1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW
سياسةروسيا الاتحادية

بعد طلب "الحماية" ـ قصة ترانسنيستريا الطامحة للانضمام لروسيا

منير غايدي
٣ مارس ٢٠٢٤

دعت سلطات إقليم ترانسنيستريا الانفصالي في مولدوفا، روسيا إلى حماية الإقليم، ما أثار مخاوف إزاء تجدد الصراع وتوسع الحرب الروسية في أوكرانيا. فماذا قصة ترانسنيستريا ولماذا يسعى الإقليم للعودة إلى تحت العباءة الروسية؟

https://p.dw.com/p/4d526
مازال إقليم ترانسنيستريا الانفصالي في مولدوفا يحافظ على الإرث السوفيتي سوءا بالتماثيل والجداريات والأعلام التي ترمز إلى هذه الحقبة
مازال إقليم ترانسنيستريا الانفصالي في مولدوفا يحافظ على الإرث السوفيتي سوءا بالتماثيل والجداريات والأعلام التي ترمز إلى هذه الحقبةصورة من: AA/picture alliance

يقف إقليم ترانسنيستريا - الذي يُنسب إلى نهر دنيستر الذي يفصله عن أوكرانيا - على النقيض من الدويلات السوفيتية الانفصالية الأخرى غير المعترف بها دوليا، حيث ظل الإقليم الانفصالي ينعم بوضع سلمي رغم التوترات الإقليمية.

لكن عقب الغزو الروسي لأوكرانيا أواخر فبراير / شباط عام 2021، عادت أجواء التوتر من جديد لتخيم على الإقليم الانفصالي في  مولدوفا  ما أثار تحذيرات من أن يصبح بؤرة صراع جديدة في أوروبا الشرقية.

وفي أحدث تصعيد للتوترات، أصدرت سلطات الإقليم الموالية لروسيا، بيانا رسميا حمل دعوة موسكو إلى حماية المنطقة الانفصالية ضد مزاعم "ضغوط متزايدة" من الحكومة المولدوفية. وزعم البيان أن مولدوفا "تضر باقتصاد" ترانسنيستريا و"تنتهك حقوق الإنسان والحريات فيه".

بيان طلب "الحماية الروسية" أثار تساؤلات حيال توقيته وسط مخاوف من أن يؤدي ذلك إلى تجدد صراع قديم يعود إلى حقبة ما بعد تفكك الاتحاد السوفيتي.

الحقبة السوفيتية

أعلنت منطقة ترانسنيستريا نفسها مستقلة عام 1990 بالتزامن مع قيام الاتحاد السوفييتي في حينه بتخفيف قبضته على دول أوروبا الشرقية التي عمدت إلى استقلالها واحدة تلو الأخرى. وتلي ذلك اندلاع صراع بين القوات الانفصالية الموالية لحكومة ترانسنيستريا المدعومة من روسيا من جهة والقوات الموالية لحكومة مولدوفا من جهة أخرى. واستمر الصراع حتى التوصل إلى وقف إطلاق النار في يوليو / تموز عام 1992.

قبل أيام، طلب انفصاليو إقليم ترانسنيستريا الحماية الروسية
قبل أيام، طلب انفصاليو إقليم ترانسنيستريا الحماية الروسيةصورة من: ASSOCIATED PRESS/picture alliance

ونصت بنود الهدنة على نشر فرقة عسكرية من الجيش الروسي  تسميها موسكو "قوات لحفظ السلام" في المنطقة فيما استمر انتشارها حتى اليوم بقوام يبلغ قرابة 1500 جندي روسي

وقد بسطت الحكومة الانفصالية المعروفة باسم "جمهورية ترانسنيستريا المولدوفية"، سيادتها على الإقليم منذ عقود.

ورغم امتلاك الإقليم عملته المحلية وعلمه الخاص، إلا أنه ظل يفتقر إلى الاعتراف الرسمي سواء من الأمم المتحدة أو من أي دولة بما في ذلك روسيا  باستثناء منطقتي ابخازيا واوسيتيا الجنوبية الانفصاليتين غير المعترف بهما.

حماية الناطقين باللغة الروسية؟

وقبل مناشدة "الحماية الروسية"، قرر نواب ترانسنيستريا التجمع في تيراسبول في مؤتمر استثنائي عام 2006 حيث قرروا إجراء استفتاء على الانضمام إلى روسيا حيث دعم أكثر من 95% من الناخبين الانضمام إليها رغم افتقار التصويت إلى الاعتراف الدولي فيما لم تستجب موسكو للطلب.

بيد أن الإعلان الأخير أثار تكهنات بأن الإقليم الانفصالي قد يجدد دعوته التي أطلقها عام 2006 للانضمام إلى روسيا، لكن اللافت أن بيان برلمان الإقليم أو ما يُعرف بـ " كونغرس ترانسنيستريا" حمل دعوة لموسكو لتوفير "سبل حماية أكبر" للمواطنين الروس البالغ عددهم 220 ألفا في ترانسنيستريا.

وعزا البيان سبب طلب "الحماية الروسية" إلى ما وصفه بـ "ضغوط متزايدة" من مولدوفا مع مزاعم قيامها "بالإضرار باقتصاد" الإقليم و"انتهاك حقوق الإنسان والحريات على أراضيه".

ويتشابه بيان سلطات ترانسنيستريا مع مزاعم الانفصاليين الموالين للكرملين في شرق أوكرانيا الذين يتهمون كييف منذ سنوات بقمع السكان الناطقين بالروسية في شرق البلاد.

وأثار البيان المخاوف من أن تقدم  روسيا على استغلال الأزمة لزعزعة استقرار مولدوفا الواقعة في أوروبا الشرقية والطامحة للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي.

على الرغم من كون اللغة الروسية هي الرسمية في ترانسنيستريا، إلا أن السكان الروس لا يشكلون غالبية سكان الإقليم الذي يتميزون بتركيبة عرقية متنوعة. فقد كشف تعداد أجرته سلطات ترانسنيستريا الانفصالية عام 2015 عن أن حوالي 30% من سكان الإقليم البالغ عددهم 470,000 نسمة، يعرفون أنفسهم بأنهم روس في حين أن ما يقرب من 29% يعرفون أنفسهم بأنهم مولدوفيون و23% أوكرانيون فيما يحمل عدد كبير من سكان الإقليم جنسية مزدوجة أو ثلاثية هي مولدوفا أو روسيا أو أوكرانيا.

وشهدت العقود الأخيرة تبادلا اقتصاديا واسع النطاق بين إقليم ترانسنيستريا ومولدوفا. ورغم ذلك، فإن الاقليم الانفصالي يحصل على إمداداته من الغاز ومصادر الطاقة الأخرى مجانا من روسيا.

سبب مناشدة روسيا؟

ومنذ اندلاع الحرب الروسية في أوكرانيا، يعاني إقليم ترانسنيستريا من نقص في الموارد والإمدادات حيث كان جُل المساعدات الروسية يأتي إلى الجيب الانفصالي عبر ميناء أوديسا الأوكراني، بيد أنه عقب الحرب، قامت أوكرانيا بإغلاق حدودها مع ترانسنيستريا ردا على الغزو الروسي.

وعلى وقع ذلك، بات الوصول إلى ترانسنيستريا منحصرا على حدوده مع مولدوفا، التي أغلقت أيضا مجالها الجوي أمام الطائرات الروسية بعد فترة وجيزة من الحرب فيما أثارت جهود شيسيناو، عاصمة مولدوفا، لتوحيد المنطقة، قلق سلطات ترانسنيستريا.

يمتلك إقليم ترانسنيستريا الانفصالي عملة وعلم خاص به، لكن لا يحظى باعتراف دولي من الأمم المتحدة وجميع دول العالم بما في ذلك روسيا.
يمتلك إقليم ترانسنيستريا الانفصالي عملة وعلم خاص به، لكن لا يحظى باعتراف دولي من الأمم المتحدة وجميع دول العالم بما في ذلك روسيا.صورة من: AA/picture alliance

بتمسكها بترانسنيستريا كجزء من أراضيها المعترف بها دوليا، اتبعت مولدوفا نهجا يرمي إلى دمج اقتصاد الإقليم مع اقتصادها الوطني مع تقليل الاعتماد على روسيا.

وفي عام 2014، أبرمت حكومة مولدوفا  اتفاقية تجارة حرة مع الاتحاد الأوروبي، مما أتاح لترانسنيستريا إمكانية الوصول إلى السوق الأوروبية ما يحمل في طياته تنافسا مع روسيا في مجال التصدير.

وفي مطلع العام الجاري، جرت المصادقة على تشريع يُلزم الشركات العاملة والمتواجدة في إقليم ترانسنيستريا بالتسجيل ضمن الإطار القانوني لمولدوفا للحصول على تصاريح لاستمرار النشاط التجاري وأيضا دفع رسوم جمركية.

الجدير بالذكر أنه في يونيو/حزيران 2022، وافق الاتحاد الأوروبي على ترشّح مولدوفا لعضويته وتعالت أمال شيسيناو أواخر العام الماضي عقب إعلان المفوضية الأوروبية عن خطط لبدء مفاوضات انضمام مولدوفا  وأوكرانيا إلى التكتل الأوروبي.

يتزامن ذلك مع اتهام حكومة مولدوفا الكرملين بالمضي قدما في حملة ترمي إلى زعزعة استقرار البلاد.

أعده للعربية: محمد فرحان