1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

بعد مقتل القذافي - بداية مرحلة جديدة في ليبيا مليئة بالتحديات

٢١ أكتوبر ٢٠١١

يجسد مقتل معمر القذافي بداية حقبة جديدة في ليبيا بعد 42 عاما من الحكم الشمولي. لكن تحقيق انتقال ديمقراطي في هذا البلد مقترن بتحديات جسيمة، وفق يرى المحلل السياسي الألماني راينر زوليش في التعليق التالي.

https://p.dw.com/p/12wil

القذافي كان أهان الثائرين عليه من أبناء شعبه، واصفاً إياهم "بالجرذان"في خطاباته التلفزيونية الغريبة. اليوم ردّ عليه هؤلاء الثوار بهجوم مضاد فسلبوا منه حياته: معمر القذافي قُتل وهو يحاول الفرار من مدينة سرت، آخر معاقل أتباعه، بعد أن سيطر عليها خصومه. وعلى ما يبدو فقد أعدِم صاحب التسعة والستين عاماً دون محاكمة. ومات كما كان أعلن بنفسه بحماس ذات مرة في معركة بلاده الأخيرة. وفي حين كان كل العالم لا يزال يتحقق مما إذا كان قـُتـِل بالفعل أم قـُبـِض عليه فقط، كانت أولى رصاصات الفرحة تدوّي في أرجاء طرابلس.

وفي ليبيا وحتى في العالم العربي، لم يذرف أحد عليه دمعة واحدة عليه، إلا قلة قليلة. وكذلك في البلدان الغربية حيث لم يكُن يُنظـَر إلى القذافي، ولا ريب بتاتاً في ذلك، إلا كراعٍ للإرهاب ومبتزّ للأموال ومؤخراً كخصم عسكري أيضاً. ونظراً للخروق الأخلاقية المثيرة للجدل والافتقار إلى التوجه نحو حقوق الإنسان في السياسية الخارجية الأوروبية، تمكـَّن القذافي بين الآونة والأخرى حتى من نصب خيامه الفارهة في بروكسل وباريس. وتودّد إليه القادة من ساسة الاتحاد الأوروبي مثل سيلفيو برلسكوني. وصدّ اللاجئين الأفارقة عن أراضي الاتحاد الأوروبي بأساليب مشكوك فيها أخلاقياً. ولم يغيّر الأوروبيون والأمريكان ما يسمى بسياسة التقارب تجاهه إلا عندما ثار شعبه عليه. وحتى وإن كان الغرب قد ساهم في النهاية مساهمة عسكرية كبيرة في التغيير في ليبيا: فلا يجوز نسيان كل ما سبق - بل ويجب استقاء دروس وعِبَر واضحة والاستفادة منها في التعامل المستقبلي مع الأنظمة الدكتاتورية. ولحد الآن كان الاتحاد الأوروبي يتنصل إلى حد كبير من ذلك.

Deutsche Welle Rainer Sollich
راينر زوليش: خبير شؤون الشرق الأوسط في مؤسسة دويتشه فيله الألمانية.صورة من: DW

وكان تم طرح سؤال عما إذا كان من الأفضل مثول القذافي أمام محكمة ليبية أم دولية. لكن السؤال المهم الآن هو كيف سيتعامل قادة النظام الجديد في ليبيا مع الإرث السياسي الصعب للديكتاتور. وكون أن الرأي العام العالمي كان يعتبر القذافي بالأحرى شخصاً غريب الأطوار فهذا لا يُجيز إخفاء حقيقة أنه كان واحدا من أكثر طغاة العالم العربي وحشية وقسوة. التعذيب والتجسس والاستبداد والمضايقات السياسية كانت من الأمور المعتادة في ظل حكمه لعقود عديدة. وكل هذا يحتاج إلى المعالجة والإصلاح. ولهذا فمن الضروري أن يتم في ليبيا "الجديدة" محاسبة قادة جهازه القمعي. ويجب أن يتم ذلك بديهياً في إطار إجراءات سيادة القانون. ولا يجوز السماح بأية أفعال انتقامية. وقد كان الإعدام المحتمل للقذافي فورياً ودون محاكمة إشارة سلبية للغاية في هذا السياق.

لقد أزاح موت القذافي عبئاً مستقبلياً ثقيلاً عن عاتق الليبيين. ونهايته المفاجئة، التي هزت المشاعر، ليست أكثر من رمز لبداية مرحلة جديدة في هذا البلد النفطي الصحراوي الشمال إفريقي. غير أنه ثمة تحديات سياسية جسيمة. فليس في ليبيا تجربة سياسة متجذرة ولا مؤسسات حكومية عاملة. والبلد يبدأ من نقطة الصفر عملياً.

يجب على قادة المرحلة الانتقالية الإعداد لانتخابات ديمقراطية والحفاظ في الوقت نفسه على توازنات المناطق والقبائل المتناحرة تقليدياً، بالإضافة إلى الاتجاهات السياسية المختلفة - من الديمقراطيين المستوحين فكرهم من أوروبا إلى الإسلاميين. ولا يمكن لليبيا أن تحقق هذا كله وحدها. يجب عليها أن تجد طريقها الخاص بها بنفسها، ورغم ذلك عليها أيضاً التعويل على المساعدات الدولية. وينبغي عليها أيضاً ألاّ تحاول تجنب قبول هذه المساعدات.

تعليق: راينر زوليش

مراجعة: شمس العياري

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد