"تسونامي" الأغنية الرياضية يجتاح الجزائر مع المونديال
٢٢ يونيو ٢٠١٤تلقى الأغنية الرياضية رواجا كبيرا في أوساط الجزائريين منذ تأهل "محاربي الصحراء" إلى كأس العالم 2014 الجارية فعالياتها بالبرازيل، حيث أنعش الطلب المتزايد على الأغاني التي تشجع الفريق الوطني أسواق الأقراص المضغوطة، الأصلية منها والمقلدة، وحققت أرقاما قياسية في عدد مبيعات الألبومات.
ورغم الخسارة التي عرفها رفاق بوقرة في أول ظهور لهم بالمونديال أمام بلجيكا، إلا أن "إعصار" الأغنية الرياضية لا يزال يصنع ديكور الشوارع والمقاهي والمحلات التجارية في كل مدن وقرى الجزائر. بل أصبحت تلك الأغاني الأكثر طلبا في الأفراح والمناسبات، وعبر محطات القنوات التلفزيونية العامة والخاصة وكذلك الإذاعات، مما جعل المنتجين يسارعون إلى إصدار ألبومات لفنانين محترفين وكذلك لهواة معروفين بمناصرة فرقهم والفريق الوطني وتوزيعها للاستفادة من حمى المونديال لتحقيق الأرباح.
شبكات التواصل الاجتماعي.. الأثر والتأثير
وساهمت شبكات التواصل الاجتماعي كثيرا في نشر هذه الأغاني وسرعة الترويج لها، فصارت صفحات الجزائريين تعج بمئات الأغاني وتسجل لها أرقاما قياسية من المشاهدات، وتم إطلاق أغنية على"اليوتيوب" بعنوان "حب الجزائر"، أطلق عليها مغنوها "الأغنية الرسمية" للجزائر في مونديال البرازيل. ووصل عدد مشاهداتها على موقع الفيديوهات إلى أكثر من نصف مليون مشاهدة خلال أيام قليلة فقط، في ترجمة للتأثير الكبير للأغنية الرياضية على الشباب الجزائري هذه الأيام.
ويؤكد كمال، تاجر للألبسة الرياضية، بأنه يتابع باستمرار أغاني المنتخب الجزائري ويسارع إلى شراء أحدثها لضمها إلى مجموع ألبوماته، والتي ترافقه في البيت والسيارة ومكان العمل، ويضيف كمال لـDWعربية: "الفريق الوطني هو الوحيد الذي يجعلنا نفتخر بجزائريتنا، وأغانيه تزيدنا حماسة لتشجيع الخضر في المونديال، وتدخل معها الفرح والسرور على يومياتنا، على أمل التأهل للدور الثاني".
وتركز أغلب الأغاني في كلماتها على ألوان العلم الوطني (الأخضر والأبيض والأحمر)، ورمزيته الثورية، كما هو شأن أغنية الشابة دليلة "ريو دي جانيرو" التي سلطت الضوء على تتويجات الخضر عبر السنوات الماضية، واستوحت كلماتها من معاني ألوان العلم الوطني. كما غنى الشاب وحيد "مونديال البرازيل"، التي يقول مطلعها: "نقطع جبال وبحور ونشوفو أعلامنا في الأمازون".
ونظرا للنجاح الذي تحققه الأغنية الرياضية فقد ركب أغلب الفنانيين موجة هذا النوع من الأغاني، على غرار الشاب بلال الذي قدم أغنية بعنوان "شرفتونا يعطيكم الصحة"، وكادير الجابوني في أغنية "الدزاير بلادنا واحنا ولادها"، وكذلك الشاب خلاص في أغنية "الجزائر العزيزة"، التي تلاقي رواجا كبير بين الشباب على شبكات التواصل الاجتماعي.
والأمر لا يقتصر على الجزائريين فقط، حيث بادر فنانون عرب بدعم "الخضر" عبر أغانيهم.
تشجيع عربي
ومن بين الفرق الغنائية العربية، التي دخلت ساحة تشجيع ممثل العرب الوحيد في المونديال، تبرز الفرقة التونسية "أولاد جويني"، التي أهدت المنتخب الجزائري أغنية لقيت نجاحا كبيرا بين الجماهير الجزائرية. ونفس الشيء قام به الفنان الفلسطيني محمد المدلل بإنتاج أغنية بعنوان "يا جزائر يا غالية" للتأكيد على دعم الشعب الفلسطيني ومساندته الكاملة للمنتخب الجزائري.
وفي الخارج عبر فنانون جزائريون مغتربون عن انتماءهم وتشجيع منتخب بلادهم الأم عبر الفن، مثل أغنية "هذا العام نديرو لهبال" للشاب ياسين التي صورت في الولايات المتحدة بكلمات جزائرية خالصة. وأغنية ”1،2،3” من تقديم فرقة "وارد ريجيو" الفرنسية الجزائرية.
الكلام الملتزم
ومما يميز "كوكتيل" الأغاني الرياضية الجزائرية لمونديال 2014 الكلمة الملتزمة البعيدة عن السب والشتم، التي تميزت بها بعض الأغاني الرياضية المشجعة للفرق المحلية، وهو ما استحسنه الجميع. حيث يقول عمي مختار، متقاعد ومناصر فريق مولودية الجزائر: "لقد أبدع فنانو الجزائر وشبابها في نسج كلمات أغاني، نسمعها مع العائلة دون أن تخدش كلماتها حيائنا".
وما ميز هذه الأغاني أيضا غياب الصورة عن أغلبها؛ فرغم مواكبة القنوات الجزائرية الخاصة، حديثة العهد، لأول مرة لكأس العالم إلا أن الفرق الغنائية لم تقم غالبا بتسجيل فيديو كليب لأغانيها، واعتمدت في الترويج لمنتوجها الفني على اليوتيوب والصور الثابتة، باستثناء بعض المغنين على غرار الشاب عبد العالي البريكي في أغنية "اجبد لعلام" والتي ركز صاحبها على صور لتاريخ الجزائر كخلفية لكلمات الأغنية، وأغنية "البرازيل رانا رايحين" التي يشارك فيها مغني الراب كريم الغانج.
فورة صاخبة ذات عمر قصير
ويعتقد الموسيقي عبد القادر حماش أن أغلب أغاني المنديال يغلب عليها "التسرع في الإنتاج والطابع التجاري، حيث أصبح كل هاوٍ ينتج أغنية" بكلمات وألحان بسيطة ترتكز في أغلبها على إيقاع واحد هو 6 على 8، ويضيف عبد القادر لـDW أن الأغنية الرياضية تستلهم ألحانها من أهازيج المشجعين في المدرجات، وإدخال بعض المؤثرات الصوتية الصاخبة، وهي في أغلبها مكررة مع بعض التغييرات في الكلمات فقط. ويرى عبد القادر بأن الأغنية الرياضية مناسباتية لا تعيش طويلا في وجدان الشعب الجزائري، فهي مرتبطة بنجاح الفريق الوطني الجزائري وسرعان ما "يأفل نجمها" بمجرد الخسارة أو انتهاء المناسبة الرياضية.
ويعود ظهور الأغنية الرياضية في جزائر الاستقلال وانتشارها بشكل واسع إلى بداية سنوات الثمانينات، عندما حقق المنتخب الجزائري نجاحات كروية في مونديال 1982 و1986. حينها أطلق الفنان الكبير رابح درياسة أغنيته الشهيرة "هيا ندخلو لاسبانيا"، وأغاني الصادق جمعاوي التي شجع فيها المنتخب الوطني في أغنيته الشهيرة "جيبوها يا لولاد"، والتي لاتزال إلى الآن تطبع أهازيج المناصرين في مدرجات الملاعب.