باب العبث ولأغراض معينة وليس بدون الإصرار والترصد. زمن يقوم بذلك فإنما يريد أن يزعم أن الواقع الدامي والاضطهاد العنصري الغاشم، الذي تعرض له اليهود إبان الحقبة النازية مجرد كذبة تاريخية ليس إلا. وكل هذه الادعاءات تتطابق في مضمونها بشكل دقيق مع الإيديولوجية المعادية لسامية التي كان يتبناها النازيون والذين اختاروا في ذلك الوقت اليهود والأقليات الأخرى ليكونوا كبش فداء. ولم يقم معظم الشعب الألماني آنذاك بالوقوف ضد هذه الإيديولوجية فمنهم من صبر وغض الطرف عن ذلك ومنهم أيضا من انساق ورائها. (....)