1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW
مجتمعإسبانيا

تحقيق: سلطات المغرب "نصبت فخاً" لمهاجرين على حدود مليلية

١ يوليو ٢٠٢٤

بعد عامين على مأساة مقتل 23 مهاجراً على الأقل أثناء محاولتهم عبور الحدود بين المغرب وجيب مليلية الإسباني، أصدرت منظمات غير حكومية نتائج تحقيق للوقوف على حيثيات هذه الفاجعة.

https://p.dw.com/p/4hWMa
بعد مأساة مليلية الاتحاد الأوروبي وبروكسل يتوصلان إلى اتفاق لـ"مكافحة الاتجار بالبشر"
بعد مأساة مليلية الاتحاد الأوروبي وبروكسل يتوصلان إلى اتفاق لـ"مكافحة الاتجار بالبشر"صورة من: Javier Bernardo/AP/picture alliance

في 24 حزيران/يونيو 2022، حاول نحو 2000 مهاجر، غالبيتهم من السودانيين، عبور الحاجز الذي يفصل بين مدينة الناظور المغربية وجيب مليلية الإسباني.

ويمثل جيبا سبتة  ومليلية الإسبانيان، الحدود البرية الوحيدة بين الاتحاد الأوروبي  وقارة أفريقيا، ويحاول المهاجرون الدخول إلى هذين الجيبين لطلب اللجوء.

ووفقاً للسلطات المغربية، فقد 23 مهاجرا حياتهم في ذلك اليوم، وهو أكبر عدد من القتلى يتم تسجيله على الإطلاق خلال محاولات عبور المهاجرين عبر هذا الجيب. لكن وبالنسبة للجمعية المغربية لحقوق الإنسان، فالحصيلة الحقيقية أكبر من ذلك: 27 قتيلا وأكثر من 70 مفقودا.

"فخ الحدود بين الناظور ومليلية"

وعملت منظمة "Border Forensics"، التي توثق العنف على الحدود، ومنظمة "إريديا" غير الحكومية والجمعية المغربية لحقوق الإنسان، لمدة عام على إجراء تحقيق لشرح أسباب هذا العدد الكبير للضحايا، ونُشر في 18 حزيران/يونيو الجاري، بعنوان "فخ الحدود بين الناظور ومليلية".

جيبا مليلية وسبتة
جيبا مليلية وسبتة

وفي اتصال مع مهاجرنيوز، قالت إلسا تيزلر، وهي باحثة تتعاون مع منظمة "Border Forensics"، وكانت الباحثة الرئيسية في هذا التحقيق، "لقد أجرينا تحقيقا طويلا جدا من خلال الجمع بين عدة طرق بحثية. أجرينا مقابلات مع الأشخاص الذين نجوا من هذه المجزرة، وكان عددهم أكثر من 30. كما أجرينا مقابلات مع عناصر فاعلة على جانبي الحدود. وبعد ذلك قمنا بالتحليلات الإحصائية الجغرافية وتحليل الصور. لقد حصلنا أيضا على صور الأقمار الصناعية التي تتيح لنا دعم بعض حججنا".

وأضافت "بالنسبة لنا، من الواضح بعد هذا التحقيق، أن المذبحة لم تكن مجرد حادث بل كان القمع مُعدا مسبقًا بطريقة ما".

وشهدت السنوات الأخيرة تقلبات عديدة في العلاقات بين مدريد والرباط، ويرى مراقبون إن المغرب استخدمت ملف الهجرة  والحدود للضغط على إسبانيا. ووقعت مأساة حزيران/يونيو 2022 في فترة اتسمت بتحسن العلاقات المغربية الإسبانية.

"بمجرد وصولنا إلى الحدود، وقعنا في الفخ الذي أعدته السلطات لنا مسبقاً"

ووفقاً للتحقيق، توجهت القوات المغربية إلى مخيم "غوروغو" يوم 23 حزيران/يونيو 2022، وأبلغت المهاجرين أن أمامهم 24 ساعة فقط لمغادرة المكان، وإلا "سنعود بأسلحة نارية. وبناء على ذلك، قرر المهاجرون في الصباح الباكر، المغادرة والتوجه نحو الحدود. لكن وعلى عكس المحاولات السابقة لعبور الحدود، سمحت السلطات المغربية لهذه المجموعة الكبيرة من المهاجرين بالوصول إلى الجدار سيرا على الأقدام، وهو أمر غير ممكن في العادة لأن السلطات تمنعهم من الوصول إلى الحدود.

وفي تلك اللحظة، وبناء على وصف المهاجرين أنفسهم في التحقيق، "فهموا أنهم وقعوا في الفخ". وهذا يعني أنه بمجرد وصولهم إلى الحدود، يصبح القمع شاملاً.

وجاء في إحدى الشهادات المذكورة في التحقيق، "عندما وصلنا إلى الحاجز، فجأة أصبح عدد رجال أمن المغاربة كبير جداً. بدأوا بإلقاء الغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي".

وتعلق إلسا تيزلر "تمكن الأشخاص باستخدام أدوات مختلفة، من كسر الباب الذي يفصل بين المركز الحدودي الخاضع للسيطرة المغربية والجزء الخاضع للسيطرة الإسبانية. وتسبب ذلك بحالة من الفوضى، كما نجح بعض الأشخاص في الوصول إلى الجانب الإسباني. وفي تلك اللحظة، وقعت عمليات صد حازمة، حيث تم تسليم 470 شخصا إلى السلطات المغربية".

وبحسب التحقيق، تعرض هؤلاء المهاجرون الذين تمت إعادتهم إلى المغرب، بالإضافة إلى أولئك الذين لم يتمكنوا من العبور إلى الجانب الإسباني، إلى الضرب العنيف جداً داخل المركز الحدودي المغربي، والذي جرت فيه إحدى أشد مراحل هذه المأساة.

وفي شهادة أخرى ذكرها التحقيق، يقول أحد المهاجرين "لم يكن الأمر مجرد ضرب، بل كان هناك كراهية. وسقط البعض من أعلى الجدار فماتوا، وأصيب آخرون. كان هناك ما لا يقل عن 30 قتيلا".

وجاء في شهادة أخرى "لا يمكنك أن تتخيل، كان الدم يتدفق مثل الماء. كان الدم ينزف من رأسي (...) كنت بجوار جثة، التقطتها واختبأت تحتها. كان هناك شاب صغير جدا، عمره 14 أو 15 عاما، كسروا ذراعه وآخر تحطمت رقبته. أحدهم (رجال الأمن) كان يصرخ على أحد المهاجرين المصابين: مُت، ورد آخر: هو يريد أن يموت، فليمت".

وتتابع إلسا تيزلر "بعد عدة ساعات من الضرب والعنف، تم تشكيل مقابر جماعية. وهذا يعني أن السلطات قامت في الواقع بتجميع جثث الموتى والأشخاص الذين ما زالوا على قيد الحياة ولكنهم أصيبوا بجروح خطيرة".

وبناء على التحقيق، ترجع الوفيات إلى ثلاثة عوامل: القمع بمعدات مكافحة الشغب، والقمع بالضرب، وثالثا عمليات التدافع الناجمة عن تعرض المهاجرين للقمع بعد محاصرتهم بجانب الجدار الحدودي.

أما وبالنسبة للسلطات المغربية، فسبب الوفيات هو التدافع فقط، وتعرض المهاجرون "للاختناق الميكانيكي"، وذلك وفقاً لتقرير لجنة مغربية تم إرسالها للتحقيق في أسباب هذه المأساة.

ولم ترد السلطات المغربية أو الإسبانية، اللتان تواصل معهما فريق مهاجرنيوز، على تحقيق "Border Forensics". ولطالما نفى البلدان أي استخدام مفرط للقوة على الحدود.

"دفن جثث 51 مهاجراً خلال ثلاثة أسابيع"

من جانبها، نشرت منظمة العفو الدولية  بياناً أمس الإثنين، طالبت فيه السلطات المغربية والإسبانية بتكثيف جهودها للكشف عن مصير ما لا يقل عن 70 رجلاً، معظمهم من السودان وتشاد، ما زالوا في عداد المفقودين، بعد عامين من هذه المأساة.

مهاجرون تمكنوا من عبور السياج الفاصل بين مليلية والمغرب صباح الجمعة 24 حزيران\يونيو 2022
مهاجرون تمكنوا من عبور السياج الفاصل بين مليلية والمغرب صباح الجمعة 24 حزيران\يونيو 2022صورة من: Jesus Blasco de Avellaneda/REUTERS

وصرح مجد يامين، نائب المدير الإقليمي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية، "إنه لأمر مشين أنه بعد مرور عامين على حملة القمع القاتلة على حدود مليلية، لا تزال عائلات ما يزيد عن 70 شخصا مفقوداً مضطرة إلى النضال من أجل الحصول على إجابات حول ما حدث لأحبائها على أيدي قوات الأمن المغربية والإسبانية. حتى الآن، فشلت السلطات في كل من المغرب وإسبانيا في ضمان إجراء تحقيق شفاف وفعال لتمكين أسر الضحايا من الوصول إلى الحقيقة والعدالة والتعويضات. يجب ألا يُسمح لهم (سلطات البلدين) بإخفاء هذه المأساة بعد الآن".

وفي حزيران/يونيو 2023، سلطت لجنة الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب الضوء على عدم وجود تحقيق فعال في الأحداث المميتة التي وقعت على الحدود، وحثت إسبانيا على التحقيق الفوري في مسؤولية قوات الأمن خلال الأحداث واتخاذ خطوات لضمان عدم تكرار مثل هذا الحادث.

لكن حتى الآن، "نفت  السلطات الإسبانية  ارتكاب أي مخالفات، وواصلت تنفيذ عمليات طرد جماعي غير قانوني لإبعاد الأشخاص على حدودها"، بحسب العفو الدولية.

ونشرت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بالناظور، بياناً أشارت فيه إلى قيام السلطات المغربية خلال الأسابيع الثلاثة الماضية، بعمليات دفن سرية لـ51 جثة تعود لمهاجرين قضوا في الحادثة التي وقعت قبل عامين. وقالت المنظمة إنها وثقت انتشال عدد من الجثث من مشرحة المستشفى الحسني ونقلها إلى مقبرة سيدي سالم بحضور قوات الأمن. وتم دفن ما لا يقل عن 13 جثة في الفترة من 6 إلى 12 حزيران/يونيو الجاري.

ووفقاً للمصدر ذاته، تم دفن الجثث في مقابر دون أي أسماء، تحمل فقط تاريخ الدفن والرقم التسلسلي للمقبرة وجنس الفرد.

مهاجرون أفارقة يتظاهرون ضد العنف الممارس ضدهم
مهاجرون أفارقة يتظاهرون ضد العنف الممارس ضدهمصورة من: Infomigrants

وعلق أمجد يامين من منظمة العفو الدولية، بأن "التقارير التي تفيد بأن السلطات المغربية تقوم بعمليات دفن سرية لرفات مجهولة الهوية للمهاجرين واللاجئين الذين قتلوا خلال الأحداث المميتة التي وقعت في يونيو/حزيران 2022، تثير قلقاً بالغاً. وبدلاً من الاستمرار في إخفاء الحقيقة، يجب على السلطات ضمان الشفافية الكاملة، والكشف عن مصير ومكان وجود جميع المفقودين، بما في ذلك أسباب وفاة من تم دفنهم. ويجب عليهم السماح للعائلات بالوصول بشكل عاجل للتعرف على الجثث وتعيين خبراء مستقلين لإجراء تحليل الطب الشرعي".

وبحسب الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، تمت محاكمة 86 شخصاً على الأقل في المغرب، ممن حاولوا العبور إلى إسبانيا وحكم عليهم بالسجن لمدة تصل إلى ثلاث سنوات. وقد أعربت منظمة العفو الدولية في وقت سابق عن قلقها من أن بعض الناجين واجهوا محاكمات غير عادلة.

مهاجر نيوز 2024