1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

تساؤلات في الجزائر حول خلفيات حملة واسعة على الخمارات

٣٠ أكتوبر ٢٠١١

حملة مكثفة تقوم بها بعض الأوساط في الجزائر على الخمارات، ظاهرها "الحفاظ على أخلاق الشباب"ويتصدرها إسلاميون. ومتتبعون يرصدون خلفيات سياسية ومصالح تجارية وراء هذه الحملة غير المسبوقة على محلات بيع الخمور.

https://p.dw.com/p/131De
حل بيع خمور، تعرض للتخريب من قبل محتجين في الجزائرصورة من: DW

تتعرض محلات بيع الخمور في الجزائر إلى حملة غلق من قبل السلطات المحلية بعد احتجاجات شنها سكان بعض المدن ومطالب رفعها إسلاميون بوضع حد للخمارات ومحلات بيع الكحول في حين يرى منتجو الكحول وأصحاب هذه المحلات ان مافيا الخمور وإسلاميين يريدون استغلال الشارع لتحقيق أهداف معينة.

موقع دويتشه فيله تجول في عدد من الأحياء التي شهدت احتجاجات ضد محلات بيع الخمور، ورصدت آراء مختلفة من الشارع والأطراف المعنية بهذه القضية، التي باتت تشغل اهتمام قطاع واسع من الرأي العام الجزائري.

مخاوف من تفشي "الفساد الأخلاقي"

Alkoholladen in Algerien FLASH-GALERIE
حانة بالجزائر العاصمة تعمل منذ عقود من الزمنصورة من: DW

تعتبر مدينة عين البنيان الواقعة في الضاحية الغربية للجزائر العاصمة من بين المدن الجزائرية المعروفة بانتشار محلات بيع الخمور وشهدت المدينة احتجاجات عنيفة ضد هذه المحلات، يقول أفراد من سكان الحي الذين تحدثوا لدويتشه فيله، إن الخمارات أصبحت محل إزعاج للسكان الذين أضحوا "يخافون على أبنائهم من الانحراف". ويوضح فؤاد 23 سنة ، طالب جامعي كان جالسا بالحي، انه كان ضمن جماعة من الشبان الذين قاموا "بتكسير احد المحالات رفقة أصدقائي بعد ان خرج شاب ثملا في منتصف الليل واخذ في السب والشتم وإزعاج السكان"، أوضح فؤاد أن السكان لم يكونوا لينتفضوا لولا ان خرج الأمر عن السيطرة وقال بلهجة حادة "المسألة باتت تتعلق بأعراض بنات الحي ايضا، فكثيرا ما يخرج رجال ثملون يتحرشون بالبنات ولا يمكن السكوت عن هذا الأمر".

سألنا سمير وهو أيضا شاب من سكان الحي، عن سبب عدم غلق كل المحلات قال "بعد ان انتفضنا بسبب انتشار محلات بيع الخمو اكتشفت البلدية أن معظمها تتهرب من دفع الضرائب وانها غير مصرح بنشاطها ولهذا تقرر غلقها ". وأضاف الشاب ان في السنوات الأخيرة وبسبب غض السلطات المحلية الطرف عنها تحولت إلى بيوت للدعارة ومصدر إزعاج السكان ،" قاطع عمي فاتح الشاب وقال "هناك محل يفتح صباحا على أساس انه مطعم ويبيع الكحول لكن في الليل يتحول إلى ملهى".

عبر سكان عين البنيان الساحلية عن امتعاضهم لتحول المحلات إلى بيوت للدعارة سيد علي ، 50 سنة ، يقول "ان مسالة شرب الخمر مسألة شخصية بحتة وكل حسب قناعته الدينية " لكنه أضاف " أن تتجاوز هذه الحرية الشخصية حدودها لتصبح محل إزعاج الآخرين هذا مل لا يقبل و كثيرا ما تقع جرائم قتل".

Mohamed Hadibi
محمد حذيبي نائب في البرلمان الجزائريصورة من: Mohamed Hadibi

دخول الإسلاميين على الخط

تتواجد معظم محلات بيع الخمور وأكثر المطاعم التي تبيع المشروبات الكحولية في مناطق آهلة بالسكان، مثل ما هو الحال بحي العناصر بالعاصمة حيث احتج سكان على محلات بيع المشروبات الكحولية وهاجموا محلا يقع في الطابق السفلي لإحدى عمارات الحي و تم إتلاف وحرق جزء منه. وأعقب ذلك تدخل مصالح الأمن التي اشتبكت مع المحتجين، ويروي محمد وهو شاب عاطل عن العمل يقطن بالحي إلى ان" المحل عاد للنشاط بعد نحو خمسة أشهر من التوقف وهذا ما لم يهضمه السكان حيث تجددت مظاهر مسيئة للأخلاق العامة من الوافدين على اقتناء الخمور، وقال الشاب (34 سنة) "لقد اصبحت هذه المحلات مصدرا للرذيلة والإجرام ونحن متخوفون على الأطفال ومراهقين الحي" .

وقال سكان حي العناصر أن تنظيم يطلق على نفسه "الصحوة الحرة" لأبناء مساجد الجزائر يتشكل من أعضاء سابقين في الجبهة الإسلامية للانقاذ المحلة ، وزع بيانا في المساجد طلب فيه لجان الأحياء تقديم لوائح الاحتجاج إلى السلطات تطالب بغلق محلات بيع الخمور بسبب انتشار ما يصفه بـ"الفساد الأخلاقي". وقد تحدثنا مع امام مسجد الرحمة بوسط المدينة حول ابعاد الدور الذي يسعى اسلاميو جبهة الانقاذ للقيام به الموضوع، فقال الشيخ إسماعيل إن "تدخل الإسلاميين يهدف فقط لتجسيد مبدأ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حيث حاول هؤلاء حمل السلطة للتدخل للحد من انتشار هذه المحالات خوفا على شاببنا" .

ويقول النائب في البرلمان محمد حذيبي عن حركة النهضة الإسلامية (من بين الأحزاب التي عارضت استيراد الخمور) في لقاء مع دويتشه فيله إن "تواطؤ مسؤولين نافذين في توفير الحماية غير القانونية لفتح الخمارات والكباريهات، نجم عنه انتشار الجرائم والأفعال المخلّة بالحياء، وباتت بؤر توتر في المجتمع"، وأوضح النائب أن الدستور الجزائري" يمنع ممارسة أي سلوك مخالف للسلوك الاجتماعي وضرورة مراعاة الأخلاق العامة" وحمّل مسؤولية انتشار محلات بيع الخمور إلى الدولة التي تخلت عن مهامها الرقابية في المجتمع".

Alkoholladen in Algerien FLASH-GALERIE
محتجون احتشدوا أمام محل لبيع الخمور في الجزائر ويطالبون بإغلاقهصورة من: DW

"تحريك الشارع ضد الخمارات وراءه سياسة وربح"

لم تتعرض جميع بيع محلات الخمور للغلق، ففي وسط العاصمة نجد ان محل عمي بوعلام بائع الكحول بالديوان الوطني للتزويد بالمشروبات الكحولية بحي ديدوش مراد لا يزال يشتغل بشكل عادي، ويعتبر عمي بوعلام ان ما وقع لا يعدوا ان يكون محاولة من قبل عدد من أعضاء حزب جبهة الإنقاذ المنحل، استغلال الشارع من اجل جلب أنظار السلطات. وذهب عمي بوعلام بعيدا عندما اتهم الإسلاميين بتحريك الشارع ضد السلطة بعد ان فشلت كل السبل لتحقيق الثورة، حسب رأيه. ويروي عمي بوعلام انه "يشتغل بالمحل منذ ان أقر الرئيس الراحل هواري بومدين تقنين هذه المهنة بمرسوم رئاسي ولم يحدث ان تذمر الشارع من تواجد هذه المحالات حتى في العشرية السوداء عندما حاول الإسلاميون السيطرة على النظام".

اعترف شاب دخل محل عمي بوعلام للتزود بقنينات خمر من اجل مطعمه أن بعض محالات بيع الخمور باتت بؤرا "للإجرام والفساد" وقال الشاب الذي شارك عمي بوعلام الحديث " أعتقد أن محلات غير مرخص لها وتشتغل بطريقة غير قانونية هي التي باتت تزعج المواطنين وأنها هي التي تتعرض للغلق".

ويرى حميد، 30 سنة، سائق طاكسي في حي العناصر واحد الوافدين على محلات بيع الخمور أن هذه المحالات تتواجد منذ العهد الاستعماري ولم يسبق وان اشتكى احد وتساءل الرجل لماذا الآن أصبحت تشكل إزعاج بالنسبة إليهم ؟ لكنه أكد أن الأمور ستعود إلى ما كانت عليه وان هذه المحلات سيعاد فتحها فلقد غلقت قبل سنة وعادت للنشاط .

ويرى رئيس جمعية إنتاج المشروبات الكحولية علي حماني انه لا يحق للدولة أن تستجيب لضغوطات الشارع. وقال أن هذا النشاط منظم ونقاط البيع هذه متواجدة منذ الثورة(التي جاءت باستقلال البلاد) لكن لاحظنا انه ما بين سنتي 2008 و2010 أصبحت تشكل مشكل. واتهم حماني في حوار مع دويتشه فيله إسلاميين باستغلال الشارع لتحقيق أهداف سياسية كما اتهم أيضا ما اسماها "مافيا الخمور"، و أكد ان استجابة الدولة لهؤلاء ستشجع بروز ما يعرف بتجارة بيع الخمور غير الشرعية، وهذا ما يصبو إليه تجار المخدرات والمجرمون، كما يقول. ومن جهة أخرى يتهم المتحدث الإسلاميين باستغلال شكوى بعض السكان من بعض المحالات غير الشرعية من اجل تحريك الشارع ضد النظام.

رانيا سليمان - الجزائر

مراجعة: منصف السليمي