1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

تحرير "السبايا" الإيزيديات - جنود مجهولون في مواجهة "داعش"

٢١ أكتوبر ٢٠١٦

تتكرر الأنباء عن المختطفات الإيزيديات من قبل "داعش" وكيف أن بعضهن نجون من أسره، لكن قصص تحريرهن وأبطالها الذين يخاطرون بحياتهم لتحريرهن يبقون بعيداً عن الأضواء. DW عربية تحدثت إلى محرريهن ومخاطر عملهم.

https://p.dw.com/p/2ROZE
Celle Protest Jesidische Frauen Flüchtlinge Sklaven Islamischer Staat
صورة رمزية للأسيرات الإيزيديات لدى "داعش"صورة من: Imago/ZUMA Press

"قضيت 5 أشهر في قبضة داعش مع اثنتين من أخواتي"، تقول هناء، الأسيرة السابقة لدى تنظيم "داعش" الإرهابي. يخيم الصمت على الخط الهاتفي خلال حوارها مع DW عربية. وكانت هناء قد استأذنت من معلمتها في مدرسة اللغة الألمانية بمغادرة الصف للتكلم حول تحريرها من قبضة التنظيم المتطرف بمساعدة أبو شجاع، وهو أحد الذين نذروا أنفسهم لتحرير الفتيات الإيزيديات اللواتي وقعن "سبايا" في يد التنظيم، كما تصفهن أدبياته.

الآن وبعد أن أصبحت ويلات العبودية والاستغلال في براثن "داعش" جزءا من الماضي الذي لا يُنسى، تضيف هناء من إحدى الحدائق العامة في مدينة شتوتغارت الألمانية، أنها - أثناء أسرها أو سبيها- كانت تستغل غياب مقاتلي التنظيم عن البيت لتذهب إلى أحد مكاتب الإنترنت لتتصل بابن عمها للتخطيط لطريقة هربها ومساعدتها في ذلك. النقاب الأسود الذي كانت ترتديه كبقية النسوة في المناطق الخاضعة لـ"داعش" كان يساعدها في إخفاء هويتها الحقيقية، مما يسهل حركتها في شوارع الرقة المليئة بمقاتلي التنظيم وعيونه وحسبته.

"اتصلت بابن عمي هاتفيا وأخبرته عن مكان وجودي"، وبدوره أعلم أبو شجاع بمكان احتجازها، فقام الأخير بإجراء عدة اتصالات بأشخاص متواجدين في سوريا يقومون أيضاً بتحرير الأسيرات. "بعد ذلك جاء أحد المحررين وأعطاني تعليمات بأن أتبعه، فأوصلني أنا وأختي إلى الحافلات التي تذهب إلى تركيا". كان على الأختين قبل أن تصلا إلى بر الأمان أن تتجاوزا بمساعدة "المحرر" نقاط التفتيش المنتشرة في المناطق التي يسيطر عليها التنظيم، لكن هناء تفضل عدم البوح بتفاصيل أكثر خوفاً على عمل "محرري الأسيرات" وسلامتهم على الأرض.

أما أختها الأخرى فكان مصيرها مغايراً ويبقى مجهولاً، "شقيقتي الأخرى أخذوها إلى مكان آخر قبل أن أهرب ولا أعلم بمكانها حتى يومنا هذا". ومع انطلاق عمليات استعادة الموصل من التنظيم الإرهابي تعود قضية المختطفات ومصيرهن إلى الواجهة من جديد.

Screenshot Facebook Befreiung von jesidische Frauen
صفحة أبو شجاع دنايي على الفيسبوكصورة من: Facebook/Zynb

خلايا على الأرض

أبو شجاع دنايي، رجل يتكرر اسمه مع ذكر قصص المختطفات، فبعد أن رأى كيف أن الآلاف من الفتيات والنساء الإيزيديات أُخذن "سبايا حرب" من قبل "داعش"، وجد أن من واجبه تحرير بنات طائفته المختطفات. فعمل مطلع أيلول/ سبتمبر 2014 على إنشاء شبكة مكونة من خلايا تعمل على الأرض بسرية تامة، وذلك بعد شهر من سيطرة "داعش" على قضاء سنجار، الذي تقطنه أغلبية إيزيدية.

ومن خلال البحث عثر أول الأمر على سبع فتيات أسيرات "كانوا في بيت أحد أمراء داعش، وهو من أصول عربية"، يقول أبو شجاع في حوار مع DW عربية.

ويضيف الناشط الإيزيدي: "الخلية الواحدة تتكون من خمسة أشخاص معظمهم من الأصدقاء، ويتسللون إلى المناطق التي يسطر عليها التنظيم، حيث عثروا على الفتيات السبع في مدينة الرقة السورية". وبعد أيام من المتابعة ومراقبة البيت تمكنوا من تحرير الفتيات من قبضتهم وخلال أقل من أسبوع تم إحضارهن إلى منطقة غازي عنتاب التركية.

ومع مرور الوقت توسعت هذه الخلايا. ويوضح أبو شجاع أن عمل الخلية ينقسم إلى مهمتين، الأولى جمع المعلومات عن أماكن احتجاز  المختطفات وعددهن، والأخرى تحريرهن، وهي مهمة عادة ما يتولى أبو شجاع نفسه مسؤولية تنفيذها والبحث عن "مفتاح" اختراق التنظيم بالمال للوصول إلى المختطفة في بعض الأحيان.

"سوق الخلافة"

وكشفت صحيفة عكاظ السعودية مؤخراً عن أن التنظيم أقام صفحة على تطبيق تليغرام للمتاجرة بالأسيرات، وحملت الصفحة تسمية "سوق الخلافة". وأوردت الصحيفة صوراً لإعلانات بيع السبايا، حيث تزداد الأسعار حسب إجادة تدبيرها للأعمال المنزلية وحفظها من القرآن وعمرها وجمالها. الأمر بات مجرداً من أي إنسانية لدرجة أنك تشعر بأن الإعلان عن سلع أو سيارات، يتنافس الزبائن على اقتنائها. وعرضت الصحيفة صور إعلانات لبيع المختطفات تصل أسعارهن إلى 7500 دولار.

Befreiung von jesidischen Frauen und Kindern
أبو شجاع مع إحدى الأسيرات المحررات وأطفالها.صورة من: Abu Shgaa

وفي هذا السياق يقول مرد إسماعيل، المدير التنفيذي لمنظمة يزدا المعنية بالمختطفات الإيزيديات، إن التنظيم لا يجيز بيعهن إلى أهاليهن أو إلى أشخاص من خارج التنظيم المتطرف. إذ يعتبرونهن "غنائم وهن حق لمقاتليه فقط"، يوضح أبو شجاع، الذي يحاول في بعض الحالات من خلال شبكته اختراق "سوق النخاسة"، رافضاً ذكر المزيد من التفاصيل لأسباب تتعلق بسلامة شبكته.

مهربون أم محررون؟

ويكشف أبو شجاع دنايي بأنه تمكن بأساليب مختلفة – يمكن أن يكشفها بعد زوال كابوس "داعش" – من تحرير  نحو 450 شخصاً من بينهم أطفال وفتيات ونساء. وأكد بأن تمويل عمليات التحرير تأتي من متبرعين وأن التعاون مع مكتب رئيس حكومة إقليم كردستان ضئيل.

ويقول في هذا السياق: "دعم الإقليم المادي قليل جداً، وبهذا أضعنا الكثير من الفرص لإنقاذ مزيد من الأسيرات". ويؤكد أبو شجاع بأن عمله هذا هو عمل تطوعي إنساني يخدم فيه أبناء جلدته، مضيفاً: "أعد المختطفات بأنه سوف لن يهدأ لي بال حتى تحرير آخر واحدة منهن"، رغم الصعوبات الكبيرة التي تعتري عمله، إذ لا تحصل شبكته على الدعم المادي الكافي، ما يؤثر سلباً على "تحرير الأسيرات"، كما يقول.

الدور الذي تقوم به شبكة أبو شجاع وغيرها من الشبكات لإنقاذ الأسيرات، كلف البعض من عناصرها حياتهم، لكن البعض يرى فيهم مجرد "مهربين"، وهو ما ينتقده أبو شجاع، معتبراً أنهم "المحررون"، الذين يدفعون حياتهم من أجل قضية إنسانية.

 

Jesdidin Jeside Frau Flucht vor IS
صورة من: Getty Images/AFP/S.Hamed

اعتماد على النفس

وإذا كان الحظ قد حالف المختطفة السابقة هناء في أن تساعدها إحدى "شبكات المحررين" في التخلص من "داعش"، فإن مصير  المختطفة السابقة د. كتبته وقائع أخرى أكثر صعوبة. فقد حاولت الهرب برفقة تسع فتيات أخريات من قبضة التنظيم دون أي مساعدة من الخارج.

 

 

"هربت من البيت الذي كنت مسجونة فيه ولم أعرف إلى أين أتوجه برفقة فتيات أخريات من مدينتي، استغلينا نوم الحراس وهربنا". وتضيف د.، التي تعيش اليوم في ألمانيا برعاية منظمة يزدا الإيزيدية في ألمانيا والتي تهتم بالقضية الإيزيدية وبالفتيات الناجيات من قبضة التنظيم الإرهابي: "يومان كاملان من السير والتخفي دون مساعدة أحد". لكن لم ينفع كل هذا، إذ عثر عليهن مقاتلو التنظيم وتم تعذيبهن واغتصابهن.

لكن هذا لم يمنع د. من الإقدام على الهرب من جديد، وهذه المرة حالفها الحظ بأن "تشفق" عليها زوجة أحد مقاتلي التنظيم، وكانت استرالية الأصل، وساعدتها على الهرب.

محاولة د. تكررت من قبل مختطفات أخريات، يقول مراد إسماعيل، الذي يضيف: "في الأشهر  الأولى من سيطرة داعش على مناطق في العراق كانت الفتيات الإيزيديات يستغلن الفوضى والخلل الأمني بين صفوف التنظيم للهرب. لكن بعد خمسة أشهر توقفت هذه المحاولات، إذ ازدادت المراقبة الأمنية عليهن وبات القتل والاغتصاب الجماعي عقوبة كل من تقدم على الهرب". وأمام هذه القيود والعقوبات وجد البعض منه في الانتحار سبيلاً للخلاص، يضيف الناشط الإيزيدي.

وكشف تقرير عن هيومن رايتس ووتش تعرض الأسيرات إلى التعذيب والاتجار فيهن بين عناصر التنظيم. إضافة إلى تحويلهن قسراً إلى الإسلام وبيعهن وشراءهن في "أسواق العبيد واستخدامهن في الرق الجنسي وتنقلهن بين ما يصل إلى 4 عناصر من داعش".  وأضافت أن الانتهاكات ضد الفتيات والنساء الإيزيديات تشمل ممارسات اختطاف وتزويج قسراً لعناصر "داعش" والتي قد تمثل جزءا من أعمال إبادة جماعية ضد الإيزيدين. وذكرت أيضاً بأن عناصر "داعش" يأخذون الأطفال من أمهاتهن، ويقومون بإيذائهم جسدياً وإجبارهم على الدخول في الإسلام.

زينب عباس الخفاجي