1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

بقاء إسرائيل في خمس نقاط جنوب لبنان..هل يشعل فتيل حرب جديدة؟

ماجدة بوعزة | كيرستن كنيب
١٨ فبراير ٢٠٢٥

أعلن لبنان عن رفضه القاطع لبقاء الجيش الإسرائيلي في النقاط التي وصفها بالاستراتيجية لمراقبة تحركات حزب الله. فهل يشعل إصرار إسرائيل بالبقاء في لبنان فتيل حرب جديدة؟

https://p.dw.com/p/4qhQa
التقطت الصورة يوم 25 كانون الثاني/يناير 2025
دوريات عسكرية إسرائيلية في منطقة النبطية بلبنان/ التقطت الصورة يوم 25 كانون الثاني/يناير 2025صورة من: Stringer/Anadolu/picture alliance

انسحب الجيش الإسرائيلي من كل القرى الحدودية في جنوب لبنان صباح اليوم الثلاثاء، باستثناء نقاط خمس مناطق، مع انتهاء مهلة تطبيق وقف إطلاق النار بين حزب الله وإسرائيل، فيما بدأ الجيش اللبناني انتشاره التدريجي.

وقال الجيش الإسرائيلي الاثنين إنّه سيُبقي "قوات محدودة منتشرة مؤقتا في خمس نقاط استراتيجية على طول الحدود مع لبنان"، مبرّرا ذلك بمواصلة "الدفاع عن السكّان والتأكد من عدم وجود تهديد فوري" من حزب الله.

النقاط الخمسة.. مواقع استراتيجية أم ضغط على لبنان؟

وصفت إذاعة الجيش الإسرائيلي المواقع المعلن عن عدم الانسحاب منها بالقول: "أول هذه المواقع هي سلسلة جبال السلم أو منطقة اللبونة المطلة على بلدة شلومي، والنقطة الثانية هي سلسلة جبال بلاط المطلة على بلدتي شتولا وزرعيت".

ثم "المنطقة المطلة على أفيفيم وكيبوتس مالكيا"، والنقطة الرابعة "تطل على بلدة مرغليوت ذات الأهمية الكبيرة في تعزيز دفاع المنطقة". أما النقطة الخامسة فهي "سلسلة جبال الحمامص".

بالنسبة لميرين عباس، رئيس مشروع مؤسسة فريدريش إيبرت في بيروت، فهذه " المناطق هي في الأساس خمس تلال، تقع فوق البلدات الإسرائيلية على الجانب الآخر من الحدود، لذا فإن الجانب الإسرائيلي يتمتع بطبيعة الحال بميزة تكتيكية إذا بقي في هذه الأماكن".

وأضاف المتحدث في حوار مع DW، أن هذه المناطق "مرتفعة وتسمح برؤية شاملة للمناطق الحدودية، وهذا يعني أن الجيش الإسرائيلي يستطيع من خلالها مراقبة التحركات داخل لبنان بشكل جيد للغاية".

لكن من جهة أخرى، يرى المحلل السياسي اللبناني، داوود رمال، أن هذه المواقع موجودة داخل الأراضي اللبنانية، ولتبقى إسرائيل فيها، فهي بحاجة إلى احتلال شريط حدودي بعمق كيلومتر".

وأضاف المتحدث في حوار مع DW عربية، أنه "إضافة لعدم الالتزام، هناك تحايل من الجانب الإسرائيلي، فإسرائيل تريد إبقاء احتلالها على شريط حدودي، مما يلغي نهائيا الخط الأزرق وقرار مجلس الأمن الذي صدر في مايو عام 2000، وبالتالي قضم المزيد من الأراضي اللبنانية بحجة البقاء في هذه المواقع".

ويشدد الرمال، على أن هذه المواقع "ليست استراتيجية، وإسرائيل ليست بحاجة لها بالنظر لامتلاكها منظومة تجسس متطورة جدا، خاصة الأقمار الصناعية التي تتركز في الأجواء اللبنانية، ترصد بها كل حركة في الداخل اللبناني".

كيف ستتحرك الحكومة اللبنانية في ظل الموقف الإسرائيلي؟

عقب الاجتماع الاستثنائي الثلاثي الذي عقد اليوم الثلاثاء 18 شباط/فبراير في قصر بعبدا - مقر الرئاسة اللبنانية – والذي حضره الرئيس اللبناني جوزيف عون، ورئيس الحكومة نواف سلام، ورئيس مجلس النواب نبيه بري، صدر بيان أكد فيه لبنان على وجوب الانسحاب الإسرائيلي، من كافة أراضي البلاد، وجاهزية الجيش للقيام بكل مهامه.

"موقف الإجماع اللبناني" هذا كما أسماه المحلل السياسي الرمال، "كان لافتا". إذ أوضح المتحدث أن "اعتبار استمرار الوجود الإسرائيلي في أي شبر من الأراضي اللبنانية احتلالا، يعني عمليا العودة إلى نقطة الصفر في مسألة تنفيذ كامل للقرار الدولي 1701".

الصورة التقطت يوم 5 فبراير 2025
عقب الانسحاب الإسرائيلي الجزئي، انعقد اجتماع استثنائي يوم الثلاثاء 18 شباط/فبراير في قصر بعبدا - مقر الرئاسة اللبنانية صورة من: Lebanese Presidency/Anadolu/picture alliance

هذا القرار يوجب تزامن إنهاء الاحتلال الإسرائيلي بالكامل، مقابل بسط الدولة اللبنانية سلطتها على كامل الجنوب حتى الحدود الدولية، وحصرية السلاح بيدها. وهو ما يعني "نزع سلاح الفصائل اللبنانية وغير اللبنانية الموجود على الأرض، أي الفصائل الفلسطينية داخل المخيمات والفصائل اللبنانية من حزب الله إلى الجماعة الإسلامية"، حسب الرمال.

ميرين عباس، يرى أيضا أن "هذا الانتهاك من الجانب الإسرائيلي، يضعف الحكومة الحالية، وبالتالي يضع الحكومة اللبنانية الجديدة، في أزمة كبيرة. كما أنه يثير القلق والإحباط بين المواطنين".

ومما يزيد من أزمة الحكومة اللبنانية حسب المتحدث، أنها "لا تستطيع أن تثبت فعليا أنها قادرة على منع هذا القرار أو دفع الإسرائيليين إلى الوراء، لذا فهي مضطرة إلى الذهاب إلى الأمم المتحدة والاحتجاج مرة أخرى، خاصة أن هذا التأجيل هو الثاني من الجانب الإسرائيلي".

هل يتحرك حزب الله من جديد على الأرض؟

أبدى حزب الله تعاونا مع الحكومة على الأرض، إذ تؤكد الأخبار من الميدان أن المناطق التي دخلها الجيش اللبناني، لم تشهد مقاومة، لكن قيادة الحزب عبرت أيضا عن رفضها بقاء إسرائيل في المواقع الخمسة.

المسألة بحسب المحلل اللبناني داوود الرمال، "لم تعد بين حزب الله وإسرائيل، بل صارت لبنانية إسرائيلية من الآن فصاعدا". وشدد المتحدث على أن "حزب الله وافق على ورقة الالتزامات المتبادلة التي تعد نصوصها واضحة بخصوص الجناح العسكري لحزب الله، فعودة حزب الله للعمل ستكون سياسية في الداخل اللبناني".

الإشكال الكبير الذي يُطرح في هذه المسألة، حسب رئيس مشروع مؤسسة فريدريش إيبرت في بيروت، هو أن "تفاعل الإسرائيليين مع قرار الأمم المتحدة، غير مضمون، وأن بقاءهم في هذه النقاط الخمس من وجهة النظر اللبنانية يشكل احتلالا، وكلما كان هناك احتلال، كانت هناك مقاومة".

"وقد استخدم حزب الله الاحتلال دائما كمبرر لوجوده"، حسب الخبير، وهو الآن يضغط على الحكومة لضمان انسحاب الإسرائيليين بالكامل والالتزام بالقرار".

وتعتبر دول عديدة حزب الله اللبناني، أو جناحه العسكري، منظمة إرهابية. ومن بين هذه الدول الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي وبريطانيا ودول أخرى. كما حظرت ألمانيا نشاط الحزب على أراضيها في عام 2020 وصنفته كـمنظمة إرهابية.

التقطت الصورة في بيروت يوم الجمعة 7 فبراير 2025
مناصرو حزب الله يحرقون الإطارات لإغلاق الطريق المؤدي إلى مطار بيروت الدولي احتجاجا على تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترمبصورة من: Bilal Hussein/AP Photo/picture alliance

حرب جديدة في الافق؟

من خلال التجارب السابقة في لبنان، يرى داوود رمال أن بقاء الجيش الإسرائيلي في المناطق الخمسة "سيفتح المجال أمام فصائل مسلحة لبنانية من أحزاب متعددة للعودة إلى نموذج الثمانينيات والتسعينيات، التي نشطت خلالها فصائل المقاومة عبر عمليات ضد الجيش الإسرائيلي داخل الأراضي اللبنانية، وهذا الأمر ليس في صالح الأمن والسلم الدوليين".

هذه الأزمة، ستكون لها علاقة بالضمانات الأمريكية والفرنسية بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي لكامل الأراضي اللبنانية والانتقال سريعا إلى إنهاء الخلاف على النقاط المتنازع عليها على طول الحدود بين لبنان وإسرائيل.

لكن الأمر "لن يتجاوز اليوم الأزمة"، لأن حزب الله الذي كان يمكن أن يتحرك على الأرض مما يشعل حربا جديدة، قد "فقد كل قدراته العسكرية"، حسب الرمال.

التقطت الصورة يوم  26 يناير 2025
مواطن لبناني مصاب بالقرب من قرية كفر كلا في جنوب لبنانصورة من: Karamallah Daher/REUTERS

وهو ما أكده ميرين عباس أيضا "ضعف حزب الله على المستوى العسكري، وأن إسرائيل نجحت في شل قدرته العسكرية بشكل كامل في الأشهر القليلة الماضية، لكن إسرائيل تريد البقاء، خوفاً من أن ينشط من جديد في جنوب نهر الليطاني".

وتحدث الخبير عن "ضعف الإمدادات من سوريا وعدم السماح للرحلات الجوية القادمة من إيران بالهبوط في لبنان، مما يعني أن حزب الله ليس لديه إمكانية للحصول على الأسلحة". لكن على المستوى السياسي، يرى عباس أن "حزب الله كان نشطا للغاية في الأيام الأخيرة، فقد دعا انصاره إلى مظاهرات عديدة في الشوارع، وأغلقوا الطرق المؤدية إلى المطار، يبدو أنهم ما زالوا قادرين على تعبئة أتباعهم".

وأضاف الرمال أن "حزب الله، لم يبق معه إلا سلاح خفيف، كما أن البيئة التي يتكل عليها حزب الله مدمرة بالكامل ولا تتحمل حربا جديدة". وشدد المتحدث على أن "لبنان أدى قسطه فيما يخص القضية الفلسطينية، وحسم قراره من الآن فصاعدا بالالتزام بالقرار الذي يصدر عن جامعة الدول العربية".

ويرى المحلل اللبناني أن "لبنان قام بكل التزاماته السياسية والإجرائية، وأن الأمور التنفيذية لا يمكن تطبيقها من دون الانسحاب الإسرائيلي الكامل".

وأوضح المتحدث أن "المسؤولية الآن تقع على الولايات المتحدة تحديدا لإلزام الجانب الإسرائيلي بالانسحاب إلى ما خلف الخط الأزرق، والعودة إلى اتفاقية الهدنة الموقع عام 1949، التي تقول إنه لا قوة مسلحة في لبنان إلا القوات الشرعية اللبنانية".

التقطت الصورة في العاصمة اللبنانية يوم 5 ديسمبر 2024
الدمار في منطقة الشياح بعد الصراع بين إسرائيل وحزب الله صورة من: Emilie Madi/REUTERS

عودة النازحين واستقرار الأمن.. في يد من؟

رغم الانسحاب الجزئي لإسرائيل، دعت بلديات لبنانية عدة، الأهالي الى التريّث في العودة لبلداتهم. ورغم الدمار الهائل وغياب مقوّمات الحياة من بنى تحتية وخدمات أساسية، يتلهّف النازحون للعودة إلى بلداتهم الحدودية، لمعاينة ممتلكاتهم وانتشال جثث مقاتلين من أبنائهم، بعدما منعوا من العودة طيلة الأشهر الماضية.

لكن التخوف من اندلاع اشتباكات جديدة على إثر المستجدات، يبقى هاجسا لدى الكثيرين، إلا أن المحللين يرون أن الأمر غير وارد. فالرمال يعتبر أنه "من الجانب اللبناني، ليس واردا نهائيا العودة إلى تجربة الحرب الأخيرة، فلبنان يريد أن تعود منطقة الجنوب وتحديدا جنوب نهر الليطاني إلى حالة الاستقرار والأمن المستدام وأن يبسط الجيش اللبناني بالتعاون مع اليونيفيل سلطته على كامل هذه المنطقة وأن لا يبقى أي وجود مسلح في هذه المنطقة".

لكن الأمر يعود للجانب الإسرائيلي حسب المتحدث، "لأن الانسحاب إلى ما وراء الخط الأزرق، مع استمرار تنفيذ ضربات جوية في العمق اللبناني أو تنفيذ عمليات اغتيال، سيعطل انسيابية تطبيق التزامات لبنان فيما يخص إنهاء أي وجود مسلح خارج الشرعية اللبنانية".

لبنان يدعو واشنطن وباريس لضمان تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار وانسحاب القوات الإسرائيلية

DW Kommentarbild | Autor Kersten Knipp
كيرستن كنيب محرر سياسي يركز على شؤون منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا